من أروقة الحياة..
22-08-2019
هاشم الصفار
أهمية الوقت:
لا بد من الانتباه دائماً لجدوى الوقت الذي نمضيه هنا أو هناك، عمل، قراءة، زيارة، سفرة، أو أي شيء آخر.. المهم أن تكون تلك اللحظات فعلاً مكمّلة أو فاعلة أو تخلق ايجابية مثمرة لدينا، نفع مادي، معنوي، روحي، ترفيهي.. ولكن نجد أن البعض يرتادون أماكن اللهو، أو الجلوس هكذا في الطرقات مع أصحابهم.. وهذا جيد أحياناً إن كانوا برفقة أناس جيدين يتحدثون ويتصرفون بمنطق وإيجابية، أناس يتسمون بالطيبة، والأخلاق، والكلام اللطيف الحسن، ولا يتفوهون بالفحش والرذيلة والبذاءة..! فلننظر أين، ومع مَنْ، نجلس، ونستمع، ونتحاور، ونصادق..؟ نجلس مع أناس يضيفون لحصيلتنا المعرفية أشياء جديدة، نتعلم منهم ما ينفعنا، وليس القيل والقال، وإثارة الفتن والغيبة والسخرية، وتسقيط الآخرين بالهمز واللمز والفحشاء...!
أمر مأساوي حقيقة عندما ندع أبناءنا فريسة سهلة لهؤلاء، بحجة صديق أو جار أو زميل دراسة أو عمل..! علينا دائماً أن ننظر ونختار ونوجه لأبنائنا الأصدقاء الجيدين النافعين الذين نلاحظ مدى تأثيرهم الايجابي على أبنائنا، فإن وجدنا حالهم قد تغير للأسوأ بمجرد صداقتهم لفلان أو فلان، فعلينا التدخل سريعاً، وإنهاء علاقتهم بهؤلاء.. وهذا الأمر قلما نجده في أسرنا اليوم، وفي علاقة الوالدين بأبنائهم، فتجد القطيعة، وكلّ في واد حيرانَ بشغله وشؤونه، متناسينَ الفعل الساحر للأصدقاء على سلوك شبابنا، وأبنائنا، والذي يعدلُ مئات المرات تأثيرنا عليهم، أو تأثير معلم ما، أو خطيب منبر، أو أو أيّ موجه أو توجه ملتزم آخر..!
التربية:
مصطلح عام يشمل كل مراحل التربية والتهذيب التي يتلقاها الفرد من محيطه الأسري والبيئي والمدرسي والوظيفي وغيره.. ولا يتحمل الأبوان وحدهما وزر ما يقترف الفرد (الابن) من سلوكيات خاطئة داخل مجتمعه، فغالباً ما نرى الناس تتحامل على الأبوين والأسرة حين يتصرف الابن تصرفاً سيئاً، فهناك حزمة من التيارات تعمل على تنشئة الفرد وصبّه بقالب ما، وليس الوالدان فقط، خاصة مع تنامي وتفاقم العولمة، وتوجيه الفرد عن بُعد تكنولوجياً وتقنياً ومعرفياً وثقافياً خارج نطاق سيطرة الأسرة والمدرسة والوطن.
سقف الطموحات:
تضطلع أمور عدة في نجاح الفرد عملياً، أبرزها تنظيم الوقت، والتركيز على تحقيق الأهداف الكبيرة المتوافقة مع القدرات المتاحة، فنجد عند بعض الأفراد الانشغال بصغريات الطموحات، ولا يضعون أهدافاً أكبر، متذرعين بخوف كبير يعتريهم من جراء مفاهيم خاطئة مسبقة: سوء الحظ، الظروف، الفقر، قلة ذات اليد، و.. و.. وحين يضع الفرد طموحات أكبر، ويرفع من سقف الأمنيات، فلن يخسر شيئاً، كأن ينوي اكمال دراسة، أو التقدم إلى عمل أفضل، أو المساهمة في شركة، وغيرها من الأمور.. فالخوف والتردد الذي يزرعه المجتمع وربما الأسرة، مرددين بعض العبارات والأمثال الشعبية التي أكل عليها الدهر وشرب، لهي كفيلة بإحباط أي مشروع، وأي رغبة في التغيير، وتحقيق أدنى قدر من الطموحات..!
الاهتمام:
يحتاج الانسان الى الاهتمام بالناس ليشعر بالسعادة، وأن لديه رسالة هادفة في الحياة قائمة على السعادة وفق المنظور الجمعي وقضاء حوائج الآخرين، ودفع أي ألم أو ضرر قد يتعرضون له، وبنفس الوقت يكون هو بأمس الحاجة لاهتمام الآخرين به، ليشعر بإنسانيته، وأنه جزء من المجتمع، ويتخلص من حالة الاحساس بالتهميش التي قد يعيشها نفسياً.
وحتماً هذا الاهتمام لا يأتي مجاناً بدون أن يبدي الفرد تعاوناً مع محيطه الذي يرجو مساعدته، فعدم اهتمامه باستلام الرسائل الكونية الاصلاحية في نفسه، وعدم الاستماع لنصائح المقربين، يؤدي حتماً الى تفاقم الأمر، وتنامي احساسه بعدم اهتمام الحياة به، وابتعاد الفرد كثيرا عن محيطه، وفقدان حلقة الوصل بينه وبين السبيل الأمثل لتطوره، وتنمية قدراته، وتجسيد طاقاته عملياً بما يخدم المجتمع.
مفهوم العزلة:
هل العزلة سلبية دائماً؟ مفهوم العزلة يأخذ أشكالاً متعددة، فمنها السلبي ومنها الايجابي، فالسلبي منها يتلخص في الانعزال التام وحرمان المجتمع من طاقة الفرد وخدماته لأسباب عدة، قد تكون نفسية، أو تجارب فاشلة، أو انعدام الطموح، وضبابية المستقبل، وغيرها..
أما الايجابي منها، فهي العزلة التي تأتي تارة للانعزال عن فتنة ما اشتبه فيها واختلط الحق بالباطل بحيث لا يستطيع الانسان التمييز بينهما، قال الإمام علي ع: "كن في الفتنة كابن اللبون، لا ضرع فيُحلب، ولا ظهر فيُركب"، وكذلك العزلة التي تأتي بعد عناء ومسيرة عمل شاقة، غايتها الراحة وصفاء الذهن والتأمل، للعودة ثانية بروح متجددة، والمساهمة في عملية التأثر والتأثير في صناعة الحياة.