مروراً بالمعنى.. ديوان العشق الحسيني للشاعر رضا الخفاجي
22-03-2019
لجنة البحوث والدراسات
مروراً بالمعنى..
ديوان العشق الحسيني
للشاعر رضا الخفاجي
يمثل الحوار في القصيدة الحسينية عنصراً مهماً من عناصر بناء القصيدة الحسينية؛ كونها تمثل المسعى الروحي للشاعر، ويؤدي الى مسائل نفسية تتفاعل روحيا وتتنامى لتشكيل المشهد النصي من حيث القيمة المتمثلة بوجود الرمز.
وفي ديوان العشق الحسيني للشاعر رضا الخفاجي نرى ان للحوار أهمية كبيرة في ابراز المشهد الحسيني:
(فمذ عانقت كربلاء الفداء
دماءك صارت هوى المنشد
فها هو نهجك يثري الحياة
يقود الوجود لخير غد) ص10
وللحوار مميزات المطاولة والتكثيف وعفوية التعبير مع صدق المشاعر؛ كونه يميل الى التماثل الولائي والتقرب الى الرمز الحسيني:
(وقد قادت رؤاك نشيد فجي
الى عشق يبيح له انصهارا) ص14
حيث يفطن الى مشاعر واحاسيس ذات قيمة ولائية، فعامل الولاء له اثر في اتسام التحاور الى تجلٍّ يقيني:
(فقد شعت مواسمنا ولاء
الى دمك المنير على الفصول) ص21
ولغة الحوار المباشرة مع الرمز هو ظاهرة اسلوبية بارزة في الشعر الحسيني وركن من اركان بنية القصيدة الحسينية وهو مترع بمفردات الهزل والولاء والصدق والقبول والصبر والمنايا ومن ثم الشهادة وبعض مفردات المصيبة في الطف:
(أذل سيوف البغي في ولائه التي
تشع على الازمان فالنور يبهر
أيا غارس الايثار فينا سجية
فقد صنتنا والله مما يقتر) ص25
والتخاطب مع الرمز الحسيني يحول مدارات التلقي الى مدارك أحلام بما يمتلك الرمز من شعور في داخل روحية التلقي الرمز الحسيني بصفته المادية هناك جانب معنوي كحضور مقدس في حياتنا، عبر كل جيل:
(فأنت حاضرها الوضاء ان عملت
وانت رافدها الاروى بيوم غد) ص28
وقد استعمل الشاعر رضا الخفاجي جميع أساليب التخاطب من اجل ان يثير انتباه المتلقي الى التعالق الروحي مع الرمز تارة بالاسم والأخرى بالصبر ليؤهل المتلقي ويغري على التطلع:
(والله يا سيدي ما دمت تلهمنا
فان اجيالنا تترى بلا عدد)
وينظر البعض الى ان استخدام الرمز في القصيدة الحسينية جاء ليشتغل على اسلوبية القناع لكننا ننظر الى ان الرمز في القصيدة الحسينية هي فعل حي قائم بذاته ويتفاعل ليسلط الضوء على ابعاد الشخصية او الحدث الحسيني:
(مذ قلت لا، للبغي كنت المشعلا
نهضت بجودك واستطالت كربلاء
يا خير اهل الأرض نورك لم يزل
يسمو بآياته لتنهض منهلا) ص31
القصد الانشائي من الرمز في القصيدة الحسينية هو التذكير بالحدث الحسيني وتحفيز شعورية المتلقي، وقد وظفه الخفاجي لمعاني سياسية واجتماعية معاصرة، بطريقة استنهض بها الهمم ويهدف الى استمرار التحدي الحسيني داخل الولاء العام:
(فلقد خبرناها بكل صعابها
لن نستقيم بنهجها او تعدلا
الا يبهجك يا حسين ومن لها؟
غير الامامة ان تدوم وتثملا)
هناك إصرار على المقاومة والاستمرار في المشروع التضحوي وهناك امل مشرق في الالتزام بالرمز الحسيني:
(يا من بنور علاك اشرق فجرنا
وأشاع في دمنا نداء خيبرا
***
نفحاته من لائك انتفضت على
جهل العصور وقد أذلت ابترا) ص38
الشاعر الحسيني في اغلب صيغ التعامل هو لا يحتاج الى التوظيف الرمزي بل هو يتعامل مع الرمز الحسيني المقدس مباشرة واضحة، لكنها تمرر بصياغة إبداعية مؤثرة، الشاعر يريد ان يكون شاهدا على ولائه للحسين A ولذلك يلتزم بأن يكون شاهدا على ولائه للحسين A ولذلك يلتزم بأن يكون قرب الحسين، يحاوره، يناديه:
(يا بن الرسالة يا حسين رفدتها
بيوم انتفضت على الدعي الأخيب
مستقبل الإسلام صيغ بكربلا
ودماؤك انتخبت لذاك المأرب
والله لولا الطف كادت تبتلى
بالطارئين الطامعين الكذب) ص42
هو يسعى ليعطي العهد ويستنهض همم الالتزام اليقيني
(يا بن البتول تدفقت افواجنا
لتسير خلف خطاك دون تذبذب) ص43
الرمز الحسيني عند رضا الخفاجي هو النموذج المبارك لشخصية مقدسة ومعادل موضوعي لمشاعره ولرؤاه ولموقفه من الحسين A فهو الهوية والانتماء:
(حسين امامي وهل في الوجود
حسين سواه له انتمي
تمر العصور وتترا الجموع
ونهجك ما زال لم يثلم) ص51
وهذا القدر من الادلاء الانطباعي اظنه غير كاف للتعبير عن فاعلية مجموعة شعرية قدمت هذا الجمال الولائي البهي، ولذلك سنردف الانطباع بالدعاء.