مهرجان الإمام الباقر ع الثقافي بنسخته الخامسة وتحت شعار: (الإمام الباقر ع خازن العلم ومنتهى الحلم)

28-03-2019
زين العابدين ‏السعيدي
مهرجان الإمام الباقر ع الثقافي بنسخته الخامسة
وتحت شعار: (الإمام الباقر ع خازن العلم ومنتهى الحلم)

كنز العلم والمعرفة على خطى اجداده الكرام (عليهم افضل الصلاة والسلام), باقر العلم ومظهر كنوزه للامة اظهارا, علومه ملأت الخافقين وبانت لدى المتتبعين الباحثين عن اثاره المباركة. واحتفاء بذكرى ولادته العطرة دأبت العتبة العباسية المقدسة على اقامة مهرجان سنوي وللسنة الخامسة على التوالي في اروقة العتبة العباسية المقدسة, للتزود من معين علمه المبارك, وشهد الحفل حضورا واسعا شمل ممثلين ووفودا وشخصيات دينية وأكاديمية وثقافية, تقدمهم المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه).افتتح المهرجان المبارك بتلاوة آيات من الذكر الحكيم للقارئ فيصل مطر، ومن ثم قراءة سورة الفاتحة ترحما على أرواح شهداء العراق, وكانت الكلمة الاولى والتي القاها رئيس قسم الشؤون الدينية الشيخ صلاح الكربلائي(دام توفيقه) وبين فيها:
يعاني المجتمع في هذه الحقبة الزمنية من ضبابية كبيرة تجاه حياة أئمتنا D ومنهم الإمام الباقر A؛ وذلك بسبب كثرة الابتعاد عن الساحة الإلهية والمعرفية والتي جعلت المجتمع يعيش حالة من التخبط والبعد عن جادة الصواب، بل وصل الحال الى فقدان بعض العادات والتقاليد المجتمعية المهمة, لذا يجب علينا العمل لمواجهة النسبة المتضائلة والتقهقر عن ساحة معرفة الأئمة D الذين لا غنى لنا عنهم، فهم عوارف رحمة الله (عز وجل).
وأضاف الكربلائي قائلاً: على مشايخنا وأساتذتنا من طلبة العلم الموقرين والأساتذة المحترمين، أن يلتفتوا لماذا حدث هذا الانحدار الكبير الذي بين جزء منه سماحة السيد الصافي في خطب الجمعة، وهي الحرب الناعمة الجديدة التي لا تقل خطورة عن الحرب الداعشية التي لها لون آخر، وتستبيح مفاصل الحياة وخصوصا فئة الشباب, وكما نأمل من هذا المهرجان أن يخرج الإخوة المؤتمرون فيه بمنهج وخطوات تعطي أملاً في إحداث تغييرات في واقع المجتمع، من خلال التعرف على أئمتنا D ونقل معرفتهم الحقة دون تزييف, بالترابط الوثيق بين الحوزة العلمية والعتبات المقدسة وتضافر الجهود، نأمل أن نؤدي جزءاً من الوفاء العظيم لأئمتناD الذين هم نجاة الناس من مهالك الدنيا.
وفي الختام، عرج على الفتوى المباركة فقال: إن فتوى الدفاع المقدسة هذه الفتوى العظيمة قد أنقذت البلاد من الضياع، بعد أن كانت على شفا هاوية، واستطاعت أن تغير مجريات الأمور وقلب الموازين، وتحقق النصر بفضل استجابة العراقيين لها شيبا وشبابا.
وبعدها، جاءت كلمة الضيوف المشاركة للعلامة السيد محمد صادق الخرسان التي قال فيها:
ما زلنا بحاجة الى مزيد من التزود من بحر علوم المعصومين D؛ لأننا نجد في هذا المضمار محطات تنموية تصلح جدا للتعبئة، حيث أن الإنسان إذا ما فرغ عن محتواه ساوى بقية الموجودات، بينما حرص المعصومون D على رفد الإنسان وتعزيز مضمونه ومحتواه بمزيد من الحكم والأحكام, تستوقفنا التوصيات الباقرية؛ لأن الباحث المتأمل يجد هذه الظاهرة واضحة في تراث الإمام الباقرA، حيث وظف الإمام الباقرA العدد، ووظف بعض المصطلحات التي يمكن للإنسان أن يقف عندها ويتأمل بها؛ لأنها موارد تنموية تعبوية، والتنمية البشرية كما يقولون ويعرفون أنها توسيع الخيارات، ومن منظور الإسلام أن يوسع الإنسان بنفسه الخيارات لنفسه من أجل أن لا يتأدلج فكريا باتجاهات أو يخضع لإملاءات.
مبينا: في عقائد معصومينا D خير ما يدعم هذه المسيرة وهذه الفكرة، حيث عاش المعصومون D حياة فيها كثير من محطات التشويش للمشهد والإخفاق بالنسبة للآخرين، ولكنهم وظفوا ذلك كعوامل وعناصر للنجاح، والإمام الباقرA ما انفك يوصي بهذه القضية، لذا لابد أن نقف عندها؛ لأنه A يستشعر مسؤوليته أمام الإنسان في مختلف الزمان والمكان، فكان يعطي فرصة تزود لمن عاش في زمانه من خلال ما يمكن أن يلتقيه ويتلقاه، ولمن غاب عن زمانه من خلال ما يقرأه عنه، وهذا توسيع الخيارات بعينه, وهذه الطريقة في التعبير أدت كفاءتها، حيث أن أتباعهم D الذين يستنون بسننهم ويلتزمون خطهم الفكري، المفروض أنه يبقى عندهم الهدف واضحا والبوصلة دائما محفوظة الاتجاه، من خلال التزود من المعصومينD.
الإمام A يدرك أنه بحاجة لتأكيد ركائز مجتمعية تصلح أن تكون روافد معرفية، فكان في أخريات ساعات حياته الشريفة كما يروي ولده الإمام الصادق A يقول: (لما حضرت والدي الوفاة قال: يا جعفر أوصيك بأصحابي خيرا)، هذه الوصية ليست كأي وصية بما يعنى بها الموصي، وإنما تتميز عن ذلك بخصوصية، كان أصحاب الإمامA الذين حملوا واستوعبوا بعض ما عند الإمامA وهم ركائز ومصادر للمعرفة في المجتمع، فكان من الضروري تحديث المعلومات وإدامة الصلة وعدم قطعها، وجواب الإمام الصادقA قال: (جعلت فداك والله لأدعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل أحدا).
الإمام A كان في توجهه النهضوي بأعلى درجات الهمة، وهذا ما يكون لنا فيه أسوة حسنة من حيث أنه يجعل الإنسان معتمدا على نفسه من خلال المصدر الأصيل، وأن لا يعتاد ما شاع في بعض الأوساط من التسطيح العلمي أو التذويب للمرتكزات على أساس النسخ واللصق أو اعتماد معنى الآخرين، إنما الإمام A جعل عهدة ذلك عند ولده الإمام الصادقA وعلى عاتق ولده، وتلقى الإمام الصادق هذه الأمانة أنه يتثقف ويتعرف معرفة أصيلة بحيث لا يحتاج الى أحد ولا يسأل أحدا، ومن المعلوم لحضراتكم أن الإنسان لا يستغني عن سؤال غيره.
وهذا ما يحفزنا في مرحلتنا هذه التي نعاني فيها من شبهات فكرية متنوعة متعددة ضللت على طريقنا، ولابد لنا بحكم ما أوصى الإمامA ونحن الذين نتشرف بأن نحمل شيئا من علومه A أن نتواصل مع الناس ويذلل الصعاب من أجل فهم ما يريدون، فهم يريدون أن يفهمونا أن الإنسان يمكن أن يصل الى الحق من خلال معرفة محتواه وذاته.
ونؤكد أن تنمية وتطوير الطاقات لا سيما الذين يعنون ببعض التصاميم الحديثة مما يمكن أن يقرب الى الأذهان المختلفة والشباب الذين اتجهوا الى اتجاهات أخرى، يمكن أن يقرب لهم ما يحتاجون لهم في إثبات وجود الله تعالى أو في ما يرتبط بالأحكام والحكم، ولطالما اهتم الإعلام بالتأكيد على أهمية أن ننقل الى الناس حكم أمير المؤمنينA لكي يتعلموا؛ لأنها مصباح الهداية، ولأنها ذاتية النورانية ولا تحتاج الى أن تقبس من غير ذلك.
وفي الختام، أسأل الله تعالى لي ولكم حسن الختام، وأن يتقبل أعمالنا ويوفق القائمين والعاملين في هذه العتبة المقدسة بمزيد من الأنشطة، وأن يوفق العاملين بالعتبات المقدسة الأخرى والمزارات برعاية أيتام آل محمد حشرنا الله وإياكم تحت ظلالهم.
وبعد ذلك، استمع الحاضرون للشاعر سجاد عبد الحميد الموسوي بقصائد من الشعر العمودي, ليحين دور الجلسة البحثية الأولى التي ترأسها الدكتور سرحان جفات، وتضمنت قراءة لملخص بحث كان بعنوان: (من المعالم الفقهية لمدرسة الإمام الباقر -A-.. باب الوضوء أنموذجا) للباحث الأستاذ الشيخ علي سعدون الغزي.
وقد تضمنت الجلسة المسائية من المهرجان: جلسة بحثية شهدت قراءة لملخصات ثلاثة بحوث, وكان البحث الأول للشيخ علي موحان من العتبة العباسية المقدسة، بعنوان: (الإمام الباقر وإسهاماته في الجانب العقائدي).
أما البحث الثاني فكان بعنوان (الجهود الإصلاحية للإمام الباقر A – الإمام الباقر مؤسس مدرسة الإصلاح في الحضارة الإسلامية) للدكتور سرحان جفات من مركز العميد الدولي للبحوث والدراسات.
واختتمت الجلسة ببحث الدكتور جمعة الحمداني من جامعة ذي قار، الموسوم بـ(دور الإمام الباقرA في مواجهة الانحراف الفكري).
وحفل الختام استهل بقراءة آيات مباركات من الذكر الحكيم بصوت القارئ ليث العبيدي, تلاها إعلان التوصيات التي خرج بها المشاركون، والتي ألقاها مدير مركز العميد الدولي للبحوث والدراسات الأستاذ الدكتور رياض ألعميدي، وكانت كالآتي:
1- يوصي المؤتمرون بضرورة إقامة هذا المهرجان سنوياً، وأن يتحول من صيغة مهرجان الى مؤتمر دولي سنوي يعنى بالإمام الباقر A وجهوده الجليلة في نواحي الحياة المختلفة.
2- دعوة الجامعات العراقية والمؤسسات البحثية الى أن تعنى بشخصية الإمام الباقر A وخطابه وجهوده في السياسة والاجتماع والتفكير والإصلاح.
3- التوصية بطباعة أعمال هذا المهرجان والإشارة الى أنها جزء من سلسلة متصلة، دأبت العتبة العباسية المقدسة على إخراجها والعناية بها، تيمناً بأثر هذا الإمام الهمام في إثراء حياة المسلمين في نواحيها كافة.
وفي ختام الحفل، تم تكريم جميع المشاركين في هذا المهرجان من باحثين وإعلاميين.
صدى الروضتين اجرت لقاءات عدة، كان اولها مع معاون رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية السيد عقيل الياسري بين قائلاً:
للسنة الخامسة على التوالي، تقيم الامانة العامة للعتبة العباسية المقدسة مهرجان الامام الباقر A, وهذا المهرجان يبقى متواصلاً ومستمراً طيلة هذه السنوات لعدة أهداف، ومنها تسليط الضوء على شخصية الامام الباقر A ودوره الريادي في عصر امامته من خلال تصديه للأفكار الضالة والوقوف بوجهها للحفاظ على وحدة الاسلام وتماسكه, اضافة الى اظهار مظلوميته من خلال التعريف بما حل على قبره الشريف من تهديم وخراب متعمد، ومازالت شاخصة آثار الظلامة، ويتجلى ذلك بإخفاء معالم قبره المبارك وابعاد المؤمنين عن زيارته.
وببركات ابي الفضل العباس A، استطعنا وللسنة الخامسة على التوالي من استكتاب بعض الباحثين من اكابر فضلاء الحوزة العلمية ودعوة الاساتذة الافاضل من مختلف جامعات العراق, ونسعى في السنوات القادمة ان يكون المهرجان دوليا من خلال مشاركة بعض الدول الاسلامية فيه.
الباحث الأستاذ الشيخ علي سعدون الغزي تحدث لجريدة صدى الروضتين عن بحثه في افتتاح المهرجان فقال:
نبارك لكم هذه الايام المظفرة ايام شهر رجب الاصب كما نبارك لكم ولادة الامام الباقر A, وفقت لطرح بحث تحت عنوان: (من المعالم الفقهية لمدرسة الإمام الباقر-عليه السلام-.. باب الوضوء أنموذجا).
وتحدثت في بحثي عن الخصائص الفقهية التي قدمها الامام في باب الوضوء وكانت ثلاث خصائص: الاولى- الاستدلال على الاحكام الشرعية بآيات القران الكريم، والثانية- هي الوضوء البياني الذي قدمه الامام الباقر A، بينما الخاصية الاخيرة- هي معالجته للأحكام في الفقه المقابل وكيفية بيان عدم تماميتها.
وهنيئا للعتبة العباسية المقدسة على اقامتها مثل هكذا مهرجانات احياء لذكر اهل البيت D والتعريف بهم وبمعالمهم العلمية والتربوية والجهادية او الحياتية بشكل عام.
الشيخ فاهم الابراهيمي مسؤول شعبة التبليغ والتعليم الديني في العتبة الحسينية المقدسة:
نهنئ العالم الاسلامي والمراجع العظام بولادة الامام الباقر A في بداية شهر رجب, ونحن اليوم نحضر فعاليات المهرجان والذي يعد من المهرجانات الناجحة الموفقة.
نبارك للإخوة في العتبة العباسية المقدسة على اقامتهم مثل هذه الفعاليات والتي تشمل البحوث التي تعود بالنفع الكبير على الاخوة الحضور والاستزادة من علم الامام الباقر A, ونحن كشعبة تبليغ ديني في العتبة الحسينية المقدسة حرصنا على المشاركة والحضور في العتبة العباسية المقدسة.