قراءة انطباعية في نصّ مسرحية (نور الله) للكاتب المسرحي: (سامي نسيم)

24-04-2019
لجنة الدراسات والبحوث
قراءة انطباعية في نصّ مسرحية (نور الله)
للكاتب المسرحي: (سامي نسيم) يأخذنا الانتماء الواعي الى ثقافة الانتماءات الفكرية التي تصد سبل التعصب بما تمتلك من روح منفتحة نحو الأفق الفكري الأرحب لمعنى الدين، ونص مسرحية (نور الله) للكاتب سامي نسيم، وهي أحد نصوص مهرجان المسرح الحسيني في العتبة العباسية المقدسة.
وفي طبيعة الأمر يحق للمسرحية ما لا يحق لغيرها من خلق عوالم النظير الموضوعي، والسعي عبر عملية التخييل الى تعميق مفهوم الانتماء الروحي حيث تدور أحداث المسرحية في طريق المشاية بين بغداد وكربلاء، وتحديداً في موسم زيارة الأربعين الحسيني المبارك.
جمع المؤلف سامي نسيم شخوصاً مسرحية من عدة هويات ومن العديد من الانتماءات الدينية والمذهبية جمع الشاعر والكاتب والفنان والرياضي المسيحي منهم والمسلم مع تفرع الانتماءات، معالجة نصية لرحلة أيام في الطريق الحسيني، فمنح مميزات التنوع لنصه المسرحي، واستثمر وجود الشاعر ليمنح مسرحية المتنفس الشعري.
تنطلق شعرية الشاعر علي ليقول: (الضوء.. الضوء.. يدنو من روحي العاشقة.. الضوء القدسي يغمر قلبي بفيض محبته.. الجمال الحسيني.. ضوء الحرية.. قبلة الأحرار كربلاء.. أي نور حل بواديك.. ونجم رباني حلّ بأراضيك.. سلاماً.. سلاماً).
يعقب عمر الرياضي: وهل هناك ملهم اجمل من طريق الحسين؟ وكان يشوع المصور المسيحي متحمساً لتوثيق كل خطوة ومعهم شخصية منكوبة بالإرهاب حيث ذبحوا أمه وأباه واخوته وضربوه بعدة طعنات بالسكين، لم يمت لكنه فقد النطق، وبعد معالجات كثيرة اعتقد الأطباء أن النطق سيعود اليه.
هكذا هو سامي نسيم يبني احداثه بمقدمات تستطيع ان تدخل منها الى توقعات استباقية، امل الشفاء موضوع ومحتمل في أي لحظة، وأجده حذرا في التعامل مع الدقة التأويلية، ولاحظ الجميع تعاطف حسن الاخرس مع قصائد علي فيبكي لها وكأنه يعرفها، شعرت بأن لشعرية علي تفاعلاً قد يكون مباغتاً في مسألة ما وهذه تقنية مقصودة بزرع تفسيرات تأويلية تتوقعها قد تأتي وقد لا تأتي، وإنما تتمحور حول تأويل آخر، المهم يقرأ علي: (ثمة ضوء قدسي يلوح في أفق روحي يبدد عتمتها.. يرسل من بعيد إشاراته.. يقدم نحوي.. يصرخ.. ترجل من صهوة جسدك الثقيل، وصلِّ بمحراب معناي.. أروي ظمأ الدهور من عطشك برمضاء كربلاء.. ثمة نور.. خذ حفنة منه وتوضأ بطهره.. تعطر بربيع الشهادة القدسية.. غذّ خطاك نحو قبس الوهج الرباني زاداً لجدب أيامك.. خذ من ومض دمه فجراً لعتمة عالمنا الموحش، فالحسين حياة ونماء.. خبز للجياع وأمل للحيارى.. غذّ خطاك نحو مناراته... ولُذ بها.. لوذ الحمام المسالم.. بأركان الصحن الشريف.. أطلق أنفاسك مع وجيف قلوب قاصديه.. لتنعم بالضوء النبوي.. اسكب الدمع مدراراً بمحراب منحره مواسياً.. لترفل بجمال محبته.. ثمة ضوء.. ضوء يطهر روحي من درن عنائها.. يهمس بخشوع دم الحسين.. ضوء قصَر الأمل.. وبددَ وحشة الطريق.. فأضحى زاداً للتقوى.. دمٌ طهور يفيض من كربلاء كل عام ليغسل وجه الكون من ظلام الشرور.. سفر الشهادة.. ورصيد محبة الله.. وضوء الله وسفينة الأحرار إلى جمال ملكوته السماوي).
يكبر تعاطف حسن الاخرس مع قصائد علي ويدخل الاحداث شخصية سمير وأبيه يتغير الحدث الى قضية الإرهاب كونهما قصدا الحسين بحثا عن التوبة لله عند المولى أبي عبد الله الحسين A، والبحث عن حسن الأخرس الفتى الذي يظهرهما الحوار بأنهما من ذبح اهل حسن يقول أبو سمير عن التوبة: انها اشد فترات حياتي قسوة على نفسي حين اضع ضميري بين يدي وأحاكمه قبلكم، اعترافات سمير وأبيه لم تلق الراحة من الجميع وقال سعيد معترضا: تشنون سنة سيئة وتتوبون منها.
يوضح أبو سمير الندم الذي يجعله يريد الهروب من حياته، يشوع المسيحي سأل عن امر القتل: هل هم قتلوا لأنهم يحبون الحسين A؟ وهل يقتل المرء حب؟ ليته العالم حي، وضوح الحدث ربما مؤثث قصديا والمحكم الحقيقي في هذه القضية هي الضمائر وصل الامر الى معرفة نوايا القتلة، انتم تطلبون من المظلوم ان يظلم).
قال الإرهابي أبو سمير:ـ وهل سمعتم بقاتل يستجدي القتل من قتيله، يضعون امام حسن السكين ويطلبون منه ان ينال القصاص امام حسن ويطلبون منه ان يذبحهم بنفس السكين وثارت حالة الانفعال ليسترد حسن الاخرس صوته وظل يقرأ بشغف قصيدة الشاعر علي، يرمي حسن السكين بعيداً.. ويشعل شمعتين كبريتين ويضعهما بيد سمير وأبيه.. ويسير معهم متسامحاً مع مفجعيه نحو كربلاء.. قدم الكاتب سامي نسيم نصا مسرحيا كبيرا.