بركات دعاء

10-05-2019
حسن هادي العطار
انشغلت محلتنا ولمدة طويلة بقصة الحاج مهدي الكعكجي، وصارت أحاديث أهالنا تدور عن رحلته الغريبة والعجيبة والتي استهوت جميع الشرائح الاجتماعية وبمختلف الأعمار، الحاج مهدي يقص حكايته بفرح ويعيدها لكل مجموعة وافدة مهنئة، وسعادة النجاح تصحو مع كل مرة يروي بها الحكاية.
كان الحاج مهدي مسافراً على ظهر سفينة، وفي أثناء الإبحار هبت عاصفة شديدة اغرقت السفينة، لكنه كما يقول: كان لا يفكر إلا في قضية واحدة بالدعاء الى الله سبحانه تعالى والى الايمان بأن الله تعالى سينقذه، فكان في محنته قريباً من الله سبحانه تعالى ومن نبيه الكريم ومن أئمة أهل البيت D.
وأخيراً.. قذفته الأمواج الى ساحل البحر على جزيرة مهجورة، ليس فيها سوى الأشجار والحيوانات، ولا يمتلك في هذا العالم المرعب سوى دمعة عين وحرقة دعاء، كان شيء يتحرك في قلبه، ويسيطر على روحه يدفع عنها اليأس والخوف، هي تلك رحمة الله أن يشعر الانسان وهو في هذه الظروف المرعبة بالأمان وبأمل النجاة، وأصبح يشعر بالسعادة وكأنه في جولة ترفيهية، وصار يعيش على صيد بعض الحيوانات، ويشرب من ساحل البحر، وينام في كوخ صغير شيّده من أعواد الشجر.
وذات يوم، وهو يعالج النار لشواء صيد، فجأة انتشرت النار في الغابة، واحترق الكوخ، وما عاد له شيء في هذا العالم يأويه، وهو يناجي الله سبحانه تعالى، ولا شيء في باله سوى أن تحضر رحمة الله لتنقذه .
والواقع في أشد أزماته احترق الكوخ الذي هو عالمه كله، صار جانباً، وهو يدعو الله بالنجاة، ويبكي بحرقة قلب، وإذا بسفينه متجهة نحوه.. يا الله رحمتك، مدوا له قارباً صغيراً لإنقاذه، رحبوا به وأسعفه، سألهم: كيف وجدتم مكاني؟
فأجابوا: رأينا الدخان، فعرفنا أن هناك من يحتاج الى مساعدتنا من ركاب السفينة التي دمرتها العاصفة قبل أيام، وأنهى حكايته: يا أهلي ويا أخواني، إن الثقة بالله حكمة، فأحسنوا الظن برب العباد.