فعاليات مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر

24-04-2019
خاص صدى الروضتين
بمشاركة (40) دولة وشخصيات من مختلف الأديان والمذاهب
العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية
تطلقان فعاليات مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر
يأتي مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي من جديد ليفتح نافذة على العالم من مدينة القداسة كربلاء، حيث يجتمع على طاولته أُناس من شتى البقاع والأديان والمذاهب، متشرفين ومجتمعين على الوحدة والمحبة الإنسانية في ضيافة سيد أحرار العالم أبي عبد الله الحسين وأخيه صاحب الجود أبي الفضل العباس C. ولأن الإمام الحسين A كان ولا يزال مناراً للأمم وإصلاحاً للقيم، فقد اتخذ القائمون على المهرجان من هذه الكلمات شعاراً للنسخة الخامسة عشرة التي انطلقت فعالياتها عصر الثالث من شعبان 1440هـ في الصحن الحسيني الشريف. حفل افتتاح مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر الذي يقام برعاية الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، شهد مشاركةً وحضوراً واسعين، لشخصيات دينية وأكاديمية وسياسية واجتماعية وثقافية من داخل البلد وخارجه ومن مختلف الأديان والمذاهب، فضلاً ‏عن ممثلي العديد من المرجعيات الدينية والعتبات المقدسة والمزارات الشريفة، إضافةً إلى حضور كبير امتلأ به مكان الاحتفال على مستوىً عالٍ من ‏التمثيل ومن (40) دولةً في العالم، وبتغطية إعلامية كبيرة تمثلت بمشاركة أكثر من (25) قناة فضائية، إضافة إلى الإعلام المسموع والمطبوع والإلكتروني وإعلام العتبتين المقدستين.
ابتدأ حفل الافتتاح بتلاوة آيات عطرة من الذكر الحكيم تلاها قارئ ومؤذن العتبتين المقدستين السيد حسنين الحلو، أعقبتها كلمة الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، ألقاها المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه) والتي بيّن فيها قائلاً:
مع بداية شهر مبارك هو شهر المصطفىJ وولادة ذريته الطاهرة، وفي مكان مبارك حيث تجدد الوجود العظيم للنبيJ إذ قال: (حسين مني وأنا من حسين)، ولهذه الخصوصية الزمانية والمكانية ولوجودكم الكريم بيننا علماءً وسادةً وفضلاء ومفكرين من العراق ومن خارجه، أجدني مسروراً وأنتم بيننا وفي بلدكم الكريم العراق، مرحباً بكم ومسلماً على حضراتكم نيابةً عن العتبتين المقدستين قائلاً: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طابت إقامتكم أحبتي وطاب وقتكم وطابت أرومتكم أيها الأعزاء وأيها الإخوة وأيتها الأخوات.
مضيفاً: لقد تعودنا أن نستضيف في كل سنة أحبةً لنا؛ لكي يشاركونا مسراتنا في هذه الأيام الشعبانية العطرة، شاكرين لهم هذا الحضور وهذه المحبة، وداعين الله تبارك وتعالى أن يحفظ بلداننا من كل سوء.
بعد ذلك عرّج سماحته الى عدة أمور هي:
الأول: إننا ومن منطلق المسؤولية الدينية والتاريخية لابد أن نأخذ دورنا ونتحمل مسؤوليتنا إزاء الكم الكبير من التحديات التي تواجه مجتمعاتنا، وبالأخص تلك الأفكار التي تمرر بعناوين ومسميات مختلفة وتهدف الى انسلاخ المعتقدات الدينية عن مجتمعاتنا، وأنتم تعلمون ما للمعتقد الديني من تأثير كبير في وجود الرادعية النفسية عن كثير من الجرائم والمشاكل، التي تبعث على القلق والخوف من مستقبل قد يضر بالمجتمع.
الثاني: إن الخطاب اليوم لابد أن يرتكز على مرتكزات علمية دقيقة، ويجنب نفسه أي تشنج أو إثارة تجلب مزيداً من التمزق والتمزيق والتشتت والتشتيت، ولا نعني بهذا أن تلغى الخصوصيات الدينية أو المذهبية أو العرقية، بل من حق كل أحد أن يعتنق ما يراه مبرئاً للذمة أمام الله تعالى، وأن يعتز بانتمائه الى قومه أو الى طائفته، لكن الكلام هو أن لا تتحول هذه القناعات الى مسرح للمهاترات أو رفض أي فكرة أخرى ومحاربتها حتى بالسلاح، فلقد مرت المنطقة ولا زالت في مناطق منحسرة في القريب العاجل، مرت بها عاصفة هوجاء وموجة عاتية من الشر والحقد والجهل، تحت مسميات متنوعة كان أبرزها عصابة داعش التي أرادت أن تقلب موازين التفكير عن طريق التكفير وموازين العقل عن طريق الجهل، تخبطت تخبط عشواء لا تبقي ولا تذر، ولولا دفع الله تعالى وتهيئة الأسباب الغيبية والحسية التي يسرها الله تبارك وتعالى ونطقت بها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، متصديةً لهذا الكابوس الخطير والفتنة العمياء لكان حالنا يختلف عما نحن فيه الآن، أقول: إن الخطاب المتزن والمعتدل هو الحل الأمثل لقبر أي فتنة وردم أي فاغرة للشيطان.
الثالث: إننا لو تأملنا في بعض الآيات القرآنية الكريمة لوجدنا أن هناك منهجاً واضحاً يمكن أن نرتكز عليه في ظروف حساسة كما نحن فيها الآن، وسأقتصر على مثال واحد وهو مثال النبي إبراهيم A، فهذا النبي الذي جاهد وحارب كل دخيل وكل غريب، وكان يحمل مشعل التوحيد والنصرة الإلهية وحده، ولم يهن ولم يكسل ولم يفتر ولم يتباطأ، بل كان أمةً كما نطق به القرآن الكريم: (إن إبراهيم كان أمةً قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين)، وقال أيضاً: (إن إبراهيم لحليم أواه منيب).
ولقد نعلم أيها الإخوة وتعلمون أن إبراهيم A كان ذا حظوة خاصة، فهو رافع راية التوحيد، وفي الوقت الذي غضب لله تبارك وتعالى وكسر الأصنام بحملته التوحيدية المباركة، وأقام هو وولده إسماعيل البيت الحرام ورفع قواعده، وهذه الحظوة لإبراهيمA هي ما امتاز بها، الذي أريد أن أعرضه بخدمتكم هو هذا المشهد الإبراهيمي الذي تتفق عليه أغلب الديانات إن لم تكن كلها، أن إبراهيمA عانى ما عانى حتى أنه ترك مسقط رأسه وكان يحمل معول هدم الشرك والظلم، وفي قلبه وفي يمينه راية الهدى والإيمان، ثم جاء الى مكة المكرمة وهي في تلك الأعصر عبارة عن مكان ناءٍ، والقرآن الكريم يبين أنها أرض جرداء ليست بذي زرع أصلاً، وستأتي الإشارة في ذلك أيضاً في القرآن الكريم، وهذه الرحلة الإبراهيمية الكبيرة أنتجت الحضارة التي مهدت لبعثة جميع الأنبياء، حتى أن نبيناJ كما ورد عنه يقول: (أنا دعوة أبي إبراهيم)؛ لأن إبراهيم أراد الخير ليس له فقط وإنما لذريته أيضاً، السؤال: ماذا كان موقف إبراهيم من الذين اتبعوه؟ وماذا كان موقف إبراهيم من الذين عصوه؟.
وتابع سماحته: أعتقد أن هذا المنهج الذي يسطره القرآن الكريم هو من المناهج الرائدة في التعامل مع الآخر مهما يكن، نحن لا يمكن أن نصل الى حالة أن نتفق على كل شيء، هذا أمر غير مقدور عليه، وإن هذا الأمر غير متوقع، والإشكال ليس في أن نتفق دائماً بل الإشكال أن لا نختلف اختلافاً فاحشاً، إبراهيمA هذا النموذج الفذ ماذا قال عنه القرآن الكريم على لسانه الشريف؟ قال في سورة إبراهيم التي سميت باسمه في الآيات 34 و35 و 36 يقول القرآن الكريم: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا)، ونحن نثني وندعو مع إبراهيم أن يجعل الله بلداننا جميعاً بلداناً آمنة، (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام * رب إنهن أضللن كثيرًا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم).
موضحاً: إن هذه العبارات بالصياغة القرآنية فيها أوضح دلالة كيف كان يتعامل إبراهيم مع المشاق الكبيرة التي مر بها، وانتقل في رحلته الكريمة الى أن استقر في مكة المكرمة بعد أن جعله الله واختاره نبياً وخليلاً وإماماً، أجمل لنا المطلب بهذه العبارة (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني...) لم يقل انتقم منه إنما قال: (ومن عصاني فإنك غفور رحيم)، وهذا الأسلوب الإبراهيمي الراقي في التعامل عندما نستنطق الحضارات يبرز أمامنا هذا النموذج الإبراهيمي، وقد ورثه أمير المؤمنينA عندما قال موجهاً كتابه الى مالك الأشتر عندما بعثه الى مصر معبراً: (الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)، وهذه اليد عندما تكون يداً كريمةً مسامحة فنحن الآن بأمس الحاجة لها.
وخاطب السيد الصافي الحضور قائلاً:
أستثمر وجودكم الكريم في هذا المكان المبارك والمقدس، ورجائي أن يبدأ الإخوة الأعزاء بما نعلم من أن لهم موقعيةً مهمة في أماكنهم وفي مواقعهم، وهذه الموقعية تجعل هناك كمّاً هائلاً من الناس يصغي لما يقولون، في أن نركز على هذا المشهد الإبراهيمي في التعامل مع الآراء الأخرى.
وأشار بالقول: إن بلداننا والظروف التي تمر عليها نتمنى أن يعلو صوت الاعتدال فيها، ويهبط الى أن يُمحا صوت التشنج والتطرف، الأمل بهذا المهرجان الكريم أن يخرج بنتائج طيبة، ونحن بعد هذه السنين التي نراها من جهة طوالاً؛ لأنها تفقدنا رؤيتكم خلال فترة طويلة، ومن جهة أخرى قصاراً؛ لأن الأيام واقعاً هي سريعة وحبلى بالأحداث، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحميكم جميعاً في أهليكم ومتعلقيكم وأيضاً يحمي بلداننا من كل سوء.
واختتم سماحته: الأمل بالله وبكل الجهود الخيرة أن تنير الدرب لها وللأجيال القادمة، سائلاً الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا المهرجان الكريم -بحضوركم- مهرجاناً مميزاً، وأن نستمع فيه لتلك الأبحاث القيمة التي تجود بها أقلامكم عن أفكاركم، ونستفيد منها في مسيرتنا الحياتية العلمية والثقافية.
جاءت بعد ذلك مشاركة شعرية للشاعر العربي أحمد بخيت من مصر، لتعقبها كلمة الوفود المشاركة التي ألقاها نيابةً عنهم الدكتور مصطفى راشد مفتي أستراليا ونيوزلندا ورئيس منظمة الضمير العالي لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والذي بين بالقول:
أشكر من كان سبباً في وجودي بينكم، أشكر باسمي وباسم زملائي الوفد المرافق معي القائمين على العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية؛ لأنهم تفضلوا علينا بأن نكون بينكم وسط هذا الجمع العظيم من كل بقاع الأرض بكل أطيافه. إنها مناسبة عظيمة أن نكون في هذا المكان المبارك الذي تحفه الملائكة.
وأضاف: أقول لكم: إنني تعودت أن أقول كلماتي ارتجالاً ولا أكتبها حتى تكون صادقةً، لكن لا أخفي عليكم أنني اليوم أشعر برهبة المكان وأشعر بأني في مكان تحفه الملائكة، حقيقةً أشعر بذلك وأشعر بأن هذا المكان سيكون سبباً ونوراً للعالم الإسلامي، فنرسل وترسلون منه رسالةً لكل الأمة الإسلامية كي يبدأ عصر جديد للأمة الإسلامية.
وتابع: نحن في هذا الوقت وفي هذا الظرف أحوج ما نكون الى الاتحاد، اتحادنا جميعاً بكل الطوائف، فالكل يؤمن بذات النبي والقرآن وبجوهر الإسلام وأركانه، فالإسلام واحد ولا فرق بين طائفة وأخرى إذا جاز التعبير، إذن فما المشكلة؟ لا يوجد اختلاف على الثوابت وعلى الأصول وعلى جوهر العقيدة، لذا يجب أن يعلم الجميع في كل بلادنا الإسلامية بالكامل، أن من يكفر غيره من الشيعة أو السنة أو أي طائفة أخرى، أقول لهم: لقد كفرت فكلنا نؤمن بنبي واحد وقرآن واحد وأركان واحدة.
مشيراً: انتبهوا جميعاً فهناك مغرض، وهذا المغرض الذي يلفق الأكاذيب حتى يستمر الشقاق وتستمر الفرقة، وللأسف الشديد فإن المستفيد الوحيد هم الخصوم والأعداء، تخيلوا معي لو اتحدت البلدان الإسلامية بكافة طوائفها، كيف ستكون هذه القوة؟! هل سنخشى من أي قوة أخرى؟! على العكس هم من سيخشون هذا الاتحاد، فهم يعلمون علم اليقين أن هذا الاتحاد فيه قوة، لكن للأسف يستخدمون بني جلدتنا للطعن وللتفرقة، فمن يقوم بنشر الأكاذيب وتكفير الآخر هو منا، ومن يقوم بالقتل للأسف ينتمي لنا، ومن يقوم بقتل أخيه المسلم تحت مسمى داعش أو أي جماعات إرهابية أخرى يدعي أنه مسلم كذلك، وهم لا يعرفون الإسلام بل خارجون على ملته، فهم كفروا بشريعة الإسلام.
وأضاف مخاطباً: أيها الحكام، اتقوا الله في شعوبنا، فسوف تحاسبون على ما قدمتموهن وأنتم يا رجال الدين انتبهوا فأنتم إما أن تكونوا سبباً في رفعة الأمة الإسلامية أو سبباً في دمارها، فكلمة منكم تشعل ناراً وحرباً وكلمة منكم تكون برداً وسلاماً، فهل أنتم منتبهون؟ أم أنتم كما قال قرآننا العظيم: لا تعقلون ولا أنتم تدركون.
وقال مختتماً: إخوتي وأحبائي أنا أشكر دولة العراق وشعبه المحب، هذا البلد العظيم الذي له كل الفضل على الأمة الإسلامية، وهذه حقائق تاريخية فنحن تعلمنا من إسلامنا أنه يجب أن نعطي الفضل لأصحابه.. وإنه يجب علينا أن نعلم جميعاً أننا في مركب واحد، وأن الإرهاب لا يفرق بين أحد وآخر، للأسف الشديد ما تسمعونه من كلمة إسلام وفوبيا هي حقيقة.
لقد زرت أكثر من 50 دولةً وللأسف الشديد تغير الحال، بمجرد أن يرى رجل الأمن هناك الزي الإسلامي يعيد النظر وينظر نظرةً أخرى، لماذا؟ لأنهم يشاهدون على الشاشات من يقتل باسم الله ومن يذبح باسم الله ومن يسبي باسم الله، لكن هذا كله دخيل على الإسلام والمسلمين، فنحن كلنا جميعنا مسؤولون أمام الله تجاه هذه المسؤولية".
وأيضاً كان هناك كلمة للبروفيسور كريكور كوساتش الكاتب والباحث في تاريخ المنطقة العربية والشرق أوسطية، قسم الشرق المعاصر في الجامعة الحكومية الروسية للعلوم الإنسانية في موسكو، وقد بيّن من جانبه قائلاً:
أنا عندما نظرت لزائري عتبات كربلاء المقدسة اكتشفت في عيونهم نوراً لا يمكن اعتباره إلا نور الكرامة الإنسانية.
وأضاف كريكور: هذه ليست زيارتي الأولى للعراق ولكنها الأولى الى كربلاء المقدسة، بمجرد وصولي الى كربلاء ذهبت الى زيارة عتباتها المقدسة، حيث حرم الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباسC المليئة بآلاف الناس، وقد رأيتهم يجدون السعادة والرحمة والاطمئنان في هذه الأماكن المقدسة.
مبيناً: هذه الكرامة التي أنزلت على هؤلاء الناس هي التي جعلتهم مناضلين في سبيل الحرية والأخوة والعدالة والمساواة، والتي تعتبر فلكاً مشتركاً لجميع الديانات السماوية، مما يزيد في أملاً أن الكرامة المقرونة بالرغبة في الحرية ستحقق ما قاله أحد شعراء تونس الكبار الذي قال: إذا الشعب يوماً أراد الحياة * فلا بد أن يستجيب القدر.
مشيراً: "مما يزيدني أن هؤلاء الناس سيعالجون العراق الجريح وسيحولون العراق الجديد الى دولة عظيمة، قادرة على أن تتغلب على كل المشاكل التي لا تزال تقف حجر عثرة في طريقهم.
واختتم كريكور كلمته قائلاً: أشكركم على دعوتكم لي، وعلى منحكم الفرصة لي للتحدث من على هذا المنبر، كما أتمنى لهذا المهرجان النجاح والاستمرار، وأشكر جميع الإخوة العاملين عليه.
بعد ذلك جاءت مشاركة شعرية أخرى للشاعر العراقي مهدي النهيري، قرأ فيها (قلق ولكن الحسين) القصيدة التي فازت بالمرتبة الأولى في مسابقة الشعر العمودي المنضوية ضمن فعاليات المهرجان.. ومنها إلى الكلمة الأخيرة للشيخ الدكتور احتشام الحسن مدير مؤسسة المؤمل الثقافية في مدينة لكناو الهندية، والتي بين فيها قائلاً:
الحمد لله الذي نوّر قلوبنا بالولاء للحسين وجده وأبيه وأمه وبنيهD، وجعل هذه الموهبة لنيل قربته وتحصيل رحمته، فنتقدم بأسمى آيات الاحترام والتقدير للقائمين على العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، لإقامتهم هذا المهرجان بنسخته الخامسة عشرة، وكذلك للحاضرين فيه.
وأضاف: مباركة هذه الجهود الكبيرة المبذولة من قبل اللجنة المنظمة لهذا المهرجان، من استقبال وتنظيم عالي المستوى، وكيف لا يكون كذلك وهم يعملون في تلك البقاع المقدسة التي شرفها الله بالإمام الحسين A مصباح الهدى وسفينة النجاة، وأخيه العباسA.
مشيراً: نحن نفتخر بانتصاركم أيها العراقيون على الإرهابيين، الذي تحقق بفضل الفتوى التي أطلقها سماحة المرجع الديني الأعلى سماحة السيد السيستاني(دام ظله الوارف)، الذي أصبح رجل المحبة والتسامح في العالم الآن، واستجابة من قبل الملبين لها التي حمت الأرض والمقدسات في ضوء إرشادات المراجع وعلى رأسهم المرجع الأعلى آية الله العظمى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني(دام ظله الوارف)، وهو إمام المحبة والتسامح في العالم الآن.
وأوضح: إن نشاط العتبتين المقدستين بإقامتهما للمهرجانات والفعاليات وبالأخص التي تقام خارج العراق، هي محل افتخار واعتزاز لكل أتباع أهل البيت(عليهم الصلاة والسلام) في العالم.
وختاماً للحفل، قدّم المنشد والرادود الحسيني جليل الكربلائي، مجموعة من الموشحات والاهازيج الدينية بمناسبة مولد الأقمار المحمدية D وبعض الأبيات التي كتبت بحق مهرجان ربيع الشهادة.. ليعلن بعد ذلك عن انطلاق فعاليات المهرجان التي تنوعت بين جلسات بحثية واخرى حوارية وأمسيات شعرية وقرآنية وغيرها العديد من الفعاليات التي تقام على مدى خمسة أيام متتالية.
على هامش مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر
إقامة حفل تعارف للوفود المشاركة فيه
من أجل التعريف بالشخصيات والمؤسسات والجهات المشاركة في هذه النسخة والإعلان عن الفعاليات التي تتضمنها, وتوضيح آلية المهرجان وأهدافه, أقامت اللجنة التحضيرية للنسخة الخامسة عشرة من مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي حفلاً كبيراً في مدينة الامام الحسين A الواقعة على طريق (كربلاء – بابل), حضره الأمينان العامان للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية السيد جعفر الموسوي والسيد محمد الاشيقر (دام تأييدهما)، وعددٌ من أعضاء مجلس إدارتيهما ومسؤوليها، وجمع كبير من ضيوف المهرجان وعدد من الاعلاميين.

وقد ابتدأ الحفل بقراءة آيات مباركات من الذكر الحكيم، رتلها القارئ برير الحائري, تلتها قراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق, ليتم بعد ذلك عرض فيلم فيديوي يحكي سيرة ومسيرة مهرجان ربيع الشهادة منذ انطلاقته ولغاية هذه النسخة, ويبين أهم ما حققه خلال السنوات الماضية, لتأتي بعد ذلك كلمة اللجنة التحضيرية والتي ألقاها جناب السيد أفضل الشامي (دام توفيقه), وأوضح من خلالها سبب استمرار العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية بإقامة هذا المهرجان العالمي, حيث قال:
نحن هنا لنؤدي جزءاً من واجبنا تجاه النبي محمد J، وذلك من خلال إظهار المودة لأهل بيته D، فقد جاء في الكتاب الحكيم: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، فكيف تكون المودة إن لم نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم؟! فإظهار هذه المودة بالتأكيد سيحقق لنا رضا الله سبحانه وتعالى، وهو لابد أن يكون محور تفكير الإنسان المؤمن في هذه الدنيا.
ومن خلال هذا اللقاء، يتجلى مضمون الآية الكريمة: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليمٌ خبيرٌ), كما إن إحياء هذه المناسبة التي مر عليها أكثر من (14) قرناً، يسهم في حفظ الهوية, ونتذكر من خلالها سيرة المعصومين D؛ لما فيها من فائدة للناس في الدنيا والآخرة.
وأضاف: أحد الأهداف المهمة التي تتحقق في مثل هذه المناسبات هو التعارف بين العلماء والفضلاء من مختلف البلدان الإسلامية وغيرها، مما يعزز العلاقة فيما بينهم، وباعتقادنا سيساهم ذلك في نشر الفضيلة على وجه الأرض, والتعرف على واقع الحال في العراق الجريح، فمن خلال هذا المهرجان ومن خلالكم، يتبين زيف وبهتان الإعلام المضلل الذي يريد بهذا البلد سوءاً, وانه من دواعي السرور والسعادة أن نتشرف بخدمتكم في مثل هذه الأيام في مدينة كربلاء المقدسة، هذه الأيام التي نتذكر بها ذكريات مهمة يجب على الأمة الإسلامية أن تذكرها جميعاً، وهي ذكرى ولادة الإمام الحسين سيد الشهداء وأخيه أبي الفضل العباس وابنه السجاد D، وتمتد المناسبة لتذكرنا بذكرى ولادة علي الأكبر A في الحادي عشر منه، ثم في ليلة النصف من شعبان هناك مناسبةٌ مهمة زادت هذه الليلة شرفاً، وهي ولادة منقذ البشرية الإمام المهدي f، لذلك باسم المتوليين الشرعيين للعتبتين المقدستين والأمينين العامين لهما وجميع العاملين فيهما وعن اللجنة التحضيرية للمهرجان، نتقدم لكم بالشكر والثناء لاستجابتكم وتلبيتكم هذه الدعوة، ونأمل لكم طيب الإقامة في هذه الرحاب الطاهرة.
واختتم الحفل بعرض فيلم تعريفي يتضمن سير وصور الشخصيات المدعوة للمشاركة بهذه النسخة من المهرجان.
صحن سيد الشهداء الإمام الحسين A
يحتضن ختام فعاليات اليوم الأول
بإقامة الأمسية القرآنية الأولى
تبرز أهمية القرآن الكريم فيما احتواه من إعجاز في لغته وأسلوبه وطرائق توجيهاته وإرشاداته في العبادات والأخلاق وإصلاح النفوس، إضافة إلى توجيهاته في نواحي الحياة الخاصة والعامة، وفي تنظيم الأسرة والحقوق والواجبات وفي كل ما يهم الفرد والمجتمع، اذ له دور كبير في حياتنا، حيث أنه يهذب نفوسنا ويزكيها ويطهرها من الذنوب والخطايا. وضمن فعاليات مهرجان ربيع الشهادة الخامس عشر عملت العتبتان المقدستان على أن يكون في كل نسخة من نسخ المهرجان المبارك أماسي قرآنية، تشنف فيها أسماع الحاضرين بتلاوات مباركة لقراء محليين وعالميين، وضمن فعاليات اليوم الأول لمهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الخامس عشر الذي يعقد تحت شعار: (الإمامُ الحسينُ A منارٌ للأُمم وإصلاحٌ للقِيم). شهد الصحن الحسيني الشريف اقامة الأمسية القرآنية المباركة بمشاركة نخبة من القراء من داخل وخارج العراق. وقد شهدت الأمسية حضوراً كبيراً من قبل المختصين والمهتمين وزائري المرقد الشريف، كذلك حضور شخصيات اكاديمية مختصة في المجال القرآني، فضلاً عن التغطية الإعلامية المختلفة، حيث كانت الأجواء مفعمة بالإيمان والتقوى، ومعطرة بعبير أهل البيت D.
افتتحت هذه الأمسية المباركة بقراءة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحاضرين قارئ العتبة الحسينية المقدسة الحاج أسامة الكربلائي، لتليها بعد ذلك فرقةُ البراعم التابعة لدار القرآن الكريم في العتبة الحسينيّة المقدّسة فرع الأهواز، حيث أبدعت حناجرُهم ما بين تلاوةٍ لآيات الذكر الحكيم وقراءة موشّحاتٍ إنشاديه، ليستمرّ بعدها إبداعُ دار القرآن الكريم في العتبة الحسينيّة المقدّسة، ولكن هذه المرّة من خلال أحد طلبتها وهو البرعم حسين الحجّار، الذي شنّف أسماع الحضور بتلاوةٍ نقيّة، ثمّ جاء الدور بعد ذلك لقارئ العتبة الرضويّة المقدّسة في جمهورية إيران القارئ حميد شاكر نجاد، لتُختتم الأمسيةُ بتلاوةٍ عطرة بصوت القارئ المصريّ حمدي راشد.
صدى الروضتين كانت حاضرة، وأجرت لقاء مع مسؤول مركز إعلام دار القرآن الكريم في العتبة الحسينيّة المقدّسة الأستاذ صفاء السيلاوي، فتحدث لنا قائلاً:
أهنئ العالم الإسلامي بذكرى ولادة الإمام أبي عبد الله الحسين وأخيه المولى أبي الفضل العباس وابنه الإمام السجاد D، حرصت دار القرآن الكريم التابعة للعتبة الحسينيّة المقدّسة على إقامة هذه الأمسية سنويّاً، ضمن فقرات مهرجان ربيع الشهادة الثقافيّ العالميّ، مستقطبةً فيها خيرة القرّاء الدوليّين العراقيّين وغير العراقيّين، فضلاً عن المواهب القرآنيّة الواعدة من براعم الدار، حيث أقيمت هذه الأمسية في أجواء قرآنية مثالية وسط حضور غفير من شخصيات مختصة بالمجال القرآني، وأيضاً الحضور اللافت لجموع الزائرين وسط باحة الصحن الحسيني الشريف.
مندوب دار القرآن الكريم فرع الأهواز التابع للعتبة الحسينية المقدسة الدكتور مهدي دغاغلة - تحدث لنا قائلاً:
إن أجواء كربلاء المقدسة أجواء روحانية وقرآنية، ونشعر كأننا في السماء وليس في الأرض، خصوصا في حضرة المولى ابي عبد الله الحسين A، لنا الشرف الكبير في المشاركة في هذا المهرجان السنوي المبارك مع اخوتي المسلمين وبهذه الأجواء وبمناسبة الولادات الكريمة وفي هذا الشهر المبارك شهر شعبان، وما التمسناه في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية وكل من في العراق