وفود مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر
24-04-2019
خاص صدى الروضتين
وفود مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر
تشارك خَدَمَة أبي الفضل العباس A
ممارستهم الولائية يوم مولده المبارك
بحضور المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، وأمينها العامّ المهندس محمد الاشيقر (دام تأييده) والسادة أعضاء مجلس إدارتها فضلاً عن وفدٍ مثّل العتبة الحسينيّة المقدّسة، وجمع كبير من الزائرين، وبجوار أبي الفضل العباس A، شاركت الوفود والضيوف المشاركة بمهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر وضمن فعاليات يومها الثاني الممارسة العبادية مع خدمة أبي الفضل العباس A في صباحٍ شعبانيّ مبارك. المشاركة جاءت تيمّناً بذكرى مولده المبارك الذي أضاف إلى الهاشميين مجداً خالداً وذكراً نديّاً عاطراً، وفي حضورهم قدموا التهاني والتبريكات بذكرى المولد العطر لمؤسّس الفضل والإباء القمر الهاشميّ الزاهر أبي الفضل العبّاس A.
ابتدأت هذه الفعّالية المباركة بكلمةٍ تعريفيّة عن هذه الممارسة ألقاها الحاج علي الصفار معاونُ نائب الأمين العام للعتبة العبّاسية المقدّسة، وبيّن فيها:
ما زلنا وإيّاكم نرفل ونرتع في رياض الجود، وننشق من عبق الورود وأطيبه نشراً أريج ريحانة الرسول J ونجل عليّ وقرّة عين الزهراء البتول الإمام الحسين A حيث نعيش ذكرى ولادته الميمونة، متأمّلين علّنا نكون في سَني ركبه من الملتحقين.
وأضاف: ونحن نعيش ذكرى باقي الولادات المباركة للأنوار المحمّدية والأقمار العلويّة في هذا الشهر الكريم الكثير الفيوضات والمتشعّب الخيرات، فلليوم الثاني على التوالي ونحن في رحاب مهرجان ربيع الشهادة الثقافيّ العالميّ الخامس عشر، المقام تحت رعاية الأمانتين العامّتين للعتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية تحت شعار: (الإمامُ الحسين -عليه السلام- منارٌ للأُمم وإصلاحٌ للقِيم)، وبفعّالياته المختلفة، وبحضورٍ بهيج من داخل العراق وخارجه، بتوافد كوكبةٍ من رجال العلم والشخصيّات الدينيّة والاجتماعيّة من أكثر من (40) دولةً توافدوا إلى كربلاء الحسين باختلاف أديانهم ومذاهبهم وألوانهم وأعراقهم وألسنتهم، قد جمعهم الحسين الثائر باسم الحقّ والإنسانيّة على الظلم والضلال والأنانيّة.
موضّحاً: جمعنا اليوم حبُّ الحسين ونهجُ الحسين وتضحيةُ الحسين ومدرسةُ الحسين، لنكون إخواناً في الدين أو نظراء في الخلق، دعاةً إلى التحرّر من نير العبوديّة بالتوجّه إلى كلمة حقٍّ سواء في خدمة البشريّة.
مضيفاً: اليوم نجتمع في رحاب أبي الفضل العبّاس D، قمر بني هاشم وحامي خدور الفواطم، حامل اللواء ومدرسة الإيثار والوفاء، بمناسبة ذكرى ولادته المباركة في مثل هذا اليوم، لننهل من نمير عينيه ونغترف الوفاء من جود كفّيه، ولا يسعني وأنا قبالة صرحه الشامخ وبحر عطائه الباذخ إلّا أن أقف متصاغراً أمام عظمته، منحنياً على أعتاب قبلته مرحّباً بضيوف أخيه وضيوفه بلسان حاله، وأنا الأقلّ في حضرة جماله وكماله،
كما وخاطب الحاضرون قائلاً: باسم الأمانتين العامّتين وخَدَمة المرقدين، أيّها الضيوف الكرام وفدتم أهلاً ووطأتم سهلاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. فإن لم تسعكم الأرجاء وإن لم تظلّكم السماء، وسعتكم قلوبنا وظلّلتكم جوانحنا.
بعدها تُليت آياتٌ من الذكر الحكيم أعقبها أداء مراسيم الزيارة إضافةً لأنشودة لحن الإباء (النشيد الخاصّ بالعتبة العبّاسية المقدّسة)، لتُختتم الفعّالية بأناشيد ترنّمت أبياتُها بهذا اليوم والمولود فيه.
المشاركات البحثية تثري
مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر
ببحوث علميّة قيّمة
الجلسة البحثية الأولى
تغطية: طارق الغانمي
تعد المنصات البحثية، أحدى الركائز المهمة في الدول المتطورة في عملية صناعة القرارات الفكرية والثقافية، ومجس نابض لقراءة الماضي والحاضر والمستقبل واستشراقه... وحرصاً من العتبات المقدسة، وإيماناً من لجنة مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي بضرورة حث الباحثين والمفكرين والعلماء على تقديم الدراسات والبحوث والمشاريع في ميدان العلم والمعرفة، عقد في صباح يوم الأربعاء الرابع من شهر شعبان المبارك 1440هـ، الموافق للـعاشر من نيسان 2019م ومن ضمن فعاليات اليوم الثاني لمهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر، الجلسة البحثية الأولى على قاعة الإمام الحسن A للمؤتمرات والندوات في العتبة العباسية المقدسة وبحضور المتوليين الشرعيين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، ونخبة من الباحثين والمفكرين والأكاديميين من داخل العراق وخارجه.
افتتحت الجلسة الأولى التي أدارها الأستاذ الدكتور علاء الموسوي بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم للقارئ فيصل مطر، وقراءة سورة الفاتحة المباركة ترحماً على أروح شهداء العراق.
ثم اعتلى المنصة البحثية سماحة الشيخ ضياء الدين زين الدين (دام توفيقه) وهو أحد أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف، وشغل منصب الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة سابقاً. وتناول في بحثه المبارك عظمة النهضة الحسينية، ودورها التعبوي وأبعادها الاستراتيجية في بقائها إلى هذه اللحظة.
موضحاً: هناك موضوع يشغلنا كان ولا يزال، وهو علاقة الأمة الإسلامية بالنهضة الحسينية، هذه العلاقة امتازت بميزة معينة، لكن هذه الميزة انقطعت عن التكامل الإسلامي الذي أراده الحسين A بل الذي أراده جد الحسين J حينما قال: (حسينٌ مني وأنا من حسين)، وصدق الحسين A حينما قال كلمته الخالدة: (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي رسول الله وأبي علي)، ثم يعلق A علاقة البشرية بهذه النهضة المباركة بقوله الحسن: (فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم الظالمين وهو خير الحاكمين).
هذه العلاقة التي قالها في مبدأ وروده من مكة المكرمة لم تشذ عن رسول الله J في لحمته، إلى أن يقول: (ألا ومن كان باذلاً فينا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا) هذه الرحلة هي ليست رحلة المنسيين إلى كربلاء فقط، إنما هي رحلة الحق وإذا أراد الإنسان أن يمضي على النهج الحسيني عليه أن يرحل هذه الرحلة.
وهذا الموضوع طرحته في السنوات الأولى من هذا المهرجان المبارك، والبعض يذكرون هذه النقطة من حديثي الأولي أنه لابد أن تكون هناك نقطة تواصل مبدئي فعلي منهجي مع النهضة الحسينية؛ لكي تتوطد علاقة الإنسان مع الله وعلاقة الإنسان مع الرسول وعلاقة الإنسان بالمنهج الإسلامي الذي بناه الرسول J وختمه الإمام المنتظر A.
هذه العلاقة يجب أن تكون هي محور الصلة مع النهضة الحسينية، أما الشعائر المتبعة مع أن لها قيمة تربوية كبرى في شد القلوب وشد النظائر إلى هذه النهضة، إلا أنه إذا لم يتكامل هذا الشد مع المثل والقيم والعلاقة التي يكون ذلك منهجها المناسب إذن لا معنى الى هذا الشد؛ لأنه سيكون شداً بلا معنى، وشداً مبنياً على العواطف المهتزة التي لا يرضاها الله تعالى.
المثقف والعالم في أي خطاب له نحن نتساءل: أين هو دور المثقف الآن في النهضة الحسينية وهذه الشعائر الحسينية؟ هذه الشعائر يقوم بها المثقفون، ولكن بنفس الفكرة التي أخذوها من آبائهم ومجتمعاتهم، وكان هذا المثقف من أوائل المنتقدين لها، لكن في نفس الوقت هو قائم بها ويمارسها ألآن، ولا يربطه مع هذه الشعائر إلا ما توارثه من مجتمعه.
لماذا؟ لأن هذه الشعائر لما بقيت بمعناها الشكلي وبمعناها الصوري وصلت بالأمة والمثقفين إلى هذه المرحلة، حينئذ لابد من أن تتقد علاقة المجتمع الإسلامي بالنهضة الحسينية، وهذه مسؤولية كبرى يتحملها الجميع، وأنا بجنب أبي الفضل A وهو الراعي للنهضة الحسينية ويعجز اللسان عن التعبير عنه، فهناك موقفان له ينبئان عن العلاقة التي بناها أبو الفضل مع الحسينC والنهضة الحسينية.
الموقف الأول: عندما ناداهم شمر بن ذي الجوشن اللعين ورفض أبو الفضل العباس A أن يأخذ الأمان ويلجأ إليه، وأبى أن يترك معسكر الحق عند الإمام الحسين A ويتجه لمعسكر الباطل الذي تبناه يزيد وأعوانه.
الموقف الثاني: عندما وقف على المشرعة لم يشرب الماء وتحمل العطش، فقد آثر أخاه ولم يشرب الماء إلا أن يشربه الحسين A حيث قال:
(يا نفس من بعد الحسين هوني ** وبعده لا كنت أن تكوني)، وهذه حجة علينا وعلى السابقين واللاحقين لهذه النهضة العظيمة؛ لكي نسير على درب الحسين ونهضته القيمة ومبادئها الكبيرة، وأن لا نكون مع رحلة المنسيين وهذا يتكون على سببين:
أولهما: بصيرة القلب وثانيهما استقامته، فإن ذهبت إحداهما ذهبت معها القيم والمبادئ التي دعا إليها الحسين A، فعليك أن تميز الحقيقة ومن ثم تنطق بها، وهذا هو المراد من خلال البصيرة واستقامة القلب.
أما الورقة البحثية الثانية، فقد كانت لسماحة السيد منير الخباز (دام توفيقه) من القطيف بعنوان: (فقه الإصلاح.. مبانيه وأدواته ومراحله)، وقد جاء فيه:
انطلاقاً من مقولة الإمام الحسين A: (إنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر) وقبل الدخول في البحث هناك مدخل يتضمن ثلاث نقاط:
النقطة الأولى: في تحديد مفهوم الصلاح والاصلاح الذي يتألف من عناصر ثلاثة، الأول: اعتدال القوى في شخصية الإنسان، القوة العقلية والقوة الشهوية والقوة الغضبية، والعنصر الثاني: توافق الظاهر والباطن في شخصية الإنسان، والعنصر الثالث: استمرار هذا التوافق بحيث يصبح ملكة متميزة في شخصية الإنسان، فإذا توفرت هذه العناصر الثلاثة صدق عنوان الصلاح بالنسبة للإنسان، ودخل تحت هذا العنوان الذي نوه به القرآن الكريم بقوله: (فَأُولَئِكَ مَعَ الذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النبِيينَ وَالصديقِينَ وَالشهَدَاءِ وَالصالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا).
النقطة الثانية: الاصلاح في القرآن الكريم، لقد تحدث القرآن الكريم عن مفردة الاصلاح في اكثر من ست عشرة آية وهو ما يرشدنا إلى أن مشروع الاصلاح مشروع سماوي ارتبط بالأرض منذ نزول أول إنسان عليها، ففي حوار الباري تبارك وتعالى مع الملائكة عن دور الخليفة في الأرض تجاه مشروع الاصلاح وتساؤل الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدمَاءَ)، وجوابه: (إِني أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ، وَعَلمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلهَا) هذا الحوار يبرز لنا أن لمشروع الاصلاح في القرآن الكريم عدة معالم، المعلم الأول: العلاقة الجوهرية بين صلاح الأرض وانبثاق الاصلاح عن الحجة المعصوم في الأرض كما في قوله تعالى: ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَينَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ الناسُ بِالْقِسْطِ)).
والمعلم الثاني: تنوع الاصلاح إلى الاصلاح العام والاصلاح الخاص والاصلاح الأخص.
والمعلم الثالث: ارتباط الصلاح الاقتصادي في عدة آيات من القرآن بهذه القوانين السماوية التي وضعها القرآن الكريم لتحديد مسيرة الاصلاح.
النقطة الثالثة: إن فلسفة التشريع انبثقت من الرؤية الاصلاحية في القرآن الكريم حيث أن محور التشريع الفقهي يرتكز على الربط بين صلاح الظاهر والباطن وصلاح الفرد والمجتمع ضمن نظام دقيق يقتضي تحول الصلاح إلى ملكة في الفرد وحضارة في المجتمع، انطلاقا من هذه الفلسفة المتكاملة، تنوع الفقه إلى الفقه الفردي والفقه الاجتماعي، فالفقه الفردي ما كان محوره الإنسان من حيث سلوكه وعلاقته بالله أو علاقته بالطبيعة والفقه الاجتماعي ما كان محوره العلاقة بين طرفين سواء كانت علاقة تكليفية أو علاقة وضعية، وينقسم الفقه الاجتماعي إلى أربعة أقسام:
الأول: الفقه الولايتي، وهو عبارة عما تقوم به السلطة التشريعية المتمثلة بالمعصوم أو نائبه بالقوانين العامة في حق المجتمع لملء منطقة الفراغ بما يسهم في تحقيق العدالة العامة.
الثاني: الفقه المعاملي وهو ما كان محوره المعاملة بين شخصين أو جهتين أو شخص وجهة.
الثالث: الفقه الجزائي وهو ما كان محوره المفردة الجزائية نتيجة سلوك غير مشروع تجاه الآخر عمدا أو خطأ.
الرابع: الفقه الاصلاحي وهو ما كان محوره ردم منافذ الفساد في العلاقات الاجتماعية من خلال وضع طرق وقائية واساليب علاجية وله ثلاثة اصول أو أصناف:
الصنف الأول: الإصلاح التمهيدي المتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والإصلاح الردعي: وهو عبارة عن فقه القضاء الذي يتخلص في فض الخصومات والمنازعات ورد الحقوق إلى أهلها.
والفقه الإصلاحي الثالث: الفقه الحقوقي بأقسامه المتنوعة.
وللفقه الإصلاحي في صنفه الأول وهو بالأمر بالمعروف والنهي عن المكر عدة محاور:
المحور الأول: هو وجوب الإصلاح، هل هو وجوب عقلي أو وجوب شرعي تحدثت عن أدلة الوجوب العقلي كما ذكر العراقي (قدس سره) في شرح التبصرة وتحدثت عن الوجوب الشرعي ايضا من خلال الأدلة التي تعرض لها الإعلام في كتبهم الفقيهة منها قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير)، وإن هذه الآية هل هي من التبعيضية أم من البيانية.
والآية الثانية: (يا بني أقم الصلاة) هل أن سياق هذه الآية هو سياق الإلزام أو سياق الموعظة.
الوجه الثالث (كنتم خير أمة) فهل المقارنة بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأيمان بالله تؤكد أهمية الأمر بالعروف والنهي عن المنكر؛ كونه فقها إصلاحيا ضروريا.
الوجه الرابع: ما يستفاد من تمام الروايات الواردة عن آل بيت العصمة D وقسمتها إلى طوائف يستفاد من مجموعها هذا الوجوب.
المحور الثاني: إن هذا الوجوب أهو عين أم كفائي، وتحدثت عما تعرض له الإعلام من الأدلة في هذا المجال مع مناقشتها كما ذكرت رأي سماحة الأستاذ السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) الذي تعرض له في منهاج الصالحين بقوله: حتى لو بيّنا أن الامر بالمعروف والنهي عن المكر وجوب كفائي إلا أن إظهار الكراهة أمام فاعل المنكر وجوب عيني، ولا يأخذ تحت هذا الوجوب الكفائي لمجاملات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المختلفة.
المحور الثالث: تحدثت عن مفهوم المعروف والمنكر وأن المعروف ما كان حسناً عقلا أو شرعا بهذه السعة يشمل القضايا العبادية والمعاملية وكل مناحي الحياة الدخيلة في حفظ النظام: كالقضايا الاقتصادية في مجالاتها المختلفة.
المحور الرابع: تحدثت عن مقومات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي ذكرت في كلمات الفقهاء منها: معرفة المعروف ومعرفة المنكر واحتمال التأثير بالمعنى السلبي لا بالمعنى الإيجابي، وكون الفاعل مصراً على المعصية.
المورد الآخر في الفرق بين الرفع والدفع، تعرضت هنا للمقارنة بين رأي السيد الإمام الخميني (قدس سره) وبين رأي السيد الخوئي (قدس سره) حيث ذهب الخميني إلى وجوب الدفع والسيد الخوئي خص الوجوب بالرفع، بحيث لا يشمل الدفع، وتعرضت للمقارنة بين هذين الرأيين، وترجيح أحدهما على الآخر.
من شرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدم ورود ضرر على الآمر والناهي نفساً أو عرضاً أو مالاً بنحو يعتد به وما تعرضت إلى اتجاهات فقهيه ثلاثة:
هل أن دليلنا ضرر ودليلنا حرج حاكم حتى مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أم أنه يدخل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع ترتب الضرر في موارد التزاحم فيلاحظ أهمية أحدهما على الآخر تعرضت أيضا في الشرط الخامس وهو أن لا يكون الآمر والناهي مؤتمرا بما يأمر به ومنتهيا عما ينهى عنه وتعرضت أيضا لمراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن وصلت إلى مرتبة استخدام اليد ومعنى استخدام اليد هو القيام بعملية التغيير وليس استخدام القوة، وهنا تعرضت إلى ثلاثة اتجاهات فقهية:
اتجاه صاحب الجواهر (رحمه الله) من أن المفهوم والمتبادر من سياق أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحقيق المعروف ومحو المنكر.
أما الاتجاه الثاني فهو اتجاه السيد صاحب المستمسك (قدس سره) من المنساق من أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ايجاد الداعي وغرس الزاجر وليس المنساق منها تحقيق المعروف خارجا أو محو المنكر خارجا.
الاتجاه الثالث: ما ذكره المرحوم الأستاذ السيد تقي القمي في بيان المنهاج من أن المنساق من الأدلة مجرد أن يكون المؤمن آمراً او ناهياً لا أكثر من ذلك وقارنته بين هذه الاتجاهات الثلاثة بحسب أدلتها.
الورقة البحثية الثالثة كانت لسماحة السيد هاشم الهاشمي (دام توفيقه) من دولة الكويت، وحملت عنوان: (فاجعة عاشوراء في منطلقها الفكري من التحريف إلى التصحيح)، وتناول فيه انحراف الأمم، وأنه في أساسه انحراف فكري وانحراف سلوكي، ثم يطرح تساؤلات أي الأساسين كان مؤثراً أكثر في إيجاد فاجعة عاشوراء، وهذا ما يقتضي العودة لملاحظة تأسيس الانحراف في الأمة في إبعادها عن مصدر هدايتها، أي القرآن والعترة المنصوص عليهما في حديث الثقلين، وكذلك إبعادها عن الأحاديث النبوية بما شملته من مختلف الحقول العقائدية والفقهية والأخلاقية وغيرها، وتحقيق التحريف فيها بعد أن كانت الحجة واضحة وقائمة لا لبس فيها.
ثم بيّن الباحث آلية تنفيذ التحريف في فهم النص القرآني والنبوي، وذكر نماذج متعددة في هذا الباب، ومن تلك النماذج التحري في فهم النص القرآني والنبوي. وأما الأحاديث النبوية، فانصب التحريف فيها لإيجاد الخلل في فهم النص، من خلال الوضع بالاختلاق لا من شيء، والوضع بإضافة فقرة أو كلمة أو حرف واحد أو التحريف بتأويل النص على خلاف ظاهره وصراحته، أو عدم ذكره كاملاً أو إخراجه عن سياقه أو التحريف ببتر مقطع له تأثير في فهم النص، أو الوضع بإضافة أسماء أشخاص لم يكونوا في الحدث بغرض المدح أو الذم مما له تأثير في استحقاقه للتصدي.
وقد تدخل أئمة أهل البيت D بشكل مباشر في كشف هذه النماذج المنسوبة للنبي J، وبينوا وجه التحريف فيها لتعرية أصحاب المشروع التضليلي.
ثم استعرض الباحث خطة القائمين في التأثير في فهم النصوص وتحريفها، وأنها اعتمدت على السعي لعزل أهل البيت كمرجعيةٍ للأمة وعدم الأخذ عنهم مما تلقوه من النبي من علم، إلا في حالات العجز والاضطرار، ومنع تدوين الحديث النبوي بل والتحدث به وفتح الباب للقصاصين والدخلاء.
هذا على الصعيد الفكري، أما على الصعيد العلمي وكرافد أساسي لتلك الخطة، فهو وضع منطقة ذات حكم ذاتي خارجة عن نطاق المحاسبة والمساءلة، وهي ولاية معاوية على الشام حتى تمكن من التعتيم على ذكر أهل البيت D، وما استتبعه هذا الحكم الذاتي من آثار لاحقة أدت إلى وجود أخرى تناوئ الخليفة الذي بايعه المسلمون وتقاتله، وما آل اليه الأمر من التهديد للحكم الأموي بعد صلح الإمام المجتبى A.
ثم استعرض الأفكار الموازية لتثبيت حكم الغاصبين لمقام أهل البيت D وخاصةً بني أمية، مما مهد بشكل مباشر لفاجعة كربلاء ومثل عنوان شق عصا الأمة واستعجال الفتنة، وعرض موقف سيد الشهداء من هذه الأفكار.
ثم أكد الباحث على أن فاجعة عاشوراء وما قام به سيد الشهداء A أتمت الحجة على نوعين من الناس، الأول: العالمون بمنزلة أهل البيت ممن كانوا يبغضونهم أو كانت قلوبهم معهم وسيوفهم عليهم، لأجل المصالح الدنيوية، وهذه تخص كل من حضر كربلاء أو مهّد للفاجعة أو رضي بما جرى، مع علمه بذلك وعدم حصول أي لبسٍ عنده في فهم النص.
وذكر الأدلة على إتمام الحجة في الروايات الشيعية من قبيل: لعن المعصومين وبراءتهم لمن قاتله ورضي بقتله وأعان على قتله بل لمن ينصره، وكذلك ذكر الأدلة على إتمام الحجة وفق مبنى أهل السنة مثل ما جاء به عن النبي في سيد الشهداءA وما يجري عليه، ووفق بعض الشواهد التاريخية المعتبرة.
والثاني: من كان معزولاً عن الأحداث ومخدوعاً بها، وهؤلاء هم القلة النادرة وقد عرفهم نفس القتل الفاجعة العظمى، مضافاً لمسيرة السبايا الى الشام بالحقيقة المغيبة عنهم.
هذا وقد شهدت الجلسة العديد من المداخلات والمطارحات من قبل الحاضرين، وقام الباحثون بدورهم بالإجابة عنها وتوضيح ما يلزم توضيحه.فعاليات الجلسة البحثية الثانية
في قاعة سيد الأوصياء A في العتبة الحسينية المقدسة
شهدت الجلسة البحثية الثانية المقامة في قاعة سيد الاوصياء D في العتبة الحسينية المقدسة حضوراً كبيراً وبحوثاً قيمة ومتنوعة... استهلت الجلسة البحثية بقراءة آيات بينات من الذكر الحكيم شنف بها أسماع الحاضرين القارئ صلاح الشيخاني. لتبدأ بعدها الجلسة البحثية الثانية التي ترأسها الأستاذ الدكتور محمد الطائي، حيث ابتدأت ببحث سماحة الشيخ علي موحان الربيعي (دام توفيقه) من العراق، أستاذ تدريسي في دار العلم في العتبة العباسية المقدسة، ومدرسة الامام الحسين A في العتبة الحسينية المقدسة، وجاء بحثه تحت عنوان (إن الله قد أمرني بحبه) في بيان أهمية زيارة الامام الحسين A وإقامة مجالس العزاء عليه، وقد تحدث فيه قائلاً:
من يتبع كلام المعصومين D في بيان الغايات المتوخاة من الحث الشديد على زيارة الامام الحسين A واقامة مجالس العزاء عليه، يرى لزاما على نفسه اتباع منهجهم في النجاة ورفع الجهل المركب الذي يستوي على من سار في هذه الدنيا لوحده، او اتبع من هو بحاجة الى هادٍ يهديه.
ولبيان اهمية الزيارة واقامة مجالس العزاء قسمت بحثي الى: مقدمة واربعة مباحث وخاتمة، حيث كان المبحث الأول في بيان لطف الله تعالى بعباده وانه جعل معرفته من الضروريات، ومع الاشتباه جعل معرفة الادلاء عليه من الضروريات. وأما المبحث الثاني في خصوصية الامام الحسين A المستكشفة من خلال روايات اهل البيت D، والمبحث الثالث في بيان اثر الوسائل الحسينية وكونها اول ابواب العبودية والرجوع الى الله (عز وجل)، وأما المبحث الرابع ففي شواهد هذه الخصوصية من روايات واقوال لبعض الاعلام والحمد لله رب العالمين.
البحث الثاني للسيد صادق الموسوي الشيرازي (دام توفيقه) من إيران:
اهتم السيد بتعريف جيل الشباب بالإسلام الحنيف من خلال محاضراته ودروسه الدينية في المدارس الثانوية والكليات وتأليفه الكتيبات واصداره المنشورات التي تعرف على مبادئ الإسلام وتشرح العقيدة الإسلامية بلغة مبسطة، وبدأ السيد منذ حوالي 28 عاما تحقيقاً واسعاً حول كتاب نهج البلاغة، وقد توسم بحثه في هذا المهرجان المبارك بعنوان: (معنى الاصلاح عند الحسين واهل البيت D) تحدث فيه قائلاً:
إن مصطلح (الاصلاح) المعروف عند عموم الناس يعني رفع النقص عن شيء دون المساس بأصله، وإذا ارتفعت الوتيرة لتمسّ اللبّ والاصل والجذر يتم التعبير عن ذلك بالتغيير، وإذا كان الامر موجها للسلطة القائمة يقال عنه اصطلاحاً: (الثورة).
لكن (الاصلاح) في المنطق الالهي والنبوي والعلوي والحسيني هو اوسع مما هو متداول عند الناس، حيث ان الامام الحسين A يقول: (انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي)، وهو نفسه يقول بعد ان يعدد مثالب يزيد: (ومثلي لا يبايع من مثله)، والجمع بين القولين يعني ان الاصلاح في منطق السلطة القائمة على الظلم والباطل والمتجرِّئة على شريعة الله، والخارجة عن احكام الدين الحنيف، رغم تربع الحاكم على اريكة (الخلافة الاسلامية) وارتقائه منبر النبي J ووصف نفسه بأمير المؤمنين، حتى لو انتهى الامر الى القتل للرجال والسبي للنساء؛ لأن الأهم في اعتقاد ابي عبد الله A هو استقامة دين محمد J والحؤول دون تحريفه عن هدفه السامي في تحقيق العدل بين الناس واقامة الحق في المجتمع، فهو القائل: (ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي فيا سيوف خذيني)، وهو ايضا بيَّن بكل اختصار مشروعه للإصلاح بين الأمة بقوله: (ألا ترون الى الحق لا يُعمل به وان الباطل لا يُتناهى عنه فليرغب المؤمن في لقاء ربه).
أما البحث الثالث كان لسماحة الدكتور الشيخ عماد الكاظمي من العراق دكتوراه في علوم القران وله العديد من المؤلفات والمشاركات في المؤتمرات العلمية وله العديد من البحوث التي نشرت في المجلات المحكمة، وقد توسم بحثه في مهرجان ربيع الشهادة بعنوان: (رسالة المنبر الاصلاحية قراءة تحليلية لتوصيات المرجعية الدينية للخطباء) بين فيه قائلاً:
إنّ الشريعة الإسلاميّة المقدّسة كان لها أعظمُ الأثر في بيان مقام الإنسان وفضله وكرامته، ويمكن رؤية ذلك جليّاً في نصوصها المتعدّدة مثل قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)، وهذا التكريم فيه دلالة على الرّسالة التي يجب على الإنسان أن يؤدّيها في المجتمع، فضلاً عن تحمّله للخلافة الإلهيّة في الأرض، ولو تتبّعنا سيرة الأنبياء والأوصياء لرأينا أنّهم كانوا على مستوىً متميّز عن سواهم من البشر في موارد متعدّدة، من حيث الانقياد لله تعالى وطاعته، وبذل كلّ شيء من أجل سبيله وعبادته، وقد تحمّلوا من أجل ذلك صنوف الأذى والعذاب من أقوامهم في سبيل إيصال تعاليم الله تعالى إلى الناس، وليكون الناسُ على بيّنةٍ من سلوكهم تجاه الله (عزّ وجلّ)، قال تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ).
وكان من أولئك الأنبياء المجاهدين الذين تحمّلوا كلّ أصناف العذاب من أجل هداية الناس وطاعة الله تعالى النبيّ الأكرم محمدJ، الذي ما فتئ يدعو قومه نحو الخير والصلاح وتوحيد المعبود، فكان من أعظم الأنبياء شأناً ومقاماً، وأدّى من بعده أوصياؤه هذه الرسالة أعظم أداء، وقدّموا أنفسهم قرابين لله تعالى من أجل الحفاظ على الإسلام وتعاليمه، بل قدّموا أهل بيتهم وأبنائهم وما يملكون من أجل تلك الغاية المقدّسة، حتّى وصل الحال ذروته وعُلاه يوم عاشوراء الخالد، يوم وقف سيّد الشهداء أبو عبد الله الحسين A يخاطب عتاة وطواغيت الدهر كلّه: (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد)، بل جعل الإباء والعزّ والشموخ شعاره الخالد عبر التاريخ بكلمته الخالدة (هيهات منّا الذلّة).
فكان من ثأر تلك الدماء الزاكية التي أريقت في كربلاء أن تكون كربلاء قبلةً الأحرار، وأن يكون قبره مأوى الأحرار، وأن تصدح دعوته في ضمير الثوّار إلى يوم أخذ الثأر.
إنّ كلّ ما يتعلّق بكربلاء هو عظيم وله مقام وقدسيّة في نفوس المسلمين عامّة والمؤمنين خاصّة، والمنبر الحسينيّ هو من تلك الآثار المقدّسة التي ورثتها الأمّة من كربلاء الطفّ، ومن دماء الحسين، ولقد مرّ على هذا المنبر تأريخٌ وأحداث منذ ساعة تأسيسه إلى هذا اليوم، فتأريخه عظيم بوجوده ورجاله وآثاره.
ولقد كان له أبلغ الأثر في تهذيب النفوس وتربيتها وتنشئتها تنشئةً إسلاميّة وإنسانيّة عامّة، وقد تصدّى لهذه المهمّة رجالٌ عرفوا معنى النهضة الحسينيّة بأشخاصها وآثارها، وعنوانها وغاياتها، فأدّوا رسالة المنبر بما يمكنهم ذلك؛ ولأجل عظمة رسالة وأهداف المنبر الحسينيّ، كان للمرجعيّة الدينيّة العُليا اعتناءٌ خاصّ به، من خلال معاهدته ومتابعته ورعايته، وبيان ما يحقّق أهدافه ضمن رسالته، وقد وردت عن المرجعيّة توصياتٌ متعدّدة في شأن ذلك وما يتعلّق بخطباء المنبر الحسينيّ والموضوعات التي ينبغي عليهم أن يحافظوا عليها، ويتمسّكوا بها لأداء تلك الرسالة، وتحقيق تلك الغاية.
إنّ هذه الصفحات التي بين أيديكم هي محاولةٌ متواضعة لخدمة المشروع الإلهيّ من خلال قراءةٍ تحليليّة لتوصيات المرجعيّة الدينيّة للمنبر، وبيان أهمّ الموضوعات التي تمّت قراءتها من بين سطور وكلمات تلك التوصيات المباركة؛ ليبقى يوم الحسين خالداً في التأريخ لا يخيبون الحسينيّ، وبيان أهمّ المواضيع وذكرها، ويبقى الحسين ربيع الشهادة لا تبلى أيّامه.
وحاولت أن تكون قراءة تلك التوصيات من خلال الواقع الذي تعرّفنا به على عظمة المنبر الحسينيّ في الأمّة، ودوره الكبير في هداية المؤمنين، وتربية الفرد والمجتمع، وأرجو أن تكون قراءةً واعية نافعة للإخوة الكرام خطباء المنبر الحسينيّ، وللذين يحضرون تلك المجالس الحسينيّة المباركة، وقد وردت في ذلك كلمات متعدّدة من الأعلام والمشاهير المسلمين وغيرهم، تؤكّد دور تلك المجالس، فصفحات هذا البحث هي قراءة تحليليّة وليست تفسيريّة لفقرات التوصيات، فقسمت البحث على محاور عشرة بعد مقدّمةٍ ثمّ خاتمة، وحاولت في كلّ محور أن أبيّن أهمّ الموضوعات التي تضمّنتها الوصيّة في ذلك المحور، وأردت أن أذكر بكلّ وضوح أنّ المنبر الحسينيّ هو مدرسة إنسانيّة عظيمة تحتاج إلى معلّم يعرف عظمتها وآثارها وسبل تربية أبنائها.
وقد حاولت كذلك من خلال هذه الصفحات أن أجعل الخطيب والمتلقّي على بيّنةٍ تامّة من رسالة المنبر الحسينيّ وأهدافه، من خلال المتابعة الواعية لدور المنبر في الأمّة، وبيان أنّ المنبر الحسينيّ غير قائمٍ على سرد الوقائع التاريخيّة للنهضة الحسينيّة المباركة، كما ورد ذلك في التوصيات، وهذا ما تمّت الإشارةُ إليه في مقدّمة توصيات المرجعيّة، حيث المشاركة التامّة الواعية بين الخطيب والمتلقّي لتحقيق الغايات المناسبة، والحفاظ على آثار يوم عاشوراء، وهذه المحاور التي عرضتها تؤكّد واقعيّة هذه الدعوة، وأرى بصراحة أنّ الخطيب لو التزم بما سيتمّ بيانه بتواضع في هذه الصفحات من محاورها المختلفة، لاستطاع أن يربّي جيلاً عظيماً يتخرّج من مدرسة المنبر الحسينيّ، المدرسة القائمة على علوم متعدّدة بين النظريّة والتطبيق، وتهذيب النفس الإنسانيّة والارتقاء بها نحو التكامل الإنسانيّ الفرديّ والاجتماعيّ.
لتختتم الجلسة بمداخلات عديدة اثرت الحضور بالمعلومات القيمة، ليتم بعد ذلك تكريم الباحثين المشاركين في هذه الجلسة.