المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: لابُدّ من وجود حصانةٍ اجتماعيّةٍ تدفعُ المشاكلَ الدخيلة، وهذه مسؤوليّةُ الجميع بلا استثناء...

11-06-2019
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: لابُدّ من وجود حصانةٍ اجتماعيّةٍ تدفعُ المشاكلَ الدخيلة، وهذه مسؤوليّةُ الجميع بلا استثناء...
بيّنت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّه لابُدّ من وجود حصانةٍ وحمايةٍ للمجتمع، ضدّ الثقافات الهجينة التي ولّدت تصرّفاتٍ لم تكن في البلد أصلاً، عن طريق برامج حقيقيّة قابلة للتطبيق، وهذه مسؤوليّةُ الجميع لا نستثني منها أحداً ولا يُمكن أن نُعالج القضيّة بعد وقوعها...جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة هذا اليوم (25 رمضان المكرّم 1440هـ) الموافق لـ(31 آيار 2019م)، التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الطاهر وكانت بإمامة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه)، وهذا نصّها:
اليوم نحبّ أن نتكلّم عن العنف وهي الحالة التي يستخدم فيها الإنسان غالباً عضلاته في بسط ما يريد، وتجد هذه الحالة -حالة العنف- هي حالة بدائيّة وحالة غير حضاريّة، وقد تتطوّر هذه الحالة الى حالة محاولة الإقناع القسريّ ببعض الأفكار مثلاً، لكنّ الذي يعنينا منها بالدرجة الأساس هو ما نشاهده حقيقةً في أوساطنا الكثيرة من الغلظة في التعامل واستعمال العنف في مجموعةٍ كثيرة من حلّ بعض المشاكل.
المشاكل لا تُقضى بهذه الطريقة بالعكس قد تؤدّي طريقةُ العنف الى مشاكل مضاعفة، الإنسان في بعض الحالات قد يكون تحت يده من هو أضعف منه، إمّا أنّه ليست له قدرة جسديّة على مقاومته أو يتوقّع أنّ هذا نحواً من الارتباط يبيح له أن يستخدم العنف معه، من باب المثال صاحبُ معملٍ يستخدم العنف وقد يصل الحال الى الضرب مع بعض العمّال، يستغلّ حاجة العامل الى العمل فيستعمل معه طريقة العنف؛ لاعتقاده أنّ هذا العامل سيبقى ساكتاً من أجل أن يستمرّ في العمل، فيستغلّ ظرفه الاقتصاديّ ليمارس العنف في حقه.
الزوج بطبيعة ارتباطه مع الزوجة قد يستعمل العنف مع الزوجة، بحيث تصل الحالة الى الضرب والإدماء، وفي بعض الحالات كثيراً ما تُنقل الزوجة الى المستشفى، هذه حالةُ العنف والتربية على العنف تارةً تكون حالة خاصّة فتُعالج، وتارةً تكون حالةً بدأت تتكرّر، الإنسان ليس من السهل عليه كشخص أنّه في حالة الاستفزاز دائماً يلجأ الى الأساليب البدائيّة بالضرب، أو يحاول أن يفرض بعض الأمور بطريقةٍ فيها هذا الجانب العنفي، ولذلك هناك حلول وهناك مشاكل وقطعاً تشخيصُ المشكلة في غاية الأهمّية من أجل طرح الحلول.
لاحظوا إخواني التربية مهمّة من الصغر، وفي جميع أدبيّاتنا العرفيّة والدينيّة أنّ (التعلّم في الصغر كالنقش على الحجر) بمعنى أنّه لا يُمحى بل يبقى الى طول حياة هذا الشخص ما دام حيّاً، الآن عندنا وسائل التربية تشجّع على مسألة العنف، حتّى داخل الأسرة يبدأ الطفل عندما يضرب أخاه تجد الأب يستأنس بهذه الحالة، يعتقد أنّ هذه العمليّة لتقوية الشجاعة لدى الطفل، الشجاعة قضيّة قلبيّة ليست لها علاقة بالعضلات، الإنسان الشجاع هو الإنسان الذي له قلبٌ يُقدم حيث الإقدام ويحجم حيث الإحجام، استعمال العضلات دائماً أشبه بعمليّةٍ خارج اللياقات الإنسانيّة أصلاً، فعندما يعوّد هذا الأب ولده على هذه الطريقة، تارةً تربّيه على استعمال العضلات حتّى يتحمّل الشدائد ويكون شخصاً قويّاً هذا جيّد لكن بلا إساءة للآخرين، تدرّب ولدك على مسائل فيها رجولة وفيها تقويةُ بأس هذا جيّد ومطلوب، لكن لا تعوّده على الاعتداء على الآخرين.
الإنسان الشابّ مسؤوليّتنا فعليه أن يشعر بالتفاؤل وعليه أن يشعر بالأمل وعليه أن يترك اليأس، فهذا شابٌّ أمامه الحياة مفتوحة، إذا أنت تتركه سيقع في مشاكل أخلاقيّة ومشاكل تربويّة وسيقع في حالة يرى أنّ الدنيا مظلمة، بعض الشباب بدأ يُدخل نفسه بكسبٍ ماليّ سريع حتّى وإن ورّط أهله وورّط أصحابه نتيجة غباءٍ في التصرّف وعدم حكمة.
العنف أصبح في كلّ شيء، أطفال بعمر الخمس والستّ سنوات لا يعرف أن يلعب مع زميله إلّا في عمليّة عنف، وينمو ويكبر على طريقة العنف، ويبدأ الآن يستعرض أعراض العالم ويعتدي على الناس ويعتدي على الفقراء والبسطاء، هل هذه طريقة للتربية؟!
يُستحبّ للإنسان أن يربّي ولده على الشجاعة وعلى الرجولة وعلى مشاقّ الأعمال حتّى عندما يزجّه في المجتمع وهو مملوء من التجربة والكياسة يكون عاملاً نافعاً، هذا ليست له علاقة بالعنف.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقنا وإيّاكم أن نكون مجتمعاً مباركاً بعيداً عن كلّ ألوان العنف السلبيّة، ونسأل الله أن يتربّوا على فضائل الأخلاق فالأخلاق الفاضلة النبيلة هذا هو المأمول، نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق للجميع، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.