محاورة مع كتاب.. (اتجاه الدين في مناحي الحياة) لسماحة السيد محمد باقر السيستاني (دام عزه) القسم15
21-07-2019
علي حسين الخباز
- ماذا عن جرأة الفرق الدينية الباطلة خلال الوهم؟
الكتاب:ـ إن الكثير من الناس لا يعلمون عن القابليات النفسية الغريبة للإنسان، ويشتبهون ما ينتج من قبيل النشاطات المتقدمة بمعاجز الانبياء وكرامات الاولياء، وقد بينت الحالات المرضية منها بالخصوص في علم الطب النفسي المعاصر يشرح كثيرا من هذه الظواهر بشكل واضح.
واما الاسباب الشيطانية فالمراد بها تسلل الشيطان أو الجن الى النفس الانسانية خلال ايحاءات شريرة أو الموهنة أو الكاذبة، هذا على ان كثيرا مما يطرح بعنوان القدرات الروحانية لدى مدعيها هي دعاوي كاذبة كذبا متعمدا يتوسل الى اقناع عامة الناس فيها بأساليب الخداع والتمويه والغش، وهو امر واضح لمن يمارسون الطبابة الروحانية للمرضى.
يحدث التشابه وهذا التشابه لا يشمل ما يجده الانبياء، فإنها ذات منشأ رباني، فحوادث مثل: فلق البحر لموسى A، وابراء الأكمه والأبرص واحياء الموتى من قبل عيسى A، والقرآن الكريم من قبل النبي محمد J، ولا تشبه مستوى الامور الغريبة التي هي معهودة لدى الرياضين السحرة والكهنة، القابليات المكتسبة بالرياضة، انما هي امور تدريجية ناشئة عن رياضيات شديدة على حد سائر الامور الناشئة من الامور الطبيعية بالأسباب غير الربانية مثل: الاسباب النفسية المحضة، هل يصح اثبات الامور العقيدية التشريعية وسائر الامور الدينية عن طريق الرياضات الروحية، ان هذه الامور لا يصح اثباتها الا بإدراكات واضحة وراشدة من العقل ودلائل النقل اليقينية لا غيرها، فلا يصح لأحد مهما كان محله في العلم والقداسة أن يثبت تشريعا بهذه الطريقة، وهذا أمر بديهي في اصله بين علماء الاسلام.
ومن ثم لا تجد احدا يحتج بمنام أو حالة روحانية على اثبات تشريع ما، لأن هذه الطرق لن تثبت في المنظور العقلاني والديني شيئا، لقد شاء الله سبحانه ان تكون نظم الحياة على وجه نجد بين الحق والباطل وبين الصحيح والسقيم وبين الصائب والخاطئ دائما حالات متشابهة محتملة لتكون هذه الحياة حقا بمجملها اختبارا معرفيا.
- هل هناك ترغيب معين في الشريعة الى سعي الانسان في ان تتفق له الخوارق؟
الكتاب:ـ ليس هناك أي ترغيب في الشريعة الى سعي الانسان في أن تتفق له الخوارق، ويأتي بالعبادات والأعمال الصالحة لهذه الغاية، كسب القابليات الروحية النادرة بالرياضة لا يعبر عن قرب الى الله سبحانه حتى لو كان ذلك بذكر الله تعالى، وبين الكرامة على الله سبحانه وتقواه، القدرة على استخدام الجن وتسخيره، لو فرض حصوله، لا يدل على قرب من الله سبحانه تعالى.
ان الذين يشهرون انفسهم بهذه الأمور بعيدون في هذه الممارسة عن المقاصد الشرعية، ومناهج الصالحين لم يدعِ أحد من هؤلاء أن ما يفعله مبني على الكرامة من الله تعالى كان ذلك تمويها وخطيئة في المنظور الشرعي، وفي اثبات حقانية الدين هي الطرق العقلية الراشدة، وليس من الراجح في غير حالات النبوة الالتجاء الى طريقة الخوارق لإثبات صحة العقيدة.
وأما المنامات فتعتبر على العموم شرعاً من الحالات المتشابهة، ففيها أمور ربانية واخرى شيطانية وثالثة نفسية تنبعث من مبادئ مرتكزة في مرحلة اللا وعي الانساني، ومن ادعى عقيدة او شريعة على أساس المنام فهو خارج عن الاعتدال والطريقة الشرعية.
يستطيع الانسان من خلال الرياضة الارتقاء الى درجة النبوة فهي غاية خاطئة من جهات متعددة، فالبعض يبتني على ما يظنه بعض اهل العلم أن ما يتفق للأنبياء من الخوارق يبتني على تنمية القدرات الذاتية بالرياضة وارتقائهم سلم العروج الروحاني الى درجة تستجيب الاشياء كلها لأوامرهم.
وأما منافاته للنقل، فإن النصوص الدينية واضحة في أن الله سبحانه لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء، فهنام من التزم الغلو في الأنبياء مثل: غلو النصارى في المسيح عيسى وأمه الطاهرة مريم (صلوات الله عليها) المشاعر الهائجة بالرياضات الروحية الغالية على الادراك العقلي من كثرة ذكر الله سبحانه تعالى قائم في ذات نفسه، فلا مغايرة بينه وبين الله سبحانه، وهذا تخيل باطل تعالى عنه الخالق.
من المكاشفات الروحية وهي مشاهد تتراءى للإنسان في حالات هي اشبه بالمنام، فيرى مثلاً الوجود كله نوراً واحداً لا تجرؤ له، فيظن ان هذا المشهد كاشف عن باطن الوجود، والاثار في المنظور الديني هي غايات عقلانية راشدة تقع في ضمن حدود المنطق والعقل والقيم الاخلاقية وتنظر نظرة ايجابية الى ظاهر الحياة وباطنها، وهي بعيدة من الامور المتشابهة والمزاعم الواهمة والأوهام الخاطئة والسلوكيات السخيفة التي يمارسها فريق من أهل الدين أو أهل العلم باسم الدين والعقيدة، النظرية العامة للأبعاد الروحية للإنسان بحسب المنظورين العقلاني والديني.