المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: نجدُ هناك تجاوزاً على أئمّةٍ وعلماءَ ورموزٍ بسبب فقدانِ الحياء الفكريِّ والعلميّ، وإنّ الفوضى سببُ ما وقعنا به وليس الحرّية...
13-04-2019
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: نجدُ هناك تجاوزاً على أئمّةٍ وعلماءَ ورموزٍ بسبب فقدانِ الحياء الفكريِّ والعلميّ، وإنّ الفوضى سببُ ما وقعنا به وليس الحرّية...
بيّنت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّ هناك تجاوزاً على أئمّةٍ وعلماء ورموزٍ؛ بسبب فقدان الحياء الفكريّ والعلميّ، وقد استسهلنا هذا اللون من عدم الحياء، فلابُدّ أن يكون لدينا حياءٌ علميّ فنحترم العلم، ولابُدّ أن يكون لدينا حياءٌ فكريّ فنحترم الفكر، أمّا إذا كان هناك مَنْ لا يملك الحياء سيتخبّط تخبّط عشواء ويكون أضحوكةً، والذي يساعده ويُثني على قوله هو مثلُهُ لا يملك هذا الحياء.
مؤكّدةً كذلك أنّ الفوضى هي سببُ ما وقعنا فيه وليس الحرّية، ويجب الحفاظ على المقدّسات والقيم والحياء الفكريّ والعلميّ، وللأسف هناك من وقَعَ في الفخّ ومشاكل، وما يمرّ به شبابُنا يحتاج الى جهدٍ من الجميع فهم أملُ وبذرةُ البلاد، ويجب تربيتهم بشكلٍ سويّ لنفع البلد، والفكرُ المعوجّ لا يحقّق بناءً مستقيماً أو يبني بلداً..
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة هذا اليوم (28 رجب الأصبّ 1440هـ) الموافق لـ(5 نيسان 2019م)، التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ المطهّر وكانت بإمامة سماحة السيّد أحمد الصافي (دام عزّه)، وهذا نصُّها:
إخوتي أخواتي.. موضوعة الحياء من المواضيع المهمّة التي أصبحت تهدّد مجتمعنا لفقد الأساليب التربويّة الناجحة للنشء، نتحدّث اليوم عن مصطلح فَلْنسمِّهِ (الحياء الفكريّ) ما معنى الحياء الفكريّ؟ أو الحياء العلميّ؟ وهذا يختلف عمّا سبق ذكرُه في الأوّل وهو الحياء العرفيّ، الإنسان الذي لا يستحي، وبعض الأحاديث تقول: (إذا كنت لا تستحي فافعلْ ما شئت)؛ لأنّ الحياء حالةٌ من الكوابح أمام النفس تمنع النفس من أن تُعطى قيادها، الإنسان الذي يستحي لا يفعل ما يشاء، الإنسان يتجاوز على الآخرين ويظلم ويكذب ويتصرّف أمام الناس تصرّفاتٍ تدلّ على عدم المبالاة بهم، وهذا كلّه ناشئٌ عن هذا المرض الخطير وهو عدم الحياء.
هناك حياءٌ من نوعٍ خاصّ هو الحياء الفكريّ، أي أنّ الإنسان عليه أن يحترم الفكر وعليه أن يحترم العلم، فإذا كان لا يحترم العلم والفكر معنى ذلك أنّ هذا الرجل ليس لديه حياءٌ علميّ وفكريّ، وإنّما يتخبّط تخبّط عشواء في أمورٍ هو ليس من فرسانها، لا يفقه فيها أيّ شيءٍ وتجده يخوض غمارها وهو جاهل، وأسلوبه أيضاً ينمّ عن جهلٍ، ومن الصعوبة بمكانٍ أن تُقنع جاهلاً، وخصوصاً إذا كان لهذا الجاهل أتباعٌ مثله، وهذه مشكلةُ الناس إمّا عالمٌ ربّاني أو متعلّمٌ على سبيل نجاة أو همجٌ رعاعٌ على تقسيم أمير المؤمنين(عليه السلام)، ثمّ يعرّف الفئة الأخيرة فيشير ويقول: ينعقون مع كلّ ناعق.
المجتمع الآن فيه مشكلة اقتصاديّة، وفيه جوانب هندسيّة وفيه جوانب تجاريّة وفيه جوانب ثقافيّة وفيه جوانب فكريّة، والجوانب الثقافيّة والفكريّة أيضاً فيها جوانب دينيّة وفيها جوانب غير دينيّة، وهذه طبيعة أيّ مجتمعٍ عندما نفقد الحياء الفكريّ، أي لا نحترم العلم فنتخبّط، عندما لا نحترم الجانب الفكريّ والجانب العلميّ نتخبّط، ولعلّ من أكثر الأشياء عرضةً لهذا هو الجوانب الدينيّة.
وتجد أنّنا نمتلك الجرأة على أن نتحدّث في الجوانب الدينيّة بكلّ شيء، قد لا نمتلك هذه الجرأة في الجوانب الهندسيّة مثلاً، أو لا نمتلك الجرأة في الجوانب الطبّية؛ لأنّ الناس ستُشكِلُ علينا، أنت مهندس؟ نقول: لا، أنت طبيب؟ لا. إذن هذا الأمر اجعله للأطبّاء، إلّا القضايا الدينيّة سمحنا لأنفسنا أنّ كلّ أحدٍ منّا يُمكن أن يتدخّل فيها، وللأسف البعض منّا فقد هذا الحياء الفكريّ، لماذا؟ أمام الطبّ يقف لأنّه إذا تكلّم بغير لُغَة الطبّ يُستهزأ به، أمّا في القضايا الدينيّة أبحنا لأنفسنا أنّنا نتكلّم بكلّ شيءٍ دينيّاً، البعض يتصوّر أنّ المسائل الدينيّة والعلوم الدينيّة سهلة، لكنها من أعقد المسائل، فهْمُ الأدلّة الشرعيّة من أعقد الأشياء، أنت لا تعتقدْ أنّ الرسالة العمليّة للعالِم كتبها بين ليلةٍ وضحاها، إنّما أفنى عمره الشريف في سبيل أن يكتبها والبعض يتردّد في أن يكتبها؛ لأنّه يرى نفسه الى الآن هو غير قادر، ويشكّ أنّه مؤهلٌ أو لا، ويأتي أحدٌ بكلّ جرأة وبساطة يُشكِل ويُشكِل ويُشكِل وهو أقرب الى الاستهزاء منه الى المطلب العلميّ.
إخواني حافظوا على المقدّسات وحافظوا على القيم وحافظوا على الحياء الفكريّ والحياء العلميّ، علينا أن لا نبيح لأنفسنا أن نتدخّل في كلّ شيء ونرفض كلّ شيء وننقد كلّ شيء.
ونأمل من الله سبحانه وتعالى أن تنتهي الفوضى ويحترم بعضُنا بعضاً، سائلين اللهَ تبارك وتعالى التوفيق للجميع بمحمّدٍ وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.