قراءة انطباعية في نصّ مسرحية (مواسم العطش)
11-05-2019
لجنة الدراسات والبحوث
قراءة انطباعية
في نصّ مسرحية (مواسم العطش)
للكاتبة المسرحية: (سحر الشامي)
الابداع لا يحتاج الى كلام، والمبدع لا يحتاج الى تعريف، انها الكاتبة (سحر الشامي)، ربما هذا الأسلوب التقديمي يصلح أن يكون اعلاناً اكثر مما هو انطباع، ولا يهم كونها كاتبة موهوبة جريئة، قدمت نصها المسرحي (مواسم العطش) في مسابقة النص المسرحي في مهرجان المسرح الحسيني في العتبة العباسية المقدسة.
تماهت الكاتبة مع واقعة الطف بامتدادها الحضاري، لتستدرك ما يريده منا الحسين A اليوم، القضية الحسينية لا تقف عند الحزن والمواساة، بل الى أبعد الى التعالق الحقيقي مع مفهوم الثورة، بعيدا عن الانكسارية والمصائبية قريبا الى فلسفة التواصل الجهوري.
هناك عالم نصي قد لا يشبه العالم التاريخي او الواقع التاريخي برمته، قد يتواءم معه (المعادل الموضوعي) ظمأ الحسين A في الواقع النصي بعيدا عن عوالم العطش الطفي.
هناك حرب وهناك صليل سيوف وصهيل خيول، صياغة العطش عند الكاتبة سحر الشامي جاء عبر وعي الرؤية: الحسين A يطلب شربة ماء، ما معنى منظر العطش الحسيني اليوم، مناقشة ذكية، الحسين يطلب منا ان نرويه، النص رغم عفويته لكنه ليحتكم الى عمق فلسفي، يحاور الحرمان والظمأ وقصة الموت، لماذا نجعل من كلمة راحة هدفاً سامياً لا يسبقه هدف؟ لماذا نطبق على الحياة قوانين الخلود؟ لماذا نشعر دائما الموت فكرة قديمة/ صار الثراء عالمنا، لا نحسن مع الصدق حوار، وكأنها تريد أن تقول: ان العطش الحسيني يتمثل فينا نحن الذين لم نفهم الى اليوم معنى الطف الحسيني، ولماذا كان العطش هو محور الهوية الوجدانية.
نص مسرحي فيه ثراء فكري، معروض ببساطة والبساطة في الفن معجزة تتجلى فيها الرؤية عبر مخاض النص، البحث، خشية السقوط، الحزن الذي لابد ان لا يكون معوقا، التجرد التام امام القضية، اللقاء بالفتاة عليلة الحسين A يأخذ اكثر من منحى، ليصير المتاع عند هذه الفتاة سهماً مشعباً.
الجرأة المعروضة في النص جرأة فكرية، التفتيش عن طريق نجهله، والبحث عن الفتاة المقدسة، الانفصال عن الوجود صار لرحيم بطل المسرحية، رحيم الباحث عن جوهر الظمأ الحسيني، ذاتاً غير ذاته وقوانين غريبة تحكم قوانينه حتى فقد التوازن، أصبح غير قادر على التواصل، وغار النص في جرأته عميقاً.
رحيم يخاطب الرمز الحسيني، بجوهر الواقع المر: سيدي يا أبا عبد الله، انطفأ النهار وحلت عتمة الليل، لكن هل هناك عتمة مثل عتمة روحي، لكن مع كل هذه الضبابية هناك اشراقة يقينية يتمسك بها المعنى النصي، تبدد عتمة الروح، يصبح التوجه الى الله هي قيمة الاشراق الروحي: (أتوجه اليك بسيدي الشهيد الظامئ ان لا تجعل الوحوش تعيق سيري اليه).
النص ابتعد عن النمطية السردية وشكل مضامين عبر صياغات نثرية لها حضور المشهدية المسرحية يدرك من خلالها معنى الظمأ، ليصل الى مفهوم الرواء الإنساني عبر الصلاة والالتزام بالصلاة هي صلة الارواء الروحي لحسين الحاضر والمستقبل، ومن يصلي لله تعالى يصلي الحسين، الصلاة هي النهر الذي يروي سيدي الحسين، هو اليقين، نص مسرحي مكثف فيه قراءة معاصرة لواقع الطف الحسيني مباركة لهذا الجهد المبدع.