قراءة في كتاب (أروقة الثقافة) للكاتب (خالد مهدي الشمري)
22-06-2019
لجنة الدراسات والبحوث
تتحمل كربلاء أعباء المسؤولية الابداعية والوعي المدرك من اكثر من وجهة لموقعها التاريخي الانساني ومعناها الايماني، فهي تتحمل مسؤولية الرفض السلطوي، وتتميز فيها القدرات الابداعية التي تحمل سمات انتماءها الفكري وتلك خصوصية كربلاء.
الكاتب خالد مهدي الشمري اصدر كتابا بعنوان (أروقة الثقافة) مخصصا للملتقيات الثقافية في كربلاء المقدسة، قدم الكتاب الدكتور محمد عبد فيحان الذي رأى كربلاء منبع الادب والشعر وهي الأرض الخصبة للجمال، كربلاء تمثل اليوم كعبة ترنو اليها الانظار وتتجه نحوها القلوب والمشاعر، فقد ضمت في ثراها الطيب مثوى سيد الشهداء ولولا هذا المثوى الطاهر الشريف لم تكن كربلاء بهذا الشأن المقدس وهذه المكانة الانسانية وهذه الفاعلية التاريخية والحضارية والثورية المحركة للأحداث، وقد اصبح الوجود الحسيني فيها مركز اشعاع فكري وثقافي وديني وحضاري، وفضاء مفتوحا تسوده الحرية والعدالة والسلام، خالياً من الظلم والفساد والطغيان وامتهان كرامة الانسان وحريته.
هذه الثقافة الانسانية تجذرت في ارض كربلاء وفي نفوس ابنائها ومثقفيها بكل حقول المعرفة، ولهذا كانت هذه المدينة الباسلة هدفا لكل الانظمة الحاكمة بالطغيان والفساد مورست ضدها كل اشكال القمع والترهيب.
واذا كانت قصة المقتل الحسيني الشريف وما قبلها من مدونات تحكي قصة كربلاء مع التأريخ هي الوثائق الاولى لتجسيد الوجه الحضاري والبطولي والانساني في هذه المدينة الاصيلة، فإن ما جاء بعد العاشر من محرم سنة 61هـ من ادبيات وبحوث ودواوين ومؤلفات ومحاضرات ومظاهر درامية وفنون متنوعة تشكل روافد ثرة لثقافة هذه المدينة وتوثيقا تاريخيا واجتماعيا وفكريا وانسانيا حلق بها من حدود المحلية الضيقة الى فضاءات العالمية الواسعة.
فكانت وما تزال كربلاء سيدة المدن وكعبتها وقصيدة القصائد وهي ركيزة من ركائز الحضارة الانسانية وقلعة شامخة من قلاع الثقافة والتجديد والرقي الابداعي.
وفي عصرنا الحديث انبرى عدد من الكتاب والباحثين والاعلاميين المخلصين لتدوين تاريخ هذه المدينة وتوثيق الاحداث التي مرت بها وحياة اهلها الاجتماعية والثقافية والسياسية.
واليوم يقدم الباحث الاديب والاعلامي خالد مهدي الشمري عرضا موسوعيا للمنتديات والاتحادات والملتقيات الثقافية والادبية في كربلاء وخلاصة موضوعية لأبرز نشاطاتها وفعالياتها.
ويقول الدكتور محمد عبد فيحان في مقدمته: انه اصدار ثقافي واعلامي يضاف الى مجموعة من الكتب والمؤلفات الارشيفية التي توثق عطاء ابناء هذه المدينة المباركة.
ويرى المؤلف خالد مهدي الشمري ان كربلاء تشهد حركة ثقافية كبيرة بشقيها الديني والثقافي فيها ونقف على الجانب الثقافي فيها ونقف عند الاماكن الثقافية والخوض في مجال واحد هو المنتديات الادبية، فلكربلاء خصوصية وخاصة في مجال الثقافة حيث تمتزج فيها كل العروق؛ لأنها محط ترحال كل البلدان ومن كل المحافظات.
ألطف ما جاء في الكتاب هو تسليط الضوء على مجالس الامام الصادق A في كربلاء، فالمعروف عند عامة الناس انها كانت زيارة عابرة لكن هنا تتوضح الامور بشكل لطيف عند استقراره في كربلاء؛ كونه اول مجلس علم يعقد في كربلاء.
وبعد ان رحل A اتخذ الشيعة مجلسه مكانا للدرس، فالكتاب يرى ان للإمام الصادق A الفضل في ارساء دعائم مدرسة كربلاء العلمية لتغدو فيما بعد واحدة من مدارس العلم والمعرفة.
وقد اسهم من بعده السيد ابراهيم بن محمد العابد ابن الامام موسى بن جعفر D المعروف بالمجاب في ابقاء مجلس درس كربلاء ثم اولاده واحفاده من بعده.
كانت تعقد مجالس ادبية ونواد علمية يلتقي بها رجال البلد والوجهاء والاغنياء والشعراء والادباء من الشيوخ وشباب يقضون اوقاتهم في مرتكزات الثقافة.
عندي فقط ملاحظة عابرة اذ كتب المؤلف خالد الشمري عن اتحاد ادباء كربلاء معلومة اود التعقيب عليها: (من الذين شغلوا رئاسة الاتحاد الشيخ عبد اللطيف الدارمي الذي التف حوله الكثير من الادباء والشعراء) والحقيقة انه حصل على الرئاسة بـ14 صوتا فقط، وجاء ترتيبه في آخر القائمة ولم يقبل احد ان يكون معه في عضوية الاتحاد، وتدخل المحافظ بنفسه لحل ازمة عضوية الاتحاد، وحتى هذا العدد حصل عليه من الموظفين وبعض رفاق الحزب..!
وكتاب اروقة الثقافة من الكتب التوثيقية المهمة والتي كانت جولة رائعة في ملتقيات كربلاء.. عمل طيب.