معالم بغدادية تراثية في ثلاثينيات واربعينيات القرن المنصرم
06-07-2019
السيد عبد الملك كمال الدين
سوق (الموله خانة) سوق تراثي فيه الكثير من المعالم ذات التراث البغدادي الاصيل، فعندما تدخل السوق يلفت انتباهك محل كبير جميل التنظيم، وعرض السلعة، ومعظم معروضاته غذائية، وحرص الحاج الاسطة (حسون ابو الجبن) على نظافة سلعته، فلديه الجبن الكردي والجبن الاوشاري وجبن العرب من اغنام ابي غريب وبعقوبة، كل صنف يعتلي حب (زير) اخضر اللون، وبوضوح تشاهد سيلان الدهن من مساماته، وهو صباحا يبيع الحليب الطازج والقيمر والعسل، فهناك ازدحام ملحوظ للنساء والاولاد المتسوقين (للريوك) من محل حسون صاحب الابتسامة والنكتة البغدادية، وحقا انه (مرزوق) لحسن أخلاقه، وحلو معاملته، وعمل في (الموله خانة) زمنا طويلا.
اضافة الى ذلك، كان معروفا باشتراكيته السياسية يحاور بأدب واخلاق. وفي طرف سوق (المولة خانة) وغير بعيد عن حسون محل اخر لرجل طويل الشوارب اشتهر محله بدكان (الاعضب) يبيع مختلف المواد الغذائية من الاجبان واللبن المنشف وتمر الاشرسي والتمر المكبوس بالخصاف والجلد، ولكن سبحان الله الاعضب غير مرزوق لأنه (مغلواني)، حيث اسعاره اغلى من الاخرين، ومعاملته جافة (طكة ونص) حسب قول (حسنة المعيدية) وهذه تسمية لبائعات القيمر والحليب والالبان.
ومعروف عن هذه البائعة نظافتها وحلو معاملتها، فاذا اشتريت القيمر فإنها لا تقطعه بالسكين او بيدها، وانما تقطع (شيف الكيمر) بابرة اللحاف؛ كونها نظيفة وتحافظ على جمالية طبق الكيمر، وتقول حسنة المعيدية: (ان الاعضب ابو شوارب (ما يداري خبزته) فهو عصبي المزاج مغلواني ما يعجبه العجب)..!
المهم الى جانب دكان الاعظب دكان (كرومي الاشقر) وهو بائع لأشهى اكلة صباحية هريسة كرومي، وعلى مرام الزبون بالدهن الحر او الدبس او الدارسين والسكر وللفترة الصباحية لابد من استراحة في مقهى سعودي، فرائحة الشاي السيلاني تعطر المكان وعلى السرعة المعهودة يأتيك استكان الشاي وطاسة الماء البارد البيوتي من (كوز) على يمين (دكة) (وجاغ) سماور الماء الحار... انه صباح مبارك من صباحات بغداد الامنة الوادعة.