مرورا بالمعنى.. مدرسة الإمام الباقر ع
06-07-2019
لجنة الدراسات والبحوث
الفكر الشيعي مر بأزمات عدة منذ عهد امير المؤمنين ع حتى عهد الامام الإمام علي بن الحسين ع، اذ لم تتح الظروف ان يبين الامام ع معالم مدرسة اهل البيت D بشكل يستطيع معه العقل الاسلامي ان يستوعب هذا التمايز بين الفكر العلوي او الفكر المحمدي الاصيل، وبين التقلبات الاساسية التي أودت بالمفهوم الاسلامي.
والامام الحسن ع ايضاً، لم تتح له الظروف باعتبار ان الصلح او الهدنة التي مر بها الامام الحسن ع لم تتح له أن يبين اطروحته الفكرية.. وهكذا الامام الحسين ع انشغل بظرف استثنائي دعاه ليصل الى كربلاء ويروي هذه الارض الطاهرة الطيبة من دمائه ودماء اصحابه.
وهكذا الامام علي بن الحسين ع حاول ان يحافظ على هذه المجموعة المتبقية من اصحاب ابيه حتى انه لم يستطع ان يبين معالم الفكر الشيعي والفقه انذاك، الامام علي بن الحسين ع حاول ان يحفظ هذه المجموعة، بعض احكام الحج، حتى لا تميز جماعة اهل البيت حتى في المناسك، وحتى في كثير من الاحكام حاول الامام علي بن الحسين ع ان يسعى في هذه المرحلة للحفاظ على من تبقى من شيعة اهل البيت D.
ان في عهد الامام الباقر ع بدأت معالم اهل البيت D بالوضوح، اذ تصدى الامام الباقر ع بظرف جعله يقدم اطروحة ابيه الامام امير المؤمنين ع، والامامين الحسنين ع، والامام علي بن الحسين ع، اختصرها في اطروحة موحدة، حتى قدمها آنذاك في ظرف سياسي متشنج، أن يصرح وان يميز الفكر الشيعي.
نشير الى ان جهود الامام الباقر ع هي جهود تأسيسية بحق، بمعنى انها جهود جديدة وافكار جديدة ليؤسس فيها فكر اهل البيت D، انما اعلن الفكر الشيعي اعلانا واضحا متميزا بطروحاته واسبابه وبكل حريته، ووريثه بعد ذلك ولده الامام الصادق ع، ومدرسة آل البيت D بكل وضوح نسبت اليهما.
استثمر بيان نشر الحديث النبوي المبارك الذي كان مهجورا ومهمشا ومبعدا، وكان هناك مشروع اقصاء الحديث النبوي وابعاده عن الساحة الفكرية بحجة أن هناك ظرفا استثنائيا قد يشغل الاخرين عن حفظ القرآن وغيره بإحراق (500) حديث عن النبي ص، ولم يبين الذهبي ولا غيره هوية هذه الاحاديث وما الذي تهدف اليه، ولماذا اختار الخليفة السياسي احراق هذه الأحاديث دون غيرها..؟!
ورواها كثير من الصحابة حتى بلغت اكثر من ألف حديث، ونحن نظن ان هذه الاحاديث كلها هي في فضائل امير المؤمنين ع؛ لأن هذه الاحاديث ستعطي للمعارضة العلوية شرعية واضحة المعالم من اجل الوقوف امام حركة السقيفة، لذلك عمد الخليفة السياسي الاول الى اقصاء هذه الاحاديث وان يقيم على هؤلاء الرواة اقامة جبرية، ومنع تداول وتناول الاحاديث في داخل المدينة او خارجها الا لراويين احدهما كعب الاحبار وابو هريرة.
اما العهد الثالث فقد توسعت هذه المنهجية واتسع هذا المشروع، ووصل الامر ان يعتدوا على اهل الروايات حتى ضربوا عمارا ضربا مبرحا، وكذلك ابو ذر نُفي من المدينة بمرأى ومسمع من السلطة..! وامتد هذا المشروع الى اقصاء الحديث حتى في عهد عمر بن عبد العزيز.
ان الظرف الذي عاشه الامام الباقر ع هو ظرف خاص من الغزوات والفتوحات الاسلامية الكثيرة، من هنا نجد ان هؤلاء الحكام سخروا الحديث النبوي من اجل خدمة حركة الفتوحات والتوسعات الاسلامية.
عندنا الكثير من الاشارات والتوقفات على هذه الفتوحات وهي ليست ايجابية بل فتوحات من اجل التوسع وتوسيع حكم الحاكم الاسلامي، وليس من اجل بيان الدين الجديد..! هذه الفتوحات أثرت بشكل سلبي على الحالة الاسلامية.
ومن هنا انطلق الامام الباقر ع واستمر هذا الظرف الاستثنائي ليحدث عن جده الرسول نجد ان الحديث قد اشيع في زمن الامام الباقر ع، فالأمويون بدأوا ينطلقون بحالات من الافكار الجديدة منها: القضاء والقدر خدمة للحاكم القضاء فقط حاول الامويون ان يستثمروها من اجل ارساء وجودهم، وان الحاكم لا يخطأ، وهو مسدد من قبل الله تعالى..!
الامام الباقر ع بيّن ما هو القدر والقضاء، فكانت مدرسة الامام ع مدرسة فكرية بامتياز، فتحت الآفاق لفهم مثل هذه المفردات التي حاولت السلطة ان تسيرها لصالحها.
إن عصر الامام الباقر ع شهد تصاعد مفاهيم وحالات الجدل بين اوساط المسلمين في مسألة الامامة، فمفردة الامامة ما هي، وكيف يمكن ان نفهم هذه الامامة وخلافته التي طرحت من هنا وهناك، من مدارس سلطوية استثمرها هذا وهذاك.
هنا نجد الامام الباقر ع استخدم كل طاقاته من اجل معالم الامامة.
ان العهد الاموي كان تحت السلطنة وهيمنة الروم، وكانت سكته سكة رومية ارادوا استثمار هذا الضعف الاقتصادي، فطلب الحاكم الروماني من عبد الملك بن مروان شيئاً لم ينفذه عبد الملك، فهدد الحاكم الروماني انه سيكتب في شعار السكة الرومانية شيئاً يمس النبي ص وهذه ازمة ستمر بالحاكم الاموي، فلذلك استعان عبد الملك بن مروان بالإمام الباقر ع، فاستثمر الامام الباقر هذا الظرف بأن يسك السكة الاسلامية لأول مرة، ويشهد في ذلك الكثير من المؤرخين.
ان هناك حركات ثورية مسلحة في عهد الامام الباقر ع استثمرها اصحابها من اجل رفع شعار اهل البيت D من اجل ان تكون هذه الحركات مرتبطة بالإمام الباقر ع، حيث تجد ان الامام الباقر والامام الصاق ع استطاعا ان يوجها الحركات الثورية المسلحة في زمنهما.