(شذرات حسينية)

22-06-2019
لجنة الدراسات والبحوث
إن القراءة التقليدية للثورة الحسينية استوعبت الكثير من مساحاتها التاريخية الا انها ساهمت في بعض من المراحل التثقيفية لهذه الثورة المعطاء، لن نقرأ الثورة الحسينية بقراءة معكوسة لتسجيل الكثير من الوقوفات، قد تحملها القراءة التقليدية، نحاول ان نثير التجربة الأولى في القراءة المعكوسة للثورة الحسينية، على بعض خفاياها.
السر الثوري الحسيني لم نستطع استيحاءه من المحتملات، نحن قادرون على فك الترميز الثوري بل استطعنا ان نقف على بعض ما وقفتنا عليه الروايات، وهي تجربة جديدة لقراءة الماضي لغرض الاحتمالات المستخلصة من المشاهدة والمحطات التاريخية لتشكل علامات استفهام تندرج ضمن سياقات الواقعة التاريخية، نتواصل مع الماضي بالبحث الاستفهامي او الاستنكاري لنغوص في أعماق الحادثة.
والمختبر التاريخي يرى ان المشكلة التاريخية تنحدر من اعماقنا لتشكل حاجزاً او عائقاً في الفهم التاريخي، ولعل السبب في هذا الابتلاء المعرفي هو غياب الحالة التحليلية او التجربة المختبرية، وبات البحث التاريخي متهماً طائفياً او أداة محرضة على الفتنة او مكسباً شخصياً او هدفاً سياسياً، والتجربة من اجل الوقوف على ما وراء الحدث، فان الحراك الفكري الذي تحدثه الطريقة المختبرية في الاستقطاب المعرفي يجعلنا مدفوعين باتجاه استحداث هذه الآلية المعرفية التحليلية:
(المحاولة الأولى):
ماذا لو بايع الامام الحسين A يزيد؟ لكان السبب المباشر لثورة الحسين A هو امتناعه عن البيعة ليزيد الفاسق شارب للخمر.
ما الذي دعا الامام الحسين A ان لا يبايع؟ لئلا يعرض نفسه واهل بيته للقتل والسبي والتنكيل، اذ لو بايع الامام الحسين A يزيد واعتذر لقلة الناصر لكان أمراً مقبولا فيه، ولسلم الامام الحسين A واهل بيته والمسلمون يقدرون بقلة الناصر، والحسين سبط رسول الله J هو من عامة الناس لذا لابد لهم من الطاعة.
مبايعة الامام الحسين A ليزيد هي من قبيل البيعة العامة للخليفة ولا احد يرضى للحسين A وهو سبط النبي J وخامس اهل الكساء باجماع المسلمين، ان يكون من سوقة الناس وعامتهم تلزمه بيعة فاجر.
والحسين A صرح بأن يزيد ليس اهلا لهذه البيعة، وبيعة الحسين ليزيد تجعل خلافته تامة، ان البيعة في المفهوم العام تعني العهد، تكون بصفقة البيعة التي هي كصفقة البيع والشراء بغض النظر عن مشروعيتها العامة لا يمكن ان يبايع ثم لا يلتزم بهذه البيعة.
(الحالة الثانية):
فرضية: لو اختار الامام الحسين A غير الكوفة؟ اقترح عبد الله بن عباس على الامام الحسين A بالذهاب الى اليمن وقد وصف عبد الله بن عباس الكوفة بالغدر ونكوث العهود، فإن فيها عزلة ولنا فيها انصار واعوان وبها قلاع وشعوب لا تتعدى عن قراءة الواقع بالرواية المادية، وحساب الخسارة والربح المادي ذلك الاحترام لآراء المشفقة والمتوجسة ينظر الى الامر بنظر غيبي يمكن تجاوز هذه الآراء.
مبايعة الكوفيين له وتواتر الكتب وكان اهل الكوفة كتبوا اليه: (انا معك مائة الف...) ولابد له ان يتصدى لأمر الامة وإظهار كلمة الله تعالى بعد ان آلت الى الاندثار والافول.
لو افترضنا ان الامام الحسين A توجه الى اليمن وتحصن بجبالها وتستر بشعبها ولا يبقى للحسين A فضل الجهاد ومقارعة الطغاة، لو استطاع الامام الحسين A ان يقيم دولة كبقية البلدان من الدول العربية تكون بمنزلة ولاية متمردة يقرأها التاريخ دون ان يكون لها بريق المظلومية التي أحدثت الانتصار.
تأسيس الدولة: لم يكن طموح الامام الحسين A ولو اختار الامام الحسين A بلدا غير الكوفة لما تعدت ثورة مجرياتها الى الحد الذي تعيشه هذه الثورة من شهرة وسمعة فاقت توقعات الجميع، وذلك لما للكوفة من خصائص ساعدت على انتشار الثورة.
(المحاولة الثالثة):
فرضية: لو ابقى الامام الحسين A عياله في المدينة، مشروع الثورة بحاجة الى جهد اعلامي يتناسب وضخامة التضحيات المقدمة كما الجهد لهذا المشروع الإعلامي الذي سيأخذ على عاتقه ردع محاولات النظام ان تكون له وسائل إعلامية تنفذ المشروع، والامام زين العابدين A هو المرشح المطروح لمشروع التصفية الاموية؛ لكونه خليفة ابيه، ولا نستبعد ان يقدم الوالي الاموي وهو سعيد العاص المعروف ببطشه على تصفية الامام زين العابدين A فور مقتل ابيه كرد فعل احترازي او محاولة انتقامية.
(المحاولة الرابعة):
فرضية الإبقاء على الأطفال وخصوصا عبد الله الرضيع وعدم تعرضه للتصفية والقتل بهذه الطريقة الوحشية، وهو ماذا لو لم يقتل الرضيع بهذه الطريقة؟
ان مقتل عبد الله الرضيع بطريقة اموية خاصة قدم للعالم وحشية هذا النظام وعدم اعترافه بأي حقوق، ان استشهاد عبد الله الرضيع بهذه الطريقة الوحشية اعطى لحركة الامام الحسين عليه السلام بُعد المظلومية.