كيف تحافظ على طاقتك؟
23-05-2019
مهند سلمان السهلاني
كيف تحافظ على طاقتك؟
مع كل اشراقة شمس وبزوغ يوم جديد، ينهض الانسان من نومه وقد اكسب نفسه وجسمه قسطا من الراحة، فيرحل عنه عناء اليوم الماضي، حاملاً أثقاله على ظهره المحدودب، وتنبعث فيه الطاقة والنشاط كما تنبعث اشعة الشمس على الاشجار والبناء وسائر الكائنات على سطح الارض، وفي تلك الأجواء المفعمة ينهمر غيث الأمل ويهطل التفاؤل مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير.
إن طاقة الانسان محدودة بحجم معين ونسبة متفاوتة، وإن ذلك الحجم يختلف بالنسبة للشخص الواحد بين يوم وآخر تبعا لجملة من العوامل والمؤثرات، كما أن حجم هذه الطاقة يختلف بين شخص وآخر، ومن أبرز هذه العوامل:
1- مقدار الجهد المبذول: فإن العلاقة بين العناء والتعب والارهاق الذي يصيب الانسان في جسمه ويشعر به في نفسه وبين الجهد الذي يبذله الانسان للقيام بمجمل الاعمال اليومية ضمن طبيعة حياته الاجتماعية هي علاقة طردية، بمعنى أن العناء والتعب يتناسب طرديا مع حجم وكمية ونوع الجهد الذي يبذله الانسان في اعماله المختلفة.
فكلّما زاد الجهد ازداد العناء وتضاعف التعب، مما يتطلّب حصول الانسان على راحة أكبر وبنسبة أكثر، وإن هذا المسار ينعكس على كمية الطاقة المخزونة لدى الانسان، فإنه سيصرف طاقة أكبر كلّما بذل جهدا أكثر، ومن جهة أخرى فإن كمية الطاقة التي ستتجدد لدى الانسان تعتمد على كمية الاستراحة ونسبة زوال التعب والعناء.
2- عمر الانسان: فإن عمر الانسان من المقاييس المهمة والعوامل المؤثرة جدا في كمية الطاقة لديه، ومثال ذلك أن الشاب يكون أكثر احتواءً للطاقة واكبر نشاطا من كبار السن، فإن المرحلة العمرية للإنسان تحكم قبضتها على كمية الطاقة المتجددة لديه..!
3- الحالة النفسية والصحية: ثمة علاقة رصينة جدا بين الحالة النفسية للإنسان وصحة جسمه وبين قدرته الجسدية، ومثال ذلك أن الانسان الحزين والكئيب والذي اصابه اليأس لفقد شخص عزيز او حاجة مهمة او وقوع مصيبة او تعرضه لفشل في مشروع يشعر بضعف القدرة على فعل اي شيء وتتهاوى همته امام التحديات..! ومن جهة أخرى، فإن الانسان الذي يمر بحالة ايجابية من الشعور بالنجاح أو الرضا أو التفاؤل، فإنه يشعر بامتلاكه لقدرات هائلة من النشاط والحيوية ونسبة كبيرة من الطاقة..!
4- كمية ونوع الاستراحة: إن الاستراحة لا تكون الا بعد الشعور بالتعب والارهاق النفسي او الجسدي، وتعد السبيل الوحيد للتخلص من اثقال الاتعاب العالقة بالجسم والنفس البشرية؛ بسبب الاحداث التي يمر بها الانسان وجهود الاعمال اليومية وظروف الحياة، وهي تمثّل خير وسيلة للحصول على الطاقة وتجديد النشاط والحيوية.
وتتخذ أنماطا سلوكية مختلفة تبعا لاختلاف نوع الشعور بالعناء فيما اذا كان عناءً نفسيا ام بدنيا وتبعا لاختلاف الاشخاص وهواياتهم وطريقة تفكيرهم، مثل: النوم او الذهاب في نزهة أو قراءة كتاب ما وتلاوة القرآن الكريم وزيارة المشاهد المشرفة للائمة الهداة وزيارة الاقارب والاصدقاء او ممارسة بعض الهوايات مثل: الرسم والتمارين الرياضية والالعاب الالكترونية.
فإذ أن طاقة الانسان تمثّل العملة النادرة ورأس المال فبدونها لا يمكنه القيام بأي عمل او انجاز فيكون مثله كمثل الجمادات والخشب المسندة، لذا يتوجب على الانسان الحفاظ على طاقته وحسن ادارتها بشكل فعّال؛ بغية توجيه استخدامها في انجاز الاعمال المهمة وتحقيق الاهداف ونيل المقاصد، بيد أننا نهدر طاقتنا كل يوم كأجزاء متفرقة ومتبعثرة في جملة من السلوكيات اليومية العديمة الهدف، ومن أبرز هذه السلوكيات:
1- كثرة الحديث والنقاش والجدل في أمور لا تعني الإنسان بشكل مباشر، مثل: الانشغال بأخطاء الآخرين وسلبياتهم وعثراتهم، او ربما تعنيه بلحاظ ما إلّا ان كلامه لا جدوى منه..!؛ لأنه ليس في دائرة التأثير على صناع القرار مثل الانشغال في الحديث عن دهاليز السياسة واخطاء الساسة وغيرها من الانماط؛ مما يسمح بتهريب جزء من الطاقة الايجابية والاستعاضة عنها بالطاقة السلبية..!
2- الانشغال بالملّهيات واعتبارها هوايات: ومصاديق ذلك كثيرة مثل الادمان على الالعاب الالكترونية- مثل لعبة بوبجي وغيرها - ومواقع التواصل الاجتماعي وقنوات التلفاز بساعات كثيرة متوالية، كما هو حال الكثير من الشباب الذين يسهرون الليل احياءً لهذه السلوكيات الخاطئة تاركين اهدافهم وغاياتهم تحت رعاية الاهمال وظلام اللامبالاة..!، مما يبدّد الجزء الأكبر من تلك الطاقة ويقلّل كثيرا من نسبة الطاقة المتجددة في اليوم التالي بفعل السهر وقلة النوم وكثرة الجهود التي بذلت في ممارسة تلك الالعاب..!
دعونا نشبه هذه الطاقة المتجددة لدى كل فرد منا بكمية من الماء في قنينة ذات حجم (1 لتر)، واننا نريد أن نسقي نبتة ورد في الحديقة بهذه الكمية من الماء، فماذا يحدث لو اننا ثقبّنا هذه القنينة عدة ثقوب بالدبوس اثناء ذهابنا لسقي هذه النبتة؟، والاجابة واضحة بأن كمية الماء التي ستتبقى ونتمكن من توصيلها الى النبتة ضئيلة جدا او معدومة؛ بسبب تسرب غالبية الماء من الثقوب التي احدثناها في قنينة الماء، فهكذا يكون الواقع حينما نبدد طاقتنا اليومية في جملة من السلوكيات العديمة الفائدة اثناء طريقنا لإنجاز عملنا الرئيس فنتفاجأ عند قيامنا بعملنا الاساسي بالشعور بالضعف والتعب وقلة الرغبة والقدرة على اتمام وانجاز العمل؛ لعدم بقاء الطاقة الكافية..!؛ ولذا نحن نتعرض للفشل كل يوم..!