(محاورة في آداب الحديث)ج2
23-03-2019
سوسن عبد الله
(محاورة في آداب الحديث)-
ما هي آداب الحديث، وكيف نعلم الأبناء هذه الآداب؟
الباحثة الاجتماعية أم ياسين:ــ بالنسبة لآداب الحديث التي من الممكن تعليمها للأبناء والتي يفترض أن يكون الأهل والأبناء والمربون معتادين عليها؛ لكون العملية التربية شاقة من حيث الاقتداء، الأبناء هم أقرب شيء لهم، وأقوى شيء في أن يتعلموا من آبائهم المحاكاة والتمثيل لا التلقين، عندما يرى الام أو الاب كيف يتكلمان يتعلم، ويأخذ منهما هذه الثقافة، من الضروري تعليم الابناء محاسن الحديث؛ لأنها طريقة من طرق القاء الحديث التي لا يمكن أن تنفذ بالسرعة التي ستتسبب في بلع الحروف، بل الحديث يكون واضحا ولا يكون فيه نوع من البطء في الكلام، بحيث تتلقى أذن السامع باصغاء، وليس مجرد حشو من الكلام، ولا يكون من البطء بحيث يوجب مللاً للسامع، وإنما كل بحسب مفهومه، اضافة إلى انه لا يكون هناك مقاطعة تشعرهم بعدم الاحترام.
نوعية الحديث ان يحتوي على محاسن الألفاظ، ما هي محاسن الألفاظ؟ مثل كلمات الشكر، كلمات الثناء اذا قدم الطفل شيئاً شجعه بكلمات تهذبية فيها نمط ديني، مثل: بارك الله فيك، أحسنت، جزيته خيراً؛ لكون كلمات الثناء والتقدير والاحترام ترفع من مستواه النفسي وتقوي من شخصيته، اضافة إلى ذلك، يتعلم الطفل دائماً كيف يمتدح الآخرين ويثني عليهم، لهذا نرى أحياناً طفلاً خجولاً جداً، عندما تعطيه شيئاً يقول لك: شكرا.
تعليم الطفل عند رجوع الأب من العمل أن يقول:ـ ساعدك الله، الأم اذا قدمت شيئاً، يقول: شكرا ماما، وعند الخروج: في امان الله، وعند الرجوع من الزيارة: تقبل الله زيارتك، وفي اوقات الصلاة: تقبل الله الصلاة، فضلاً عن اذا عطس امامه احد يقول: يرحمكم الله اثابكم الله.. هذا امر لطيف من خلاله سيعرف ان كل حادثة لها كلمات مناسبة ولائقة بها تجعل الطفل لا يترك مناسبة تستوجب الحمد او تستوجب الثناء.
هذه الالفاظ عندما تتلفظها الام أو الاب يرددها دائما امام الابناء تشعر الطفل هذه الواجبات معنونة، عند الاستيقاظ من النوم من الضروري ان تقول الأم للطفل صباح الخير، لا تبدأ بالصراخ عليه؛ لكون كلمة صباح الخير تشعره بالحنان، يجعله يبتدئ صباحه بكلمات لطيفة، كلمات جميلة هذه كلها آداب، بعض الأمهات عند استيقاظ الطفل من النوم لا تعطيه حقه أبداً، تلغي وجوده وكأنه شيء هامشي بالحياة، هذه الامور إن لم تكن موجودة لدى الاهل من الصعب ان يتعلمها الطفل.
- نحن اليوم اغلب ابنائنا بالمدارس او الحضانة، كيف اتعامل مع الطفل لو سمع كلمة بذيئة من الآخرين؟
نحن ذكرنا أن التربية صعبة داخل البيت وتزداد صعوبة اذا كان الطفل لديه احتكاك وتعامل مع الاطفال خارج البيت سواء في المدرسة او البيت،اذا اتى بكلمة وهذه الكلمة تحتوي ألفاظاً نابية، يفترض أن أبيّن له بأن هذه الالفاظ تغضب الله (عز وجل)، تجعلك انسانا غير متحضر، انسانا غير مثقف كلمات يعاب عليها .
- بعض الأبناء عندما تمنعينه من كلمة معينة، وتقولين له: هذه غير طيبة، يقول: إذن لماذا فلان قد تكلم بها؟
علينا أن نعلم الطفل بأن هذا لا يجوز أن تتكلم به وانت صغير، عندما تصبح كبيرا تتكلم، نبين انك عندما تصبح كبيرا ستفهم هذه الامور؛ لكونك لا تدرك معناها الآن..! ينبغي ان اوضح للطفل ان هذه الكلمات لا تليق به كطفل، اقول له: لا يصح لك ان تلفظها وعندما تكبر ستعرف، أو افهمه ان هناك ناساً صح، وناساً خطأ؛ لأن من الضروري أن يعرف خاصة اذا كان عمره تقريباً سبع سنوات.. أوصيه أن يتصرف مثل الناس التي تتصرف صح، أحاول أن أبين خطأ الطرف المقابل اذا كان قد تصرف أو قال خطأ، دون أن أركز عليه شخصياً، لأجل أن لا يوجب الضغينة تجاهه، وإنما استبدله بقدوة آخر.
- ما هي الموانع التعبيرية للرأي؟
من الضروري ان نعلم الطفل ثقافة التكلم، بعض الاطفال صامتون لا يتكلمون والأهل فرحون لهذا الشيء..! أمّ تقول انا ابني هادئ لا يتكلم تتصور ان هذه الحالة سليمة، هي حالة تنبئ بالخطر، وان كانت طبيعة الطفل هادئة هناك مواقف تتطلب ان يتكلم الطفل بها.
هناك بعض الأسباب التي تجعل الطفل لا يعبر عما في داخله، هناك تربية قمعية، مثلاً: أنت اسكت لا تتكلم..! او يقومون بتأنيب الطفل، وعلى الطفل ان يقول نعم، لا يصح هذا وانما عليّ ان استمع من الطفل، اسأله: لماذا تصرفت بهذا الشكل؟ هكذا اعطيه فسحة.. اعطيه حرية لآجل ان يعبر عن نفسه، ان يتكلم، ان يدافع عن نفسه، وإن كان مخطئاً اعلمه كيف يدافع عن نفسه كيف يبرر، وان لا يكون ضعيف الشخصية هذه حالة من حالات القمع.. أن لا تتكلم، تكسر شخصية الطفل بشكل غير طبيعي.
هناك دراسة تقول احد اسباب العدوانية لدى الانسان وخصوصا الطفل هي السكوت والكبت لدى الانسان وهذا يعني عندما يمر الطفل بموقف معين يقول له الاهل: لا تتكلم او اذا تعرض للأذى يجبرونه بعدم الكلام، لهذا يسكت ويكبت إلى ان يتحول ما في داخله الى شخصية حاقدة ناقمة على الناس، ويكون هذا الهدوء هو رضوخ اجباري بسبب الاحباطات التي يعاني منها ، ولا يستطيع ان ينتصر لنفسه، لهذا يتولد شعور صعب عند الطفل، عندما يظلم الانسان ولا يستطيع ان يسترد حقه، تتكون في داخله عقد نفسية واحباطات، يبقى هذا الانسان ناقما ويتحين الفرص ليفتك بالآخرين، لهذا السبب، الكلام هو التنفيس والتعبير.
لهذا هناك طرق أخرى تسرب له تلك الانفعالات مثلا الرسم، اعطي الطفل ورقة اثناء حركته الزائدة المفرطة اجعليه يجلس لكي يرسم، اعطيه مكعبات، واشغال عقل الطفل لينفس ما في داخله، او اللعب مع الطفل لكون الطفل بحاجة الى ان يلعب معه الأب أو الأم وسائر أفراد أسرته.
- معالجة آداب الحديث؟
الاقتداء يفترض على الاهل ان يربوا انفسهم لاجل ان يقتدي بهم الطفل، الامر الاخر، التلقين كيف يكون التلقين من خلال المراقبة، مراقبة تحركات الطفل تصرفاته اخلاقياته وعلينا ان نتصرف معه بدون ان نصل الى حالة الصدام والتأنيب والتعذيب والعقوبات، نرشده ونوجهه التوجيه النفسي السليم، نحاول ان نسترشد سواء بالفيس او الواتساب وغيره، لكن البعض لا يراجعون طبيبا نفسيا خوفا ان يتهم بالجنون..! لهذا ينبغي ان نحاول دائما، ان نعلم الطفل ونوجهه، وان كنا لا نمتلك الخبرة ولا المعلومات المناسبة نراجع اهل الخبرة في كل امورنا وهذا ليس بعيب.