قراءة انطباعية في كتاب.. (قاموس التراث الشعبي العراقي)للأستاذ حسين علي الجبوري ج4
10-04-2019
لجنة الدراسات والبحوث
في عرضنا الانطباعي لكتاب قاموس التراث الشعبي للكاتب حسين علي الجبوري، نجده احتوى جماليات الموروث بأسلوب شفافة جعلتنا نقدمها بانتقاءات المجدي والنافع:
(الأرنب):
لقد قيلت الكثير من الخرافات وتشابه عند الشعوب؛ كونه نذير شؤوم، فالانكليز ان اعترض طريقهم الأرنب وهم ذاهبون لمهمة يؤجلوا شغلهم، ويرجعوا للبيت، واللطيفة اذا صادف الارنب زفة عرس عراقية يصيح جميع الموجودين: (غزال.. غزال) لأجل ان يسقطوا من شؤوم الارنب.
والغزال عند العراقيين من الحيوانات التي ترمز الى الخير، وكان سائقو السيارات اكثر الناس تشاؤما اذا رأى سائق السيارة ارنبا، يخرج من جيبه النقود يضعها بجيبه الثاني ليعطيها صدقة.
والالطف من هذا انه كان يوجد ناس يعلقون كعب الارنب كتعويذة تطرد العين، والانكليز يعلقون تحت ثيابهم قدم ارنب، ويحملونها في جيوبهم فهم يقولون: ان القدم اليمنى للارنب تطرد الروماتيزم بشرط ان يحملها في جيبه الايسر.
والاوربيون يعتقدون اذا وضع قدم الارنب في كيس النسيج الخام تحت الابط الايسر يزول الم الاسنان.
(استجداء التزويج):
قبل ان ادخل الى ظاهرة الاستجداء نقف عند عادة الكربلائيات انهن كان يجتمعن يوم الجمعة عند قبر الحر الرياحي راجلات حافيات والزائرة كانت تحجل وتنشد:
يالحر ... جيتك برجل
يالحر ... انطيني رجل
ومجموعة اخرى يحجلن وينشدن:
يالحر ... جيتك حافية
يالحر ... صحة وعافية
وهذه الرقصة الشعائرية انتهت منذ اربعينيات القرن الماضي.
من المعتقدات السائدة عند الكربلائيين عن مرقد عون A انه كان يشفي المجانين فدائما نرى هناك مرضى العقلية، يربطون بسلاسل بالضريح، وكان الناس ايضا يعتقدون انه يهبهم الزوجة، كانوا يقبلون مشيا الى الوراء، وينشدون:
(ياعون جيتك لي وره
ياعون زوجني مره)
اما النسوه يحجلن:
(ياعون جيتك زايره
وفجة عباتي طايرة)
اي من المشي ركضا لغرض الاسراع في تلبية الحاجة.
وفي ضريح الجنيد البغدادي وهو من الصوفيين، مدفون في الكرخ، يهمسن في الضريح:
(دخيلك يا شيخ جنيد
ادعيلي يرزقني وليد)
وكان هناك مرقد لا احد يعرف عن تاريخه شيئا. المرقد يسمونه مرقد (حادي بادي) وهو يقع في منطقة القشلة، وتنتخيه النسوان:
(حادي بادي.. يالبغدادي.. انطيني مرادي.. حنه وشمعه.. ليلة الجمعة)
وهناك ضريح في محلة النصة بالاعظمية، دفينة امرأة يقال لها رابعة بنت الشيخ جميل كانت مزارا لنساء بغداد، ومن خصائص هذا المرقد ان العاقر اذا اغتسلت بماء بئر موجودة في المرقد، كتب الله لها الحمل ويقال انها ام رابعة، ويقال انه قبر ابي رابعة (حماد الدباس وكان من اصحاب عبد القادر الكيلاني).
ويوجد قبر بمصر يسمونه قبر سيدي حنيش، يعتقد الناس الساكنون بقربه انه يعين اناث الحيوانات على الحمل.
ويوجد مزار آخر مقام يسمونه (مقام الشيخ منصور) المتزوجون حديثا يأخذون زوجاتهم ليضمنوا الحمل، ويأخذون معهم رز بحليب يلقونه في النيل ويشعلون الشموع.
واما موضوع الاستجداء فكان من النذور التي تلجأ اليها من يموت لها الاولاد وكل من سجن زوجها وكل من تعسر رزقه من الرجال ينذرون الاستجداء (التسول)، تأخذ طفلها وتجلس رأس المحلة لتستجدي، والناس يعرفون القضية فيعطونها لتجمع بنقود الجدية دشداشة.
في معتقدهم انهم يستعطفون الله سبحانه تعالى، ولنا نحن العراقيين شاهد قوي، سجن صدام اللعين التبعية ممن اسقط النظام المقبور جنسياتهم، قسم منهم نفي والقسم الآخر سجن في نقرة السلمان، وهذا الوضع كان في زمن الحرب مع ايران، أي في قمة يأس الناس من اطلاق سراحهم، والحرب مع ايران مستعرة.
قرر اهل كربلاء من أهالي السجناء ان يطرقن الابواب ويستجدين من كل شخص اسمه علي درهما واحدا، ومن كل امرأة اسمها فاطمة درهما واحدا، واكثر من ذلك غير مسموح لغاية زيادة عدد المشاركين في هذا العمل الخيري، واشتروا لجميع السجناء ملابس داخلية (فانيلات)، وبعد أسبوع فقط من ارتدائهم الفانيلات تم اطلق سراحهم وبأعجوبة بقيت مثار دهشة العالم..!
(الاستجارة بقبر الحسين A):
للمستجير بقبر الحسين حرمة كبيرة عند كثير من الناس، فكانوا يحفظون حرمة كل من يستجير بقبره لائذا من تعقب السلطة او من ملاحقة الناس، ويذكر التاريخ من هؤلاء المستجيرين (مرجان) عبد السلطان اويس الجلائري الذي ولاه العراق فرفع راية العصيان ضده واستقل بالولاية.
عندها سير اويس جيش لاخضاع مرجان، لكنه استطاع الهرب والتجأ عند حرم الحسين وعلم اويس بذلك فصفح عنه وكان مرجان قد اذن ان تبنى مئذنة خاصة في صحن الحسين اذا خرج ناجيا من المحنة فبنى بعد ذلك منارة العبد.
(استخارة):
استخارة السبحة والاستخارة تقوم في حالة التردد عند العزم وطريقتها قراءة فاتحة الكتاب وقراءة (انا انزلناه) وقراءة دعاء خاص بالاستخارة ثم يقبض على قطعة من السبحة ويضمر حاجته ويخرج ان كانت تلك القطعة زوجا فهو افعل، وان كان فردا لا تفعل. وهناك صلاة الاستخارة ولكنها ليست فرضا والقاعدة ان يتلى دعاء الاستخارة وفي كربلاء يوجد في دكاكين الاحراز والادعية كتاب يطلق عليه خيرة الامام الصادق، تتبادل صفحاته ما بين افعل او لا تفعل، فهو من نوع خيرة الاقتراع.
وهناك استخارة عن طريق المصحف وبعض اهل السنة يحرم استخدام القرآن في الاستخارة. (كتاب الطبري: ص 169).
وهناك قول يؤكد على شرعية الاستخارة: (ما خاب من استخار ولا ندم من استشار) وفي مصر تعتبر الاستخارة ضربا من ضروب الغيب، فيستخيرون بالسبحة.