ضمن مشروع فتية الكفيل الوطني كرّمت العتبة العباسية المقدسة الطلبة الاوائل على الجامعات العراقية
21-03-2019
احمد صالح مهدي
ضمن مشروع فتية الكفيل الوطني
كرّمت العتبة العباسية المقدسة
الطلبة الاوائل على الجامعات العراقية
ادراكاً منها بأهمية العلم وشريحة المتعلمين؛ كونهم الأساس المتين في بناء الوطن والارتقاء به، اهتمت العتبة المقدسة متمثلة بشعبة العلاقات الجامعية ومن خلال نافذة مشروع فتية الكفيل الوطني الذي حقق نجاحاً باهراً داخل أروقة المؤسسات التربوية، لاسيما الجامعات والمعاهد العراقية من شمال الى جنوب عراقنا العزيز، عن طريق ما تقدمه من دعم معنوي ومادي لشريحة الطلبة الجامعيين، مما ساعدهم على النهوض بواقعهم، وحثهم وتزويدهم بشحنات الأمل المشرق، بعد حصولهم على الشهادة الجامعية وبدرجات عالية وتفوق.لذلك دأبت العتبة المقدسة على إقامة الحفل المركزي لتكريم الطلبة الاوائل من جامعات ومعاهد العراق كافة؛ لتكون خطوة نحو بناء أمل جديد في نفوس هذه الشريحة المهمة. أقيم الحفل الذي شهد حضورا كبيرا تمثل بسماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، وأعضاء مجلس ادارة العتبة الموقر، فضلاً عن حضور ممثلي الجامعات والمعاهد العراقية من اساتذة جامعيين يرافقهم الطلبة الاوائل وشهد ايضا الحفل تغطية اعلامية واسعة من قبل وسائل الاعلام المختلفة.
ابتدأ الحفل الذي احتضنه مجمع الشيخ الكليني (قدس سره) التابع للعتبة العباسية المقدسة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم عطر بها اسماع الحاضرين القارئ مسلم عقيل من شعبة العلاقات الجامعية، ليعزف بعد ذلك النشيد الوطني لجمهورية العراق، وأيضاً (أنشودة الاباء) النشيد الرسمي للعتبة العباسية المقدسة، اعقبتها بعد ذلك كلمة الامانة العامة للعتبة العباسية المقدسة والتي اطل بها على الحضور سماحة السيد احمد الصافي (دام عزه) والتي بين فيها قائلاً:
بحمد الله تعالى نقف أمام جيلٍ من أجيال هذا البلد، وهو جيلٌ متفوّق ويسرّنا أن نخاطبه محمّلين إيّاه مسؤوليّةً عظيمة، وما أحلاها من مسؤوليّة، وإنّ الرصانة العلميّة يجب أن يبذل الشخص فيها الجهد؛ لكي يحصل عليها، حتى يكون دائماً من الطلبة الأوائل، وفي هذا أُشير الى مسألةٍ وهي عدم مراعاة الأمانة في الامتحانات، ولعلّ بعض الطلبة يأنسون إذا حصلوا على غشٍّ من هنا أو هناك، وبعض الأساتذة لا يكترثون بذلك، والطالب بعد ذلك يعي أنّ ما قام به خطأ؛ لأنّه في هذه المرحلة يفكّر بالنجاح فقط، لكن بعد أن يُمسك مقعداً مهمّاً في البلاد ستبقى هذه المسألة تحفر في ذهنه، ويشعر أنّه مارس خيانةً للوصول الى هذا المكان، وعلينا أن لا نعوّد أبناءنا على هذه الطريقة.
مضيفاً: المسألة ليست مسألة درجة بل مسألة ثقة إذا انعدمت من الصعب أن ترجع، وهناك حالةٌ من التساهل في هذا الجانب، هي حالةُ تضادّ مع الرصانة العلميّة التي نحن نبحث عنها، نعم.. الطالب يمرّ بظروفٍ صعبة قد لا تساعده، وعلى الجامعات أن تراعي ظروفه، وأن لا تمنح النجاح للطالب وهو غير مستحقّ، وأمّا أن أُضيف له درجات بغير استحقاق أعتقد أنّ المستحقّ سوف يُغمط حقّه.
متابعاً: التعليم من الأمور المقدّسة والجامعات يُطلق عليها مصطلح الحرم الجامعيّ، وحقيقةً لم نجد هذا الاصطلاح (الحرم) يُطلق على أيّ مؤسّسة من المؤسّسات، نعم.. كلّ المؤسّسات محترمة، لكن حينما يُطلق على الجامعة حرمٌ جامعيّ يعني أنّ هناك حالةً مقدّسة ومهمّة، ومعنى الحرم الجامعيّ أنّه في داخل الجامعة شيءٌ وفي خارجها شيءٌ آخر، وعند ذلك سنشعر أنّ هذا الحرم حرمٌ جامعيّ، والطالب عندما يدخل فيه يشعر بالهيبة مقرونةً بالتفوّق.
مبيناً: علينا أن لا نستسهل الأمور ونقول: إنّ الجامعات تقوم بحلّ الكثير من الأمور والمشاكل، وأن لا نفرّط بهذه القداسة بالجامعات ونحافظ على الحرم الجامعيّ سواءً كان في جانب الرصانة أو في جانب الحشمة أو في جانب الالتفات، لا أجعل الطالب يلتفت الى أمورٍ أخرى غير العلم، وإنّ القوانين التي توضع للجامعات كلّما كانت صارمة معنى ذلك أنّ البلد بخير، فلا يُمكن أن نتساهل بالقضيّة العلميّة أو التربويّة؛ لأنّ الطالب منذ المرحلة الابتدائيّة يُصاغ الى أن يتخرّج الى المجتمع، فيجب أن نحافظ على هذه الصياغة؛ لأنّ الطالب ذخيرة البلد.
مؤكداً: على الوزارت المعنيّة أن تبحث عن القوانين التي ترصّن من جهةٍ وتبحث عن مصلحة الطالب من جهةٍ أخرى، ولا نجعل الجانب العلميّ فيه حالة من التراخي والتسامح؛ لأنّ ذلك سوف يؤثر على أبنائنا ومجتمعنا.
موضحاً: العراق كان ولابُدّ أن يبقى مقصداً لطالبي العلم، وعندما نتحدّث يجب أن نقف على أرضيّة صلبة من العلم، عندما نتكلّم عن العراق هذا البلد الشامخ المملوء بالعطاء والمملوء من المعارف، لا يمكن أن يُقارن ببلدٍ حديث أو بلدٍ ليست له جذور، وعلى الطلبة أن يعرفوا أنّ هناك شموخاً ليس شموخاً وهميّاً بل حقيقيّ، وعلينا أن نستعيدَ ثقتنا بأنفسنا؛ لكي نبني هذا البلد.
وأضاف السيد الصافي: المراحل الجامعيّة التي يقضيها الطالب في الجامعة أو في المعهد يراها فترة أنس وهي عكس ذلك، فهي مرحلةُ كسب معارف... الشجرةُ إذا نضجت واستقامت بشكلٍ مائل ستبقى مائلةً، لكن إذا استقامت ستبقى ذات هيبة، ونحن أملنا بأبنائنا وأساتذتنا من جميع الجهات المتصدّية لهذه العمليّة، وجزءٌ من الأمل تعزّز بتلك الدماء التي نزفتها الجامعات عندما تعرّض البلدُ الى فتنة ما يسمّى بـ(داعش)، وكيف هبّ جميعُ أبناء البلد وكان للجامعات النصيب الوافر، فكثيرٌ من الطلبة غادرونا بدمائهم الزكيّة وأعينهم على بلدهم لأجل أن لا يُسرق ويستباح.
وخاطب السيّد الصافي الطلبة بالقول: أبنائي الطلبة، التفتوا أنّ هذه المقاعد التي تجلسون عليها، بالأمس قد خرّجت وأنتجت جيلاً عرف محبّة الوطن ودافع عنه، فالرجاء لا تنسوا الشهداء، ومشكلتنا أنّنا في العراق ننسى ولا نوثّق، فلابُدّ أن نوثّق تلك الدماء السخيّة؛ لكي يبقى البلدُ عزيزاً وشامخاً.
وأردف قائلاً: الطلبة جميعهم متفوّقون بما ينتجون، وفقاً لما ذكره أمير المؤمنينA: (قيمةُ كلّ امرئٍ ما يُحسن)، فالرّجاء من الإخوة أن يُحسنوا الى عملهم وأسرهم وأهلهم، أملنا كبيرٌ بالإخوة الأعزّاء والأساتذة في أن يربّوا أبناءهم تربيةً صالحةً مبنيّةً على محبّة البلد، وبما يعزّز روح الانتماء له من جهةٍ ومن جهةٍ أخرى تعزّز الانتماء العلميّ.
واختتم السيّد الصافي كلامه: علينا أن نولي اهتماماً بالبحث العلميّ، فعليكم أن تهتمّوا بهذا الجانب، وتسعوا سعيكم فيه، ولا تأخذكم حالة الانكسار واليأس.
جاءت بعد ذلك كلمة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ألقاها معالي الوزير الاستاذ الدكتور قصي السهيل، بيّن فيها قائلاً:
أشكر العتبة العبّاسية المقدّسة والقائمين عليها على هذه المبادرة الرائعة بتكريم الطلبة المتفوّقين، وهذه المبادرة إن دلّت على شيء فإنّها تدلّ على أنّ العتبة العبّاسية المقدّسة خصوصاً والعتبات المقدّسة الأخرى لها الدورُ الأبويّ ليس في المجال الاجتماعيّ والدينيّ فقط بل في المجالات العلميّة والأدبيّة والتربويّة.
وأضاف: أبارك لأبنائنا وبناتنا الطلبة والطالبات تفوّقهم، وأؤكّد لهم أنّكم تمثّلون الخزين الاستراتيجيّ لهذا البلد وثروته التي نفتخر بها، ونعتقد بأنّها المعين لنا في المستقبل، على هذا الأساس نحن نعتقد أنّ مثل هذه المبادرات تصبّ في اتّجاه دعم خطط التعليم العالي بشكلٍ مباشر، وتستوعب فهماً عميقاً لما يجب أن تكون عليه مسيرة هذا البلد.
وبيّن السهيل: نعم، هناك نقاط خلل ومشاكل تعترض المسيرة التربويّة والتعليميّة وهي مشخّصة في كثيرٍ من الأحيان، وربّما تحتاج الى جهدٍ استثنائيّ، وهذا الجهد ليس باستطاعة الوزارة أن تنهض به لوحدها فقط، وإنّما تحتاج الى جميع القطّاعات، ويصبح الدعم أكثر تأثيراً حينما تكون هذه القطاعات أكثر تأثيراً في المجتمع، لذلك نحن نعوّل كثيراً على الأبويّة والرعاية العقائديّة والرعاية الدينيّة التي أثبتت أنّها عنصرٌ داعم لنا في كلّ الاتّجاهات، وليست الاتّجاهات المعرفيّة فقط.
وتابع قائلاً: حينما يكون الأستاذ الجامعيّ هو باحث وليس ملقّناً بالتأكيد سوف يكون أستاذاً منتجاً يُعطي إنتاجه، لذلك أؤكّد أنّ محورَي العمليّة التعليميّة هما مدار اهتمام، فنحن نحتاج الى طالبٍ واعٍ ونحتاج الى أستاذٍ واعٍ وباحثٍ بعقليّة مميّزة.
مؤكداً: أكثر الجهات التي أشّرت على مواطن الخلل وأكثر الأطراف التي مدّت يد العون وأبدت رغبتها بدعمنا هي الجهات التي تتبع المؤسّسة الحوزويّة والمؤسّسة الدينيّة، وأنا سعيدٌ وكلّي سرور أن تمتدّ هذه الرغبة عند هذه المؤسّسة الدينيّة من العلوم الدينيّة الى نطاق المعارف الأخرى، الى الدرجة التي يمدّون جهدهم الى تأسيس مجموعةٍ من الجامعات والكلّيات الأهليّة المتميّزة.
وأشار: اليوم إذا جاز لنا أن نفتخر ببعض القطّاعات العلميّة الأهليّة، فجامعة الكفيل وجامعة العميد وجامعة وارث الأنبياء بالإمكان اعتبارها متميّزةً بباحثيها وبطلبتها وبطبيعة التخصّصات العلميّة فيه.
أعقبتها كلمة الجامعات العراقية، ألقاها بالنيابة الأستاذ الدكتور هادي دويج رئيس جامعة واسط، بين فيها قائلاً:
نفتخر ونفرح لمواصلة التفاعل مع المؤسّسات الواعية والرصينة في بناء الإنسان ولا سيّما المرجعيّة الدينيّة العُليا والعتبات المقدّسة، فإنّ ذلك ينسجم مع رؤية ورسالة وأهداف الجامعات العراقيّة للمشاركة الفعّالة لإعادة بناء بلدنا العزيز على كافّة المستويات والأصعدة المختلفة.
وأضاف: كان لنداء المرجعيّة وفتواها تعبيرٌ عن الخطّ الإيمانيّ والأخلاقيّ الأصيل، فتحوّل التحدّي الى فرصة لتأكيد الذات وإثبات الأصالة وتعزيز الثقة وانطلاقة جديدة، لذلك، فإنّنا اليوم ندعو جميع الطلبة والشباب وجميع شرائح المجتمع العراقيّ الى حشدٍ من نوعٍ آخر، إنّه حشدٌ للطاقات الفكريّة والعلميّة والذات المعرفيّة واستثمار العقل والفكر العراقيّ بالشكل الأصيل وبالمناهج المناسبة، وامتلاك الأدوات في إثبات الذات وحفظ الهويّة والكرامة.
مبيناً: إنّ جامعاتنا تهتمّ بشكلٍ كبير بنقل التكنولوجيا والأجهزة الحديثة، لتعزيز مهارات الطلبة وكوادر الجامعات العراقيّة كافّة، لتكون قادرةً على مواكبة التطوّر العلميّ الهائل في جميع المجالات العلميّة والإنسانيّة التي حصلت فيها طفرات كبيرة في المجالين النظري والتطبيقي لتلك الاختصاصات، لذلك فإنّ الاهتمام الكبير لنقل التكنولوجيا الحديثة يساهم ويساعد في نقل المعلومات الى الطاقات الشبابيّة الحديثة وبمهاراتٍ حقيقيّة في تعزيز أفكارهم البنّاءة.
مؤكداً: إنّ جامعاتنا العراقيّة سوف تعمل بمسافةٍ واحدة مع رؤية وأهداف وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ، من خلال القيام بخطواتٍ واثقة لدخول الجامعات العراقيّة في التصنيف العالميّ، وتطبيق نظام المقرّرات في الكليّات والأقسام العلميّة وتفعيل برامج ومناهج التعليم الإلكترونيّ، واستكمال البُنى التحتيّة للقاعات والمؤتمرات ورفد الموارد البشريّة والمادّية التي من خلالها نصل الى الرّصانة العلميّة وتحقيق المستجدّات الحديثة والوصول الى حافات العلوم.
واختتم: أجدّد شكري وتقديري للعتبة العبّاسية المقدّسة والسادة رؤساء الجامعات الذين منحوا لي الثقة والفرصة لتقديم كلمة الجامعات العراقية في هذا الكرنفال الجميل، ولكم أيّها السادة الحضور ولأبنائنا الطلبة مزيد من التطوّر، وإنّ إنجازاتكم في تحقيق المراتب الأولى هي فخرٌ وسعادةٌ لنا.
ولشعر حضور في هذا الاحتفاء بقصيدة من الشعر العمودي لشاعر أهل البيت D الحاج علي الصفار لامس بها شغاف القلوب، وأبحر بالحضور الى حيث الفخر ببطولات المقاتلين، راسماً لوحة شعرية ابرزت صفات المولى ابي الفضل العباس A معرجا بعد ذلك بقصيدة، أوضح فيها المراتب العليا للعلم والمتعلم.
جاءت بعد ذلك فقرة التكريم التي ابتدأت بتكريم رئاسات الجامعات العراقية المشاركة في الحفل تعبيرا لشكرهم لتعاونهم في هذا المجال ليكون تكريم الطلبة مسك ختام الحفل المبارك.
ومن جهتهم، فقد عبّر الطلبة الاوائل عن جزيل شكرهم وامتنانهم لمبادرة العتبة العباسية المقدسة التي اخذت قدم السبق في دعم كل ما هو خطوة نحو بناء البلد داعين في الوقت ذاته الجهات الرسمية الى الاخذ بهذه الفكرة من اجل تقديم الدعم لشريحة الطلبة لاسيما المتفوقين منهم، مؤكدين على المضي قدما لأجل خدمة الوطن بالعلم، وأن يكونوا بناة لغد العراق بإذن الله.