المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّ من الظواهر المجتمعيّة الخطيرة التي تهدّد المنظومة الاجتماعيّة في البلاد، هو الافتراءُ وتلفيقُ الأخبار ونشرُها والقول بغير علم...
30-03-2019
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّ من الظواهر المجتمعيّة الخطيرة التي تهدّد المنظومة الاجتماعيّة في البلاد، هو الافتراءُ وتلفيقُ الأخبار ونشرُها والقول بغير علم...
أوضحت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّ من الظواهر المجتمعيّة الخطيرة التي تهدّد المنظومة الاجتماعيّة في البلاد، هو الافتراءُ وتلفيقُ الأخبار ونشرُها والقول بغير علم، مبيّنةً كذلك إن كان اللسانُ أو القلم صادقاً في لهجته وأميناً في نقل الحقائق أمكن أن يكون رائداً لخير وصلاح المجتمع، وأمّا إن كانت وسيلته الخداع والكذب والتزوير سواءً في نقل الحقائق وغيرها حينئذٍ سيكون رائداً للشرّ.
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة ليوم (25جمادى الأولى 1440هـ) الموافق لـ(1 شباط 2019م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ المطهّر، وكانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزّه)، وهذا نصُّها:
أيّها الإخوة والأخوات ما زلنا في الحديث عن الظواهر المجتمعيّة التي تهدّد المنظومة الأخلاقيّة والتعايش الاجتماعيّ.
من وظائفنا الأساسيّة أن نبيّن المعارف الإلهيّة والأحكام الشرعيّة ومناهج الإسلام، وكذلك نعمل على تعريف المجتمع بتلك الظواهر التي تهدّد المنظومة الأخلاقيّة والتعايش الاجتماعيّ، وأن نحصّن المجتمع حين نشعر أنّ بعض الظواهر الاجتماعيّة تهدّد كيانه وتماسكه الاجتماعيّ ومنظومته الأخلاقيّة.
من جملة هذه الظواهر الاجتماعيّة الافتراء وتلفيق الأخبار ونشرها والقول بغير علمٍ كذباً تزويراً افتراءً بهتاناً.من الضروريّات الاجتماعيّة التي نحتاج اليها فرداً ومجتمعاً للقيام بوظائف الحياة، والوصول الى الأهداف التي ننشدها من الاستقرار والسعادة والتعايش الاجتماعيّ والثقافيّ والفكريّ مطلوب، استقرارُ المجتمع إنّما هو في التآزر والتفاهم والتعاون، لا يُمكن لأيّ مجتمعٍ أن يقوم بوظائفه ويصل الى أهدافه إلّا من خلال التآزر والتفاهم والتعاون والحوار والتكافل بين أبناء المجتمع، لكي يصل الى هذه الأهداف، هذا التعاون والتآزر للوصول الى الأهداف لا يُمكن أن يقوم إلّا إذا كانت هناك ثقةٌ متبادلة وائتمان متبادل بين أفراد المجتمع.
وأودّ أن أوضّح قضيّة، القول بالعلم وأن أنسب فعلاً أو صفةً الى إنسانٍ آخر دون أن أتأكّد وأتثبّت من أنّ هذه الصفة والعمل قد صدرت من ذلك الشخص أو صادرة من تلك الجهة، الآن هذه مقدّمة والحديثُ طويل في هذه القضيّة، لذلك في هذه الخطبة سنقتصر على الجزء الأوّل وإن شاء الله في الخطبة التالية نبيّن الجزء الثاني.
فلنرَ وجهة نظر الإسلام في اتّهام الناس بالباطل والافتراء على الأبرياء، قال تعالى: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) كم منّا يتلهّى ويأنس بنقل هذه الأخبار المزيّفة والمقالات الباطلة، خصوصاً ما يتعلّق منها بأهل العلم والدين والفضل والصلاح، وكم منّا من يتسرّع في نقل هذه الكتابة ونقل هذه الأحاديث، تارةً أنا أسمع وتارةً أنا أقرأ (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ)، جريمةٌ عظيمة وخطيئةٌ كبيرة أن الإنسان يسمع أو يقرأ أو يرى شيئاً ربّما يكون باطلاً وتزويراً، لا يأخذه بالعقل لا يأخذه بالدليل لا يأخذه بالحجّة والبرهان لا يأخذه باللسان فقط وبالبصر فقط دون أن يمرّر هذه الأمور المزوّرة والملفّقة والكاذبة على قلبه وعقله وشرعه، فيجعل العقل والضمير والأخلاق والقانون هي الحاكم على مثل هذه الأمور إن كانت صادقة أو كاذبة، الله تعالى يقول أنتم تستسهلون هذا الأمر هو سهلٌ عندكم حينما تسمعون شيئاً وتقرأون شيئاً يتعلّق بأهل العلم والدين والصلاح والخير أو المؤمنين، وتسرعون الى نشره وبثّه بين الآخرين وأنتم تدخلون فيمن يُحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا الذين لهم عذابٌ أليم في الدنيا والآخرة، الله تعالى يقول لا تستسهلوا هذه الأمور، لذلك نقول في الظنّ السيّئ والاتّهامات لماذا هو عند الله عظيم؟!
أوّلاً هو ظلمٌ لهؤلاء الأبرياء، هذا إنسانٌ عادي حتّى الإنسان العادي وحتّى غير المؤمن، على الإنسان أن ينتبه قبل أن يتّهم هذا الإنسان، حتى لو كان شيئاً تافهاً فيكون قد افترى عليه ولفّق عليه هذه التهمة، فكيف إذا كان من أهل العلم والصلاح والدين؟! هذا أوّلاً.
ثانياً هذا يسبّب تسقيطاً وتوهيناً لهذه الشخصيّة خاصّةً من أهل العلم والدين والصلاح، ما هي النتيجة؟ هذا سيؤدّي الى نفور الناس وابتعادهم عن هؤلاء الناس، هذا النفور والابتعاد ماذا نتيجته؟ حرمان المجتمع من خيرات وعلوم وبركات هؤلاء خصوصاً العلماء وأهل الفضل والخير والصلاح، كم من الأشخاص يغلّف نفسه ويؤطّر نفسه بعنوانٍ دينيّ ويكتب في صفحات التواصل الكثير من الأكاذيب والأقاويل على أهل العلم والدين وهم منها براء؟!!
نسأل الله التوفيق وأن يجنّبنا ويوفّقنا للابتعاد عن من مثل هذه الأمور إنّه سميعٌ مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.