بغداد في زمن الاحتلال العثماني 1586-1590م

17-08-2019
السيد عبد الملك كمال الدين
كان للرحالة الأجانب اهتمام كبير في رصد وذكر أي معلم او دالة في حياة الشعوب، وعندما أذكر الرحالة (جونس)، فقد كان كثير الاهتمام في الخانات واثرها التجاري والسياحي، فهي رموز اقتصادية مختلفة ومنها موضع الذكر خان الكمرك الذي كان مجمعا تجاريا مهما لمختلف البضائع المستوردة عبر الطريق الملاحي في نهر دجلة او الطرق البرية عبر سوريا او تركيا او ايران، ومنها طريق الحرير.
وبطبيعة الحال عندما تكون تجارة في هذا الخان يكون تجمع للتجار بكثرة، وهذا يقتضي وجود ملحقات لهذا الخان من غرف نوم او اسطبلات للحيوانات او المقاهي التي تقدم الخدمات لزوار الخان وكان من المهم ان نذكر مقهى (جفالة زادة) صاحبه والي بغداد زمن السلطان مراد الثالث.
وقد بني هذا المقهى فهو الاول في بغداد عام 999هـ المتصل بالخان من خلف المدرسة المستنصرية حقيقة كانت مقهى الوالي جفالة زادة مقرا دائما للتجار والسواح والادباء والشعراء لذا كان مزدهرا بالحركة الثقافية محلية او اوربية ومن دول الجوار بحكم الحركة التجارية السياحية والاختلاط المستمر بين الرواد من مختلف الاجناس والهويات، لذلك عندما يعلن عن وصول بضاعة معينة مثلاً الزوالي الايرانية او المكسرات السورية أو الحناء أو القهوة أو الاخشاب وغير ذلك عندها ينبري احد الشعراء بمدح تلك التجارة وتبيان محاسنها، كل ذلك من جانب الفكاهة والطرفة مما جعل هذا الحضور الدائم مشجعا لازدهار الجانب الاقتصادي والسياحي والثقافي.
وحقيقة كان الوالي (والي بغداد) جفالة زادة ينافس اقرانه من وزراء واعيان في استانبول كموضع للشهرة والدلالة بما يحقق رضا الباب العالي في الدولة العثماينة. ان هذا الخان والمقهى كان منافسا لمقهى حسن باشا في بغداد كما ذكر ذلك الرحالة (تيكسيرا) الذي زار بغداد في سنة 1604م وقد بناها الوالي حسن باشا.
ومما يذكر ان مقهى المصبغة (قهوة الشط) كانت سابقا موقعا للمدرسة المرجانية (جامع المرجان) في صفوف الرصافة وكان من روادها الشاعر معروف الرصافي والشاعر جميل صدقي الزهاوي.. ان الفترات التاريخية التي مرت على بغداد ازدهرت ببعض الجوانب منها ما ذكرناه والبقية لاحقا..