في بريدنا كتاب..

قراءة في المجموعة القصصية (عزف بلا أوتار)
(التنصل في التجريب السردي)
المبدع فلاح العيساوي
عند قراءة مجموعة المبدع فلاح العيساوي القصصية (عزف بلا أوتار) لابد أن ننظر في طرق وأساليب السرد، وفي أنماط التعبير الفني المختلفة لتصريف الأفكار بتنوع سردية الجملة بأسلوبية تسمى (التنصل) أي الخروج من الجملة والدخول الى جملة أخرى وبحدث آخر، هذا الأسلوب سيصل بنا الى كسر قاعدة السرد المنظم والى خلق عوالم مباغتة ومفاجئة في سرد الحدث النصي.
ففي قصة (دولاب القدر) يسير المتلقي بقناعة خلف السرد المدون، لكنه فجأة يتنصل من أحداث هذا النص الى مباغتة تداهم المتلقي:
(مد يده الى جيبه قاصدا محفظة النقود، اخرجها بيضاء، وهو يعتذر لشيبته والصيدلي) التنصل من لقطة المشهد المرسوم والدخول الى حدث آخر ومشهد آخر، يباغت المتلقي ويخلق خلخلة الواقع النصي الموازي للواقع الخارجي، يأخذنا الى حياة فنان عراقي يعمل في عمان اتهم بقذف القائد الضرورة..!
ويشكل الراوي في السرد مفاجأة ويتنصل من حكايته، فهو يقول: (ولم يبقَ من السجناء في السجن رقم واحد سوى ثلاثة وأنا احدهم).
وعندها يتحول السرد بشكل مفاجئ الى مباغته المتلقي: (كانت المذيعة في هذا اللقاء مصدومة الى حد الدهشة، تسأل: وكيف نجوت من عقوبة الإعدام؟ فيجيبها:ـ هذه قصة أخرى).
لقد شكل القاص لعبة فنية ليعبر بها عن قدراته في اسر المتلقي والانتقال به الى حدث يراه، يفجر طاقات القص ليبتعد عن اللغة التقريرية والسرد التسلسلي، ويوازي بعملية اللغة (التحليل) عوالم لها أثر المباغتة: (فقد زوجته في تفجير إرهابي، فجأة رأى ملامح زوجته في حادث آخر، سارع لينقذها من الحادث، ويغوص في أمل اللقاء).
وينتقل من الحدث في قصة (ذئاب رحيمة) حيث يسرد القصة عن عثور الدواعش على امرأة واطفالها، وهي تتوسلهم وتدعو الله بالخلاص، واذا ذئاب تطارد الدواعش وهم يهربون خائفين منها، بهذا المشهد يظهر رجال الحشد لينقذوها: (اختاه لا تخافي نحن اخوتك من الحشد الشعبي).
تغيير المكون السردي بهذه الطريقة سيغير استقرار المتلقي واثارته بتغيير التعاقب الحدث زمانا ومكانا، وصياغة نهاية غير متوقعة: كظهور عصابات داعش لزفة عرس وقتل العروس والعريس والمحتفين، فكان ظهور الدواعش في سيطرة رسمية مباغتة.
أو نجده يباغت التلقي بسردية بطل يتحدث عن موته واذا به بعد قصة الدفن، يباغتنا: (شخص ينحني فوقي قائلاً: الحمد لله على سلامتك، لقد انتهت الان عمليتك الجراحية وقد افقت من المخدر).
وفي قصة رقية العصر رغم ان العنوان فضح هوية القصة وفحواها، لكنه يباغتنا بانتقالات سريعة بأسلوب مباغت، ينتقل من البيت الى ميدان القتال.
لو اردنا متابعة المنجز بهذا الشمول لاحتجنا الى مساحة نشر واسعة، لكنا وضعنا امام المتلقي اهم الأساليب وبعض الأمثلة التي نفذها في عدد آخر من قصص المجموعة؛ سعياً جميلاً وابداعاً رائعاً للقاص فاهم العيساوي.