قراءة انطباعية في نصّ مسرحية (جنود الظلام) للكاتب المسرحي والناقد: علي البدري
22-08-2019
لجنة البحوث والدراسات
تحفز الكتابة في النصوص المسرحية الحسينية على صياغة مساحات تأملية لتشكل رؤية فكرية، ومسرحية (جنود الظلام) للكاتب علي البدري وهو احد النصوص المسرحية المشاركة في مهرجان المسرح الحسيني، في العتبة العباسية المقدسة، تنتشر المساحة الفكرية عبر صياغات متعددة منها الحوار التقابل الحواري ومنها صيغ سردية، والكاتب البدري عمل على ان يرتكز على الواقع السياسي الذي استغل الدين شعارا والمساحة الفكرية تأخذ المضمون سبيلاً أحد شخوص المسرحية يرى:
(أن الطواغيت والظلمة لا يحتاجون إلى تعدٍّ كبير ليحصدوا أرواح الناس بل تشابه أسماء أو مجرد ظن يمكن أن يؤدي بالشاب إلى الإعدام) المسرح الحسيني يبحث عن جذره الإنساني وهذا يجعله ينفتح على المشاعر الإنسانية:
(ومن قال لك: إن المشاعر الإنسانية انتقاص من الرجولة) ومناقشة بعض الأفكار المدجنة بأسلوب توضيحي فكري يعد من معطيات الواقع الفكري:
(يا ولدي تريد أن تحرر الأرض باستعباد الناس فما قيمة هذه الأرض ونحن نعيش عليها أذلة مهانين مسلوبي الإرادة والرأي).
رؤية النص المسرحي الحسيني لابد ان يستمد مضمونه الفكري من محور الواقعة او فلسفة الواقعة عند الفكر المعصوم الذي به يقرأ الواقع فكرياً:
(يا ولدي، إنها اختبارات تمحص الإنسان وتغربل البشر).
ويستشهد بفكر الامام السجاد A حين يقول: (سبحانك ما أضيق الطرق على من لم تكن دليله، وما أوضح الحق عند من هديته سبيله)، فاجعل الله دليلك وسلم له أمرك وهو يهديك إلى ما فيه الصلاح.
تعابير منصوصة من فكر الامام السجاد زين العابدين A، ليتقرب من خلالها الى مفهوم الوجود الكربلائي في الحياة:
(كربلاء قد ولدتني، إنها العلاج لكل مشاكلنا، سأعود إلى أرضي وأستمر في المواجهة، حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين).
وماذا ستستفيد أنت..؟
علي :ـ لو فكر كل واحد منا بفائدته الشخصية سنموت جميعاً كالخراف لكن لو وقف أحدنا ومات عزيزاً ومنح الآخرين فرصة للحياة، ستنتهي المشكلة، ولن يموت المزيد من الناس .
عامر:ـ وهل يستحق الناس أن تضحي من أجلهم؟
علي: أولاً أن المسلم لا يضحي من أجل الناس بل هو يضحي في سبيل الله ليحقق العدل ويقوم الناس بالقسط، ألم يقل الله تعالى: (وَمَنْ أَحيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحيَا الناسَ جَمِيعًا) ومحاربة الظالمين واجب شرعي وإنساني ليرسم ملامح الطريق من كربلاء كمفهوم تضحوي يعلن ان الموت ليس غاية بل الحياة هي الغاية؛ كون الروح التضحوية لا تتعامل ضمن اطر المصلحة الآنية وانما هي تتعامل مع الله الذي لا يضيع أجر عامل فإذا كان عملك في عين الله بالتأكيد سيجزيك عنه خيراً.
وكانت هنالك كربلاء، بعطاءاتها وصبرها وكل تلك التضحيات التي أثمرت الفتح، ولما كانت ناشئة الليل أعظم قليلاً استنشقت تلك الأرواح المكبوتة عبق كربلاء، فتتحرر من سجن هذه الدنيا وظلامها فيكون الموعد صلاة الفجر وقد حسم الجميع أمره أن (هيهات منا الذلة
الرسالة واضحة جداً..
وطّنوا على لقاء الله أنفسكم، وابذلوا في أهل بيته مهجكم، وستبلغون فتح كربلاء
كربلاء.. زوادة كل جهاد..
عطاء الصبر والتصابر والتضحيات.. فتغدو كربلاؤكم مثل كل الكربلاءات الفاتحة
احملوها عبقا ليتحرر كل شخص فيكم من سجن العتمة، مسرحية نهلت من واقعة الطف ومن الفكر المعصوم مناهل عز وعبر وتعابير خير نص رائع قدمه الأستاذ علي البدري ومن الله التوفيق.