المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: الواجبُ الإنسانيّ والوطنيّ والشرعيّ يُحتّمُ على الجهاتِ المعنيّة وضعَ حدٍّ لمُعاناة أهالي البصرة
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: الواجبُ الإنسانيّ والوطنيّ والشرعيّ يُحتّمُ على الجهاتِ المعنيّة وضعَ حدٍّ لمُعاناة أهالي البصرة...
بيّنت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّ الواجب الإنسانيّ والوطنيّ والشرعيّ يُحتّمُ على الجهاتِ والدوائر المعنيّة أن تتعاون وتنسّق فيما بينها، من أجل وضع حدٍّ لمُعاناة أهلنا في مدينة البصرة الكريمة، وإيجاد حلٍّ مناسبٍ وسريع لمشكلتهم، وهو أمرٌ مُمكنٌ لو توفّرت الإرادة الجادّة والنيّة الصادقة والاهتمام الكافي لدى المسؤولين في الحكومتين المركزيّة والمحلّية.
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة ليوم (12ذي الحجّة 1439هـ) الموافق لـ(24 آب 2018م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ المطهّر وكانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزّه)، وهذا نصُّها:
أيّها الإخوة والأخوات نبيّن على مسامعكم الكريمة الأمرين التاليين:
الأمر الأوّل: لا تزالُ تتواصلُ شكاوى المواطنين الكرام في محافظة البصرة العزيزة حاملةً شديد معاناتهم من النقص الحادّ في المياه الصالحة للشرب، وعدم صلاحيّة مياه الإسالة حتّى للاستحمام ونحوه من الاستخدام البشريّ، وقد نَتَجَ عن استعمال بعض المواطنين للمياه الملوّثة إصابة العديد منهم بالتسمّم وبعض الأمراض الجلديّة، وعلى الرّغم من المناشدات المكرّرة من المرجعيّة الدينيّة ومن جهاتٍ أخرى إلّا أنّ الجهود المبذولة لتحقيق حلٍّ لهذه المعضلة لا تزال دون حدّها الأدنى، إنّه لمن المؤسف جدّاً أن لا تجد هذه الأزمةُ الإنسانيّة الى اليوم الاهتمامَ المناسب لها من قِبل الجهات الحكوميّة المختصّة التي لا تُحسن إلّا توجيه بعضها اللومَ الى البعض الآخر وتحميله مسؤوليّة التقصير في هذا الملفّ.
إنّ الواجب الإنسانيّ والوطنيّ والشرعيّ يُحتّم على الجهاتِ والدوائر المعنيّة أن تتعاون وتنسّق فيما بينها من أجل وضع حدٍّ لمُعاناة أهلنا في مدينة البصرة الكريمة، وإيجاد حلٍّ مناسب وسريع لمشكلتهم، وهو أمرٌ مُمكنٌ لو توفّرت الإرادة الجادّة والنيّة الصادقة والاهتمام الكافي لدى المسؤولين في الحكومتين المركزيّة والمحلّية، وتحرّكوا بروح الفريق الواحد واتّخذوا قراراتٍ حازمة وعاجلة بعيداً عن الإجراءات الروتينيّة والتنازع في الصلاحيّات بين الدوائر المختلفة.
الأمرُ الثاني: فيما يتعلّق بمنظومات التواصل الاجتماعيّ الإلكترونيّة وآثارها الاجتماعيّة والأخلاقيّة على الفرد والمجتمع، نقول:
من الظواهر المجتمعيّة التي سادت مجتمعاتنا في الأزمنة الأخيرة هو الإدمانُ على مواقع التواصل الاجتماعيّ وسوء الاستخدام لها، أي الاستخدام المفرط وغير المنضبط بالضوابط الشرعيّة والأخلاقيّة، حتّى أصبحت عند الكثير من ضروريّات الحياة التي لا ينفكّ عنها الصغير والكبير والرجل والمرأة، وأصبحت ملازمةً للإنسان في كلّ مفاصل حياته ولها دورٌ أساسيّ في صياغة الكثير من المواقف العقائديّة والثقافيّة والآراء السياسيّة وتلقّي العادات والتقاليد وتكوين الآراء والانطباعات الاجتماعيّة، وتمتلك تأثيراً قويّاً على الجوانب النفسيّة والعاطفيّة والأخلاقيّة، وتُعدّ من العوامل الأساسيّة في حياتنا بصناعة القرار واتّخاذ المواقف وتبنّي الآراء المختلفة، وباتت هذه الأجهزةُ متاحةً للجميع حتّى الأطفال، ممّا يُشكّل عاملاً خطيراً في التنشئة الاجتماعيّة والثقافيّة والنفسيّة وصياغة الآراء والأفكار والعادات والتقاليد، وأصبحت تهدّد الأمن الاجتماعيّ والأخلاقيّ والسياسيّ للفرد والمجتمع إذا لم يتمّ ترشيد استخدامها، ولا شكّ أنّ لهذه المنظومة دوراً إيجابيّاً كبيراً لو أُحسن استخدامُها ووُظّفت لمصالح الفرد والمجتمع في مختلف جوانب حياته، حيث أنّها سهّلت التواصل الاجتماعيّ البنّاء وإزالة الحواجز الزمانيّة والمكانيّة بين أفراد الأسرة وبين أبناء المجتمع الواحد والمجتمعات المختلفة، والاطّلاع على المعارف الإنسانيّة المختلفة وثقافات الشعوب الأخرى وتبادل الآراء والأفكار بسهولةٍ وسرعةٍ بالغة، وكذلك نقل المعلومات والأخبار.
ولكن الملاحظ أيضاً كثرة وشيوع استخدامها وتوظيفها السلبيّ في الكثير من مجالات الحياة، ومنها نشر الأفكار المنحرفة وترويجها والتواصل الاجتماعيّ السلبيّ بإقامة العلاقات غير المشروعة دينيّاً وأخلاقيّاً، وهتك الحرمات وتضليل الآخرين وهدم العلاقات الاجتماعيّة الواقعيّة، بسبب كثرة الاستخدام للعالم الافتراضيّ وإبعاد الفرد عن جوّه الاجتماعيّ العامّ والأسريّ، وإقامة علاقاتٍ خارج أطر العلاقات الاجتماعيّة التي شرّعها الشرعُ والقانون والعُرف الاجتماعيّ.
لذلك لا بُدّ من توعية الفرد والمجتمع للآثار السلبيّة الاجتماعيّة والأخلاقيّة والسياسيّة للتوظيف غير الصحيح لهذه المنظومة، وتقديم التوصيات اللازمة التي تصبّ في محاولة تغليب الاستخدام الإيجابيّ والبنّاء وهي كثيرة، والذي يعنينا بصورةٍ أساسيّة هو توضيح الآثار السلبيّة للاستخدام غير المنضبط لهذه المنظومات، من باب التحذير والتنبيه للمخاطر الكبيرة إن لم تكنْ هناك حدودٌ وضوابط يُلتزم بها لهذا الاستخدام.
نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لمراضيه وأن يجعل أيّامنا دائماً أيّام طاعة وإخلاص له تعالى، وأن يجنّبنا معاصيه وأن يمنّ على بلدنا وبلدان المسلمين جميعاً بالأمن والاستقرار إنّه سميعٌ مجيب، والحمدُ لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.