(وقال النخاس)

22-06-2019
لجنة المناسبات
:ـ من هذا الرجل الذي كان معك أمس؟ قلت: رجل من بني هاشم.
:ـ من أي بني هاشم؟ قلت: من نقبائهم. قال:ـ أريد أكثر من هذا. أجبته: ما عندي أكثر من هذا. حاولت أن أستفز هذا الرجل المغربي، فقلت له: لماذا تسأل؟ فقال: أجيبك بشرط أن أعرف من انت؟
قلت: أنا هشام بن أحمد، سألني: هل لاحظت انه كان يبحث عن جارية انا ابعدتها عن النظر؛ كوني أردت أن استخلصها لنفسي، لكنه كان وكأنه يعلم، انا حجبت عنه الجارية التي يريد، وطالبني أن أعرض ما لديّ، فنكرت أن يكون لدي غير الذي عرضت من النساء.
ثم قال النخاس المغربي: أنا سأخبرك عن امر ادهشني، لقد اشتريت جارية من اقصى المغرب، فلقيتني امرأة من أهل الكتاب، فقالت: من هذه الوصيفة معك؟ قلت: اشتريتها لنفسي، قالت: ما ينبغي أن تكون عند مثلك، إن هذه الجارية ينبغي ان تكون عند خير أهل الأرض، ولا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد منه غلاماً يدين له شرق الأرض وغربها.
هذه الحادثة تذكرتها يوم ولدت له علياً الرضا A، وسمعت بنفسي مولاي الكاظم يقول: والله ما اشتريت هذه الجارية إلا بأمر من الله ووحيه، بينما أنا نائم إذ أتاني جدي وأبي، ومعهما قطعة حرير، فنشراها، فإذا قميص فيه صورة هذه الجارية، فقالا: يا موسى ليكونن لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك، ثم أمرني أبي إذا ولد لي ولد أن أسميه عليا، وقالا: إن الله (عز وجل) سيظهر به العدل والرحمة، طوبى لمن صدقه، وويل لمن عاداه وجحده.
كانت لهذه المرأة عدة أسماء منها: (تكتم، والخيزران، أروى، نجمة، أم البنين). ومن مظاهر عبادتها أنها لما ولدت الإمام الرضا A قالت: أعينوني بمرضعة، فقيل لها: أنقص الدر؟ قالت: ما أكذب، ما نقص الدر، ولكن علي ورد من صلاتي وتسبيحي، وأشرقت الأرض بمولد الإمام الرضا A، فقد ولد خير أهل الأرض، وأكثرهم عائدة على الإسلام، وسرت موجات من السرور والفرح عند آل النبي J.
وقد استقبل الإمام الكاظم النبأ بهذا المولود المبارك بمزيد من الابتهاج، وسارع إلى السيدة زوجته يهنئها بوليدها قائلاً: "هنيئا لك يا نجمة كرامة لك من ربك.." وأخذ وليده المبارك، وقد لف في خرقة بيضاء، وأجرى عليه المراسيم الشرعية، فأذَّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات فحنكه به، ثم رده إلى أمه، وقال لها: "خذيه فانه بقية الله في أرضه". وأول صوت قرع سمعه هو: "الله اكبر". "لا اله إلا الله". وهذه الكلمات المشرقة هي سر الوجود، وأنشودة المتقين.
وسمّى الإمام الكاظم A وليده المبارك باسم جده الإمام أمير المؤمنين علي A، تبركا وتيمنا بهذا الاسم الذي يرمز لأعظم شخصية خلقت في دنيا الإسلام، والتي تحلت بجميع فضائل الدنيا.