قراءة انطباعية في نصّ مسرحية (صاحب البصيرة) للكاتب المسرحي والناقد: عبد الستار عبد القادر جياد
03-08-2019
لجنة الدراسات والبحوث
يأخذ السرد الروائي في المسرح شكلاً معبراً عن احداث ماضوية حدثت في التاريخ، يقل فيه الحراك خارج المتن التاريخي ليبسط لمتلقيه مبدأ الانتماء دون التعمق في التفسير والتحليل، ولا السعي لولوج العمق النصي، ربما يحتاج الفعل التاريخي الى فنية التصرف أو رؤية الأحداث بطرق فنية تؤدي الى ترسيخ مفهوم العرض.
والكاتب (عبد الستار عبد القادر جياد) في مسرحية (صاحب البصيرة)، وهي أحد النصوص المشاركة في مهرجان المسرح الحسيني في العتبة العباسية المقدسة، سلط الضوء فيها على شخصية عبد الله بن عفيف صاحب البصيرة، ومجموعة من الرموز التاريخية الثانوية، الأحداث التي اعتمد عليها الكاتب تقع ضمن حدود زمانية محصورة ما بعد الواقعة مباشرة أي عند قدوم السبايا الى الكوفة.
كان القصد الانشائي هو تقديم شخوص مشوشة تنقل الى المتلقي عظم الأحداث التي مرت فنقل اليها الفعل وقوته الذاكرة والتشوش والحدث وفاعليته من خلال حركات الرموز وانتقالاتهم وموقفهم اتجاه هذه الشخصية الرمز الذي كان يمثل صورة الجهاد الفردي، ما عدا فكرة استفحال الانتماء المثالي المتمسك بجوهر الانتماء في البيت والعشيرة مثالاً عن قيمة التغيير الجذري الذي قدمه الأزد من الجحود والهتك الى قمة الايمان، لهذا يصبح حجة الدفاع عن المبدأ كمقوّم من مقومات الجذر التربوي عند الرمز العفيف، فيمنحنا رؤية تعالج الواقع.
الواقع يحتاج الى جرأة المواجهة جرأة التضحية، وعند المواجهة مع ابن زياد ظهرت قوة الـ(نحن) الجماعية في نهضة السيوف الباشطة في مواجهة ابن زياد وظهرت الابنة التي تضاهي بموقفها ان تكون عين مقاتل صنديد لم يأبه للموت، وقلب ابنة ما خافت الأعداء، فكانت هذه الابنة تحمل ملامح التصابر الزينبي وصفاء الروح وحلاوة التضحية.
العالم النصي لا يختلف عن العالم الواقعي التاريخي، وهذا ما تحاول الكتابات الجادة الابتعاد عن السرد المشهدي ببناء سرد توقعي نظير موضوعي انت ترى الموقف فيه، حاول السرد النصي ان ينقل لنا الحدث المواجهة، فالبطل ابن عفيف لم تدركه السيوف حتى قال عنه احد الجنود: اننا نقاتل أسداً، ولم يدركوا نهاية هذا البطل من خلال المواجهة وانما صاروا يرمونه بالحجار والعصي والرماح، ليقدم لنا البطل ابن عفيف حازما، يسعى النص الى التعريف بمشهد من مشاهد التاريخ وبطل رمز من رموزه الكبيرة.
نص مسرحي كان يمكن أن يكون أجمل لو تمهل كاتبه، لكن مع هذا قدّم لنا رصداً موفقاً لحدث مهم وشخصية فاعلة رسمت مضمون الولاء.