مصنع الجود لتكنولوجيا الزراعة الحديثة التابع للعتبة العباسية المقدسة رافد خير وعطاء ينطلقُ من أرض القداسة كربلاء
10-07-2019
احمد صالح مهدي
أكفّ العطاء ترتفعُ همماً باسقات، مشيدة منجزات مباركة، تستمد ذلك العبق الطاهر من أرض تقدست بأجساد كانت المعين الذي روى الانسانية، لتستفيق ماضية بمشروع إلهي أحيا في نفوس الانسان ذلك الموقف الصلب الرافض للظلم، هكذا كانت مدرسة الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام التي غذّت المجتمعات على مر العصور بمبادئ سامية، هي طريق سالك الى مراتب العلو والرفعة ومن دروس تلك النهضة ما قدمه شعار الاخوة والفداء المولى أبو الفضل العباس عليه السلام من مواقف أذهلت التواريخ وكتّابها، ليضحى اليوم مرقده الشريف مناراً يشع فضلاً وكرما.
وبعد أن ارتفع الظلم الذي تسلط على عراقنا الحبيب، أثبتت العتبات المقدسة ومنها العتبة العباسية المقدسة أن لها دوراً كبيراً في الارتقاء، وإعادة ترميم المجتمع بكل مفاصله، لاسيما جوانب التنمية والبناء والاعمار، وهي رسالة الى العالم بأن هذه المراقد المقدسة لا تقتصر على جانب معين.
خطوات كبرى خطتها العتبة العباسية المقدسة للارتقاء بالمنتج الوطني، محاولة إعادة الروح اليه من خلال منجزات مهمة، ألقت بظلالها على الواقع المعاش لمدينة كربلاء المقدسة، فكانت نقطة تحول لإنعاشها اقتصادياً بإنشاء مشاريع مهمة أضحت شواخص عمرانية بارزة داخل البلاد.
ولعل من أهمها المشاريع الصناعية التي أخذت حيّزاً كبيراً في السوق المحلية، منها: مصنع الجود لتكنلوجيا الزراعة الحديثة الذي يعد واحداً من المنشآت النادرة الوجود في المنطقة، ففي شهر آب من العام 2014 أبصر هذا المشروع الحيوي النور من خلال احتفالية بهيجة شهدت حضوراً واسعاً لمختصين في المجال الزراعي.
وفي كلمة لسماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، بيّن فيها قائلاً:
نؤكد أن العقل العراقي ما زال مفكراً ومبدعاً، وأن هذا الانتاج هو انتاج عراقي بحت، وبسبب السياسات الظالمة لم تكن هناك ارضية لهذا الانتاج في السنوات السابقة، واضطر العلماء والمفكرون أن يغادروا خارج العراق، وقد احتضنتهم دول أخرى من أجل أن تبني زراعتها واقتصادها.
وإن هذا المشروع ليس صغيراً، وإنما هو مشروع مهم، ويدعم الأمن الغذائي في البلد بشكل عام, وعلى كل شخص مهتم بهذا الجانب أن ينفتح على هذا المشروع، ويبحث عن خلفيته، ويعرف ما هي معطياته؛ لأن هذا المشروع هو مشروع بلد بكامله، لذا فهو يحتاج الى دعم من نفس البلد.
وليس من المعقول أن نهمل هذا المشروع، ونتجه الى استيراد الأسمدة العضوية والمستلزمات الزراعية الأخرى من خارج العراق.. وأشار في نهاية الكلمة الى أن العراق يحتاج الى تخطيط أمني مهم، ويحتاج الى تخطيط زراعي وصناعي من أجل المحافظة على استقلاليته بمختلف الجوانب.
هكذا أكد سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) من خلال كلمته على أن هذا المشروع وغيره من المشاريع التي تبنتها العتبة العباسية المقدسة، انما هي لخدمة هذا البلد، ومحاولة الحفاظ عليه اقتصادياً.
وبين أروقة هذا الصرح الصناعي، انطلقت صدى الروضتين بجولة موسعة، لتقف على محتواها، فكان لها لقاء مفصل مع مدير المصنع الأستاذ المهندس ميثم البهادلي ليتحدث قائلاً:
سبقت افتتاح المشروع مجموعة من الخطوات تمثلت بالجانب الانشائي، حيث تبنى قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة انجاز مفاصله، ليتم بعد ذلك الاعلان الرسمي عن افتتاح هذا المنجز المبارك.
وقد تبنى سماحة المتولي الشرعي السيد احمد الصافي (دام عزه) هذا المشروع تحقيقاً لعدة استراتيجيات مهمة لمدى بعيد، وأهمها تحقيق الأمن الغذائي للفرد العراقي من خلال مراحل عمل متسلسلة، تبتدئ من عملية الزراعة بافتتاح مزارع نموذجية، ومن ثم توفير الأسمدة النباتية الآمنة الخالية من المواد الكيميائية؛ حفاظاً على صحة الانسان، ومن جانب آخر القضاء على الآفات الزراعية، وإمداد التربة بالعناصر المفيدة لها، لتكون أكثر جودة.
مضيفاً: تم انشاء هذا المشروع على مساحة تصل الى (12000م2) ويعد الأندر على مستوى المنطقة، ويحتوي على عدة مرافق مهمة ضمن سلسلة الإنتاج الخاصة به منها: مختبران يعدان من الأحدث، مزودان بالتقنيات الفنية المستخدمة في عملية فحص وتشخيص الآفات الزراعية، وتحليل المواد الأولية التي تدخل في الصناعة، إضافة الى مرحلة مهمة تتمثل بتقييم المنتج النهائي، ومطابقته للمواصفات المعتمدة. كما يقوم هذا المصنع وبطرق حديثة أيضاً بعملية تحليل عينات من التربة أو المياه، فضلاً عن ذلك، فانه يقوم بفحص المنتجات المستوردة للسوق المحلية، ونحن نؤكد بأن هذا المشروع ترك رسالة واضحة الى العالم أجمع بأن العراقيين قادرون على العمل والبناء في أصعب الظروف، فكيف بهم اذا وجدوا الاستقرار داخل البلد.
وتابع البهادلي قائلاً: فيما يتعلق بالناحية الفنية للمصنع، فإن التكنولوجيا الخاصة به تغطي كافة المتطلبات العامة والخاصة بالنسبة لبيئة العاملين داخل هذا المجمع، وأيضاً بيئة المكان، وبالدرجة الأساس بيئة المستهلك للمنتجات الزراعية، وهو من الأمور المهمة بكل تأكيد.
فيما كان لنا لقاء آخر مع الأستاذ المهندس عمار علي مدير قسم الانتاج الزراعي في مصنع الجود، ليحدثنا قائلاً:
يتفرع القسم الزراعي في المصنع الى ثلاثة أقسام: وهي الأسمدة الزراعية، والأخرى المبيدات الاحيائية الآمنة للبيئة، أما الثالث من الأقسام الاضافات العلفية التي توضع على الاعلاف الحيوانية من أجل اكسابها المناعة من الأمراض، وأيضاً تعمل على تنظيم الجهاز الهضمي للحيوانات، وبالنتيجة سيوفر لنا الكثير من الوقت خصوصاً في عملية متابعة نمو الحيوانات الحقلية، وقد أعطت جميع منتجات المصنع نتائج ايجابية بشهادات المختصين.
وأضاف أيضاً: في ما يخص الأسمدة الزراعية، تنقسم ايضاً الى ثلاثة أقسام: أسمدة بشكل مساحيق، وأخرى أسمدة سائلة، والنوع الثالث من الأسمدة هي الأسمدة العجينية، وتمتاز بكثافتها العالية، وإن هذه الأسمدة بأنواعها المختلفة تتكون من تركيبات عدة.
مبيناً: نعمل في مصنع الجود على تكوين عدة تركيبات دون التقيد بنوع معين، وذلك لتوفر كل الأدوات اللازمة لهذا الأمر، خصوصاً المختبرات في ما يخص المبيدات الزراعية، لدينا نوعان منها، وتنضوي تحت عنوان (الترايكوزون) وهو على قسمين الأول على شكل حبوب، والنوع الآخر هو الرش الورقي، ويتم استخدام النوع الأول حسب طريقة السقي التي يتبعها الفلاح.
محطتنا الأخرى، كانت عند قسم انتاج المنظفات والمعقمات، ليتحدث لنا رئيسه الأستاذ سلام سلمان محمود قائلاً:
عملنا في هذا القسم يتضمن ادارة الانتاج لهذا المنتج المهم داخل الأسرة العراقية، فهي من المواد اليومية الاستخدام، وبشكل كبير أيضاً، ويتكون هذا القسم من خطين الاول هو انتاج المنظفات بأنواعها، والخط الآخر هو الذي يتعلق بالمعقمات والمجموعة الطبية.
مضيفاً: ينتج قسم المنظفات الكثير من الأنواع التي تستخدم كل حسب مجاله، فمنها الصابون السائل، ومساحيق الغسل، وأيضاً الشامبو، فضلاً عن منظفات المجاميع الصحية والحمامات وغيرها. أما القسم الآخر، فينتج أنواعاً عدة من المعقمات، منها الديتول بأنواعه، وأيضاً ينتج الجل الكحولي، والذي يستخدم لتعقيم اليدين، وينتج هذا القسم ماء خاصاً براديتر السيارات، كذلك غسول الفم وجل السونار.
وتابع أيضاً: توسع العمل في هذا القسم، ويتطلب منا اليوم العمل على وجبتين صباحية وأخرى مسائية، من أجل تلبية الطلبات التي ترد الى المصنع بعد أن عرف المنتوج ونال استحسان المستهلك، واعتمادنا في منتجنا على المواد الخام ذات الجودة العالية ومن بلدان مختلفة.
والجدير بالذكر أن هذا القسم يحتوي على مختبرين متطورين: الأول كيميائي، والآخر فيزيائي، والعمل يجري على قدم وساق وبكل مهنية أيضاً.
وعن الجانب التسويقي، تحدث لنا الأستاذ محمد ضياء مدير القسم التسويقي في المصنع بين قائلاً:
من أجل السيطرة على عملية تسويق المنتجات داخل السوق العراقي، نحتاج الى جهد كبير نظراً لاكتساح المنتجات المستوردة هذا السوق المهم، والذي يعد من الأكثر استهلاكاً في المنطقة، انطلقت العتبة العباسية المقدسة بخطتها الصناعية والانتاجية من أجل دعم المنتج الوطني وتشغيل الأيدي العاملة من جهة، ومن جهة أخرى توفير الأمن الغذائي من خلال منتجات غذائية آمنة، وأيضاً مواد تدخل في جوانب حياتية أخرى يحتاجها المواطن.
وكان في البدء يقتصر التسويق من مراكز الكفيل التابعة لشركة نور الكفيل، حيث كانت تحصر منتجات العتبة المقدسة في هذه المراكز، واليوم نحن نعمل على الدخول بأسماء وماركات جديدة محاولة لتقليل المستورد في السوق العراقي.
وكان لعلامة الجود التجارية اسم في السوق، حيث عملنا ومازلنا نعمل على تثبيت هذه العلامة من خلال حرصنا الى الوصول الى أكثر عدد من المستهلكين على مختلف المستويات، لاسيما المزارعين، وأيضاً المواد الاستهلاكية والتي تشمل المنظفات والمعقمات الطبية.
ونحن في قسم التسويق، نسعى جاهدين الى الدخول الى جميع مراكز التسوق الكبيرة، حيث انطلق هذا المشروع وهو في طور التزايد، وبحمد الله تعالى قد كسبنا ثقة المواطن من خلال منتجاتنا الصديقة للبيئة، وهي اليوم متوفرة في أغلب الأسواق منها الكبيرة والصغيرة أيضاً، وإن شاء الله تعالى نصل الى مبتغانا بأن يكون منتج الجود وعائلته متوفراً عند كل أفراد الأسرة العراقية.
وتحدث الأستاذ أحمد علي هادي مدير القسم الاداري في المصنع قائلاً:
تعمل المؤسسات اليوم وفق أنظمة ادارية متطورة، ولأن مصنع الجود اليوم واحد من أحدث المنشآت في المنطقة، فهو يعتمد على نظام اداري متطور من خلال القسم الاداري التابع له، حيث يتضمن عدة جوانب منها: تنظيم الأمور الادارية، والتي تشمل المخاطبات بين المصنع والجهات الخارجية، وأيضاً مع الأمانة العامة، كذلك تنظيم الكتب الادارية الداخلية للمصنع، كما يتابع القسم الاداري الجوانب المتعلقة بالعاملين منها الادارية والمالية، وبحمد الله تعالى يتم تسيير أمور العمل بكل سلاسة ومهنية من خلال الاخوة في هذا القسم.