العتبةُ العبّاسية المقدّسة بالتعاون مع جامعة البصرة تنظّمان مهرجان وليد الكعبة الثقافيّ السنويّ الثالث
13-04-2019
علي طعمة
العتبةُ العبّاسية المقدّسة بالتعاون مع جامعة البصرة
تنظّمان مهرجان وليد الكعبة الثقافيّ السنويّ الثالث
ابتهاجاً بالمناسبة العطرة، وتواصلاً لسلسلة مهرجاناتها الثقافيّة المتّخذة من ولادات ووفيات الأئمّة المعصومينD منطلقاً لها، والتي تُقيمها بالتعاون مع عددٍ من الجامعات العراقيّة، نظّمت شعبةُ العلاقات الجامعيّة التابعة للعتبة العبّاسية المقدّسة وضمن مشروع فتية الكفيل الوطنيّ وبالتعاون مع جامعة البصرة، مهرجاناً احتفائيّاً ثقافيّاً يُعقد للسنة الثالثة على التوالي، لاستذكار ولادة أمير المؤمنينA توسّم بـ(مهرجان وليد الكعبة(.المهرجانُ الذي تستمرّ فعاليّاته لثلاثة أيّام، احتضنت حفلَ افتتاحه القاعةُ المركزيّة لكليّة العلوم في الجامعة، وبحضور وفودٍ مثّلت العتبات المقدّسة بالإضافة إلى شخصيّاتٍ مثّلت جهاتٍ عديدة، فضلاً عن جمعٍ كبير من تدريسيّي الجامعة وطلبتها.
وبعد تلاوة آياتٍ من الذّكر الحكيم وقراءة سورة الفاتحة ترحّماً على أرواح شهداء العراق الأبرار والاستماع للنشيدين الوطنيّ ولحن الإباء، كانت هناك كلمةٌ لرئاسة الجامعة ألقاها بالنيابة الدكتور زكي عبد الله، والتي قدّم فيها تهانيه وتبريكاته بهذه الذكرى العطرة، مبيّناً:
أنه في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب قبل البعثة النبويّة بعشر سنوات وبعد عام الفيل بثلاثين سنة، شهدت الكعبةُ المشرّفة حدثاً يهزّ مضاجع الدنيا، إذ تقصدها فاطمةُ بنت أسد لتضع مولودها في جوفها، يا تُرى مَنْ هذا المولود؟ ولمن هذه الكرامة وذلك الاجتباء الذي أبى الله تعالى أن ينازعه أحدٌ في الدنيا على هذا الأمر العظيم، إنّه أمير المؤمنين وإمام المتّقين وسيّد الأوصياء، يعسوب الدين، أسد الله وأسد رسوله، علي بن أبي طالب أبو الحسن والحسين وزوج الزهراءD.
وأضاف: كما يكفي أنّ ولادته ووفاته في بيت الله تعالى، حيث انطفأ هذا الألق في المحراب وهو يصلّي، كما في الوعد الإلهيّ، ويترك للتاريخ بصماتٍ لا تُمحى مهما طال الزمن، فسلامٌ عليك سيّدي يوم وُلدت ويوم استُشهِدت ويوم تُبعث حيّاً.
وأوضح: أن الكثير من مؤلّفات الكتب لا تفي حقّ هذا الإمام المسدَّد، لكن أخيراً لابُدّ أن أشكر العتبة العبّاسية المقدّسة على فسح المجال لمشاركتنا لهم في استذكار هذه الذكرى العزيزة، متمنّين لهم التوفيق.
أعقبتها كلمة العتبة العبّاسية المقدّسة ألقاها بالنيابة السيّد محمد عبد الله الموسويّ من قسم الشؤون الدينيّة فيها، واستهلّها بتقديم أزكى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة حلول هذه الولادة الميمونة، كما وبيّن فيها:
أبارك لكم في هذا اليوم الجميل - ذكرى ولادة مولانا أمير المؤمنينA - اجتماعكم هذا، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل أيّامكم كلّها أفراحاً وسعادات ومسرّات، ويجمعنا ويجمعكم دوماً تحت راية الإيمان والهدى في رحاب الطهر والقداسة رحاب أهل البيتD، وفي رحاب نفحةٍ من نفحات الجنان، فقد ورَدَ في الأثر: (ما من قومٍ اجتمعوا ليذكروا عليّاً وفضائله إلّا حفّت بهم الملائكة واستغفرت لهم إلى أن يتفرّقوا)، فهنيئاً لكم وبوركت أنفاسكم، ونحمل لكم هديّةً من قمر العشيرة عطراً محمّلاً بعبق الودّ وعطر الياسمين لننثره من حضرته على قلوبكم الطيّبة، ليستنير هذا المكان المبارك بأنوار قمر بني هاشم A.
وأضاف: سلامٌ لكم من القمر أبي الفضل A، وكذلك سلامٌ لكم ودعوات من إخوتكم في العتبة العبّاسية المقدّسة والقائمين عليها بالتوفيق والسداد، ونشدّ على أيديكم إن شاء الله من تقدّمٍ إلى تقدّم، ومن علمٍ إلى علم دائماً وأبداً ببركة محمدٍ وآل محمد J.
بعد ذلك، عرّج الموسويّ على موضوع الولاية مستشهِداً بقوله تعالى في كتابه الكريم: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، مبيّناً:
عندما نقف على هذا البحر المتلاطم الأمواج بحر سيّدي ومولاي أمير المؤمنينA، حقيقةً يحار أحدنا من أيّها يبدأ وفي أيّ سفينةٍ يركب وأيّ كلمةٍ ينطق، إلّا أنّ هناك جوانب مشرقة كثيرة في حياة أمير المؤمنينA من زهدٍ وعبادةٍ وتقوىً وإيمانٍ وتضحية وفداء وشجاعة، والى ما لا حدّ له من المعاني، ولكن سطّر لنا التاريخ بأحرفٍ من ذهب سيرةً عطرةً طيّبة نحاول أن نقتبس منها ولو كلمة، فقد ورد في الحديث المتواتر عن رسول اللهJ أنّه قال: (يا علي، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي).
أميرُ المؤمنينA امتاز بصفاتٍ كثيرة، ولكن لعلّي في هذه العجالة أسأل سؤالاً وأستنطق به الأحبّة الأعزّاء، أقول لقد تحلّى أميرُ المؤمنينA بأوسمةٍ كثيرة، لكن أيُّها أجمل وساماً؟ لعلّكم تشتركون معي أنّ هناك حللاً ودرراً قلّدها رسول الله(صلّى الله عليه وآله) لمولانا أمير المؤمنينA، ولعلّي أكون صادقاً إن قلت تلك الحلل لا حدّ لها، ولعلّ ضربة عليٍّ يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين الى يوم القيامة، كما عبّر عن ذلك رسول اللهJ، وقال: (برز الإيمانُ كلُّه إلى الشّركِ كلِّه.(
موضحاً: سأحاول أن أسلّط الضوء على هذه الكلمة، الجنّ يعبد والإنس تعبد منذ أن خلق الله تعالى آدم والبشريّة حتّى يوم القيامة، الكلّ يعبد الله، ولكن حركةٌ عباديّة بضربةٍ واحدة تعدل عبادة الثقلين إلى يوم القيامة، مَنْ منكم سأل: لماذا الضربةُ عملٌ عباديّ؟ والعبادة كما تعلمون أقسام وأنواع، لكن لماذا خُلّدت هذه الضربة؟ هل لقوّتها خُلّدت أو لسرعتها أو لحراجة الموقف؟ لا ليس كذلك، إنّما خُلّدت لسببٍ يمتاز به عليّA دون غيره، فلو أنّ الدنيا قد اجتمعت لتُكبّر تكبيرة الإحرام التي يكبّرها أميرُ المؤمنينA في صلاته ما استطاعت، فتلك الضربةُ كانت تحمل نيّةً صادقةً وإيماناً صادقاً وتقوىً، وهذه عبادة.
متابعاً: أين كانت بوصلة أمير المؤمنينA متّجهةً؟ كان يعيش مع رسول اللهJ ولكن همّته ورغبته وحماسته وشجاعته ونيّته وبوصلته كانت متّجهةً إلى القسم الثالث من أقسام العبادة، وهو القائل: (إلهي ما عبدتُك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك، ولكن رأيتك أهلاً للعبادة فعبدتُك)، فلو قارنّا عبادتنا بعبادة أمير المؤمنينA سنرى البعض متّجهاً بنيّته نحو الدنيا، والبعض متّجهاً نحو الكرسيّ والمنصب، والبعض متّجهاً بنيّته إلى الملذّات والشهوات، ولكن تعال معي إلى أمير المؤمنينA وقد أمسك يد كميل وقال: (يا كميل اعلمْ أنّ الناس ثلاثة أصناف: عالمٌ ربّاني، ومتعلّمٌ على سبيل نجاة، وهمجٌ رعاعٌ ينعقون مع كلّ ناعق ويميلون مع كلّ ريح)، بمجرّد أن تظهر دعوةٌ أو فكرةٌ معيّنة تراه ينحرف، تراه يولّي الدبر وينشغل ويترك الحقيقة.
واختتم: لقد اتّجهت حياةُ أمير المؤمنينA ببوصلةٍ إلهيّة، فبيتُ عليّ بيتُ إخلاصٍ وطهارة، بيت عليّ بيتُ عملٍ وجهدٍ وكدّ، الدّينُ الذي تتمسّكون به قد وصل لنا بجهادٍ ودموع، بدماءٍ وآهاتٍ وصلت هذه الجوهرةُ الثمينة، فكيف نحافظ عليها؟ ينتظرُ التاريخُ منكم كلمةً وموقفاً تتمسّكون به للحفاظ على هذه الجوهرة الثمينة ولا تتنازلون عنها أبداً وهي ذلك الدينُ العظيم.
جاءت بعد ذلك مشاركاتٌ شعريّة عديدة اشترك فيها عددٌ من طلبة الجامعة وبعض الشعراء من خارجها تغنت بمولد القرآن الناطق الإمام علي أمير المؤمنين A وعن مواقفه الإنسانية المشرفة، ليتمّ بعد ذلك تبادل الهدايا التقديريّة والدروع بين العتبة العبّاسية المقدّسة وجامعة البصرة، فضلاً عن تكريم المساهمين في انعقاد هذا المهرجان.
توجّه بعد ذلك الحضور لافتتاح معرض النتاجات الفكريّة والثقافيّة الذي شمل جناحاً لإصدارات قسم الشؤون الفكريّة والثقافيّة وآخر لقسم شؤون المعارف الإسلاميّة والإنسانيّة في العتبة العبّاسية المقدّسة وجناحاً لمتحف الكفيل للنفائس والمخطوطات حيث عرض مجموعة من الصور ومقتنيات المتحف وبعض المسكوكات وكذلك مجموعة من الخناجر والسكاكين والمسدسات القديمة ودرع مصنوع من المعدن الثمين، وجناح لتعليم مهارات الإسعافات الأولية والإنعاش الرئوي والتي قدم فيها المدرب علي عودة من جمعية كشافة الكفيل التابعة لشعبة الطفولة والناشئة في قسم الشؤون الفكرية والثقافية برنامج الإسعافات الأولية والتي بيّن فيها:
أن الله سبحانه وتعالى يحث على إنقاذ الحياة وأهل البيت D يحثون على إنقاذ الحياة، وحسب إحصائيات منهج الطب الجمعية الأمريكية ٨٠٪ من حالات الإصابات تحدث بين الأهل والأصدقاء، فيجب علينا تعلم مهارات الإسعافات الأولية وكيفية إنقاذ أحبائنا الطرق الصحية والعالمية ومن أهداف الإسعافات الأولية:
١- المحافظة على حياة المصاب لحين نقله إلى المستشفى.
٢- تقليل من الألم والإصابة.
٣- تعزيز الشفاء للمصاب.
٤- تقديم الدعم النفسي.
محاور الدورة:
- كيفية التعامل مع الصاعقة الكهربائية والغرق وحوادث السير.
- كيفية إعطاء الإنعاش القلبي الرئوي CPR للرضيع والطفل والبالغ.
- كيفية معالجة الحروق، ومعرفة أنواعها، وكيفية معالجة كل نوع.
- التعرف على أنواع النزف ومعالجة كل نوع (شعيري، وريدي، شرياني) وكيفية استخدام الرباط الضاغط.
- كيف التعامل مع الرعاف (خروج الدم من الأنف) .
- كيفية العمل مع الكسور (خارجي - داخلي).
- كيفية التعامل مع الصرع.
- كيفية التعامل مع حالات التسمم.
بالإضافة إلى جناحٍ آخر للعتبة العسكريّة المقدّسة والتي شاركت لأول مرة في هذا المعرض وبمجموعة من الإصدارات التي تحاكي تراث سامراء التابع للعتبة العسكرية المقدسة وبعض البركات من المرقد الشريف، وكذلك مشاركة مركز تراث البصرة بمجموعة من الإصدارات الثقافية من كتب ومجلات محكمة التي وصل عددها أكثر من 130 إصداراً، وجاءت هذه المشاركة لنفض الغبار عن تراث وتاريخ البصرة الفكري والثقافي المغيب لهذه المدينة المعطاءة والمليئة بالعلماء والأدباء والمثقفين.
يُشار إلى أنّ المهرجان قد استَهَلَّ فعاليّاته بإقامة جلسةٍ حواريّة قدّمها السيّد محمد الموسويّ وحضرها جمعٌ كبيرٌ من طلبة الأقسام الداخليّة في الجامعة، كذلك كانت هناك ورشةٌ تدريبيّة لتعليم مهارات الإسعافات الأوّليّة وجلسةٌ قرآنيّة.
جريدة صدى الروضتين التقت بالأستاذ ماهر خالد في شعبة العلاقات الجامعية، فبيّن قائلاً:
للمرة الثالثة ونحن نقيم هذا المهرجان وبصرحٍ آخر ألا وهو جامعة البصرة لعمقها التاريخي ودأبت العتبة العباسية المقدسة على أن يكون هذا المهرجان في هذه الولاة الميمونة في هذه الصرح الثقافي والعلمي لمشاركة أكبر عدد من الطلبة من خلال مشاركاتهم الشعرية والموشحات الدينية وكذلك مد جسور التعاون بين الجامعات والمعاهد العراقية وبين العتبات المقدسة.