قراءة في بحث من بحوث مهرجان ربيع الشهادة الخامس عشر البحث الموسوم (فاجعة عاشوراء في منطلقها الفكري من التحريف الى التصحيح) للباحث السيد هاشم حسن الهاشمي

22-08-2019
لجنة البحوث والدراسات
التحريف هو الابتذال المقنن حد الذهول، ويعني ان لا وجهة نظر حقيقية لدى المحرّف سوى ما تقتضيه المصلحة، وهذا التحريف حين يسيطر على مخيلة الموروث يصبح من اللازم على علماء الأمة ومفكريها الولوج الى حقول التمويه وتخليص الفكر من مغايرات مصطنعة.
وفي بحث السيد هاشم حسن الهاشمي والموسوم (فاجعة عاشوراء في منطلقها الفكري من التحريف الى التصحيح) والذي قدمه في مهرجان ربيع الشهادة الخامس عشر الذي تقيمه العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية، قد أثار سؤالاً يمس أركان ثقافة التحريف، هل أساس الانحراف في الأمم فكري أم سلوكي؟ لكي يرسم من خلال الإجابة حدود الموقف، فالأول منشؤه الجهل، والثاني عدم تطبيق ما هو معلوم.
ويرى سماحة السيد الهاشمي أن كلا الجهتين مؤثرتان في تحقيق الانحراف في الامة، القرآن أشار الى ذلك في آيات كثيرة، يستمد الوثوق المنهجي قوته معناه، من قوة المعايير وصلاحيتها، وهل ثمة معيار افضل مما أشار اليه السيد الباحث، إذ اعتبر القرآن الكريم قد وضحها في آيات كثيرة، والنبي ص أكد على حقيقة أن مفهوم الانحراف الذي كان في الأمم السابقة سيجري عليكم.
المعيار هنا خلاصة التجربة الرسالية والضمان حديث الثقلين، نحن ما نحتاجه اليوم هو ابعاد التشويش المفتعل في حقيقة الوعي؛ لكي يكون المكسب الأول هو خدمة الدين لا خدمة مصالح سياسية عملت على التحريف والقرآن الكريم بطبيعته ليس عرضة للتحريف اللفظي، وانما تعرض للتحريض المعنوي والدليل الموروث عن النبي ص وهو يقول لأمير المؤمنين ع وهو يخبره بأنه سيقاتل على تأويل القرآن، فيما يرتبط بمعنى القرآن ولبه،، هذا الحديث يؤكد على أن هناك تحريفاً سيحصل لكن هذا التحريف في التأويل، وأن امير المؤمنين ع هو الضمان، الذي يؤكد مضمون الثقلين ومثلما تم تحريف تأويل (المودة في القربى) قالوا: انها تعني اقارب رسول الله ص.
جاء التصحيح بشهادة الائمة ع، انما نزلت بنا خاصة اهل البيت ع، ظهر منطق التحريف أساساً بعد شهادة النبي ص وهذا التحريف شمل حقولاً كبيرة، بعدما تحول الدين عند البعض الى سياسة، واصبح السعي لإضعاف الأمة والرجوع بها الى عهد ما قبل الاسلام، لهذا كانت نهضة سيد الشهداء من أجل إرجاع الأمة الى جادة الصواب بدمه الطاهر.
ومن التحريفات الشائعة التي تعرضت الى قول النبي ص: (يا علي، يُهلك فيك اثنان؛ إما محب غال، ومبغض قال)، حرّفوا القال الى غال ليكون المعنى لو لم يكن هذا المبغض مغالياً في بغضه، فلا مانع من بغضه، حرف واحد تغيّر في النص فغيّر معناه، ومن أمور التحريف عمد نقل الرواية كاملة يخرجها من سياقها مثل الحديث الذي تتمسك به المشبهة، قال النبي ص: "إن الله عز وجل خلق آدم على صورته"، أي على صورة آدم المعهودة، وليس ارجاع الضمير الى الله سبحانه وتعالى ليحصل التجسيم والتشبيه وهذا مبحث عقائدي.
ومن التحريفات التي حصلت بالحذف، رواية مروية عن الامام الرضا ع، قيل للإمام الرضا ع: ما تقول في رواية الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله ص، ان الله تبارك وتعالى ينزل كل جمعة في الاسواق..! قال ع: "لعن الله المحرّفين بالكلم من مواضعه، والله ما قال رسول الله ذلك وانما قال: ان الله تبارك وتعالى ينزل ملكاً"، حذفت ملكاً فصار المعنى أن الله ينزل بنفسه..!
وجميع التحريفات صححت من قبل أئمة اهل البيت ع، سوى في معاني القرآن أو في النصوص النبوية التي تعرضت للتحريف اللفظي ايضا لكن لم يستطع التحريف ان يحرف موقع سيد الشهداء باعتباره سبط النبي ص وهناك شواهد عصية على التحريف مثل حديثه ص: (أحبّ الله من أحبّ حسينا) وسيد الشهداء ع كان يذكر الناس بموقعه، ولا أحد يستطيع أن ينكر تلك الحقيقة. وهناك من حاول أن يجعل مقاتلة الامام علي ع محددة فقط بالخوارج، لكن الأدلة تذكر اكثر من ذلك، تنفيذ مخطط التحريف كان يعمل بآلية ابعاد أهل بيت النبي ع باعتبار انهم بحسب نص حديث الثقلين هم المصححون لأي نوع من انواع التحريف: "فما ان تمسكتم بها لن تضلوا" هذه وصية النبي ص وسيد الشهداء الحسين ع ارجع الأمة الى الهداية بدمه.