التاريخ هو أعظم معلم للبشرية، فيه التجارب والسير والتعرف على الصواب، هو الأساس الذي تبنى عليه البنيان الشامخ، لابد من قراءة التأريخ قراءة صحيحة على يد العلماء وأهل المعرفة، وقراءة المفكر الشيخ ضياء الدين زين الدين، في موضوع علاقة الامة الاسلامية بالثورة الحسينية، وهو أحد البحوث المهمة من بحوث مهرجان ربيع الشهادة الخامس عشر.
والمعروف أن ثورة الامام الحسين A جسدت في نهضتها قيم ومبادئ وحقوق الأمة، ومنها الاصلاح، كشأن من شؤون الأمة، تضمنت معالم النهضة الحسينية لتمتين أواصر الثقة بالمعتقدات، والتأكيد على وحدة الأمة، ومنع اثارة التفرقة العنصرية، والطائفية والقبلية وشروط الكفاءة والاستقامة.
واستطاعت ان توقظ الضمير الانساني ويؤثر فيه باتجاه القيم الحقة، ثم يعلق علاقة البشرية بالملكة القيمية المباركة، بقوله الحاسم: (من قبلني بقبول الحق فالله اولى، ومن ردّ عليّ أصبر حتى يحكم الله هو خير الحاكمين)، فالإمام الحسين A ركز دعوته الاصلاحية الى صيانة الكرامة الانسانية ورفض العبودية، وضرورة نشر الوعي، يقول A: "ألا ومن كان فينا باذلاً مهجته، موطناً على لقاء الله نفسه ليرحل معنا".
إذن، الموضوع لا يقف عند حدود هذا التواصل كديمومة الى حيوية الفعل المنهجي، امتداد علاقة الانسان بالدين وبالنهج الرسالي، الذي بدأ بالنبي J، ليختم بصاحب العصر والزمان f محور الصلة مع النهضة الحسينية.
ربما يعتقد البعض أن الشعائر العاطفية والوجدانية هي محور الصلة، يرى الشيخ الباحث ان لها قيما تربوية كبرى في شد القلوب، الشيخ الباحث يرى أنه لابد من التكامل مع المثل العليا والقيم، والا فالعواطف المجردة، لا ترتبط بالدين؛ كون الدين منهجا حياتيا.
المثقف والعالم يبحث عن دوره، فهو يرتبط بها يجاري الشعائر دون ان يرتبط بها الا من باب التوارث؛ كونه يطمح في معنى التواصل الفكري والروحي.
هناك تواصل جمعي بين النهضة الحسينية؛ كونها ترمز انسانيا الى وثوب نابض بالضمير الايجابي، والمقصود بالثقافة استثارة الذهن وتهذيب الذائقة ونفسية الملكة المعرفية والفن والأخلاق، وبهذه المعطيات حافظ على ديمومة الثورة الحسين.
ويرى المؤلف الشيخ ضياء الدين أن اول راعٍ للعلاقة مع النهضة الحسينية كان العباس A حين ناداه الشمر بن ذي جوشن: اين العباس واخوته، اين بنو اختنا؟ لم يكن هناك جواب ولم يجبه، الا بعد أن أمره الحسين A بالجواب.
فالإنسان ينبغي أن تكون له علاقة قائمة على حجة الهية شرعية، اذن المسألة تتجاوز حدود العاطفة وهو الذي بذل العمر من اجل سيد الشهداء الحسين A، واعتبر العمر من بعد القائد ذلاً وهواناً، قدم لنا الشيخ ضياء الدين بحثاً مهماً فيه حراك ثقافي مدرك.