المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: الشّبابُ اليومَ في خطرٍ ثقافيّ مُرعِب

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: الشّبابُ اليومَ في خطرٍ ثقافيّ مُرعِب ويجبُ أن يُحسنوا ‏التصرّفَ بِطاقاتِهم ويوظّفوها لخِدْمةِ بلدِهِم فهُمْ ذخيرتُهُ...‏

‏ حذّرت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا من تفشّي وباءٍ خطير في المجتمع العراقيّ وبالأخصّ ‏في فئة الشباب وقد وصفتهُ بالمُرعب، وهذا الوباء أو الخطرُ هو الخطر الثقافيّ، ‏فعلى الشباب أن يُحسنوا التصرّف بطاقاتِهِم، ويسخّروها لخدمة عوائلهم وبلدهم، ولا ‏يجعلوا عقولهم متروكةً كأنّها في استراحة ولا يلجؤوا الى التفاهات، على الرغم من ‏أنّهم ذخيرة البلد والمجتمع، ويجب الالتفات لما يُراد منهم. ‏
مؤكّدةً أنّ الشمس لا تُشرق إلّا على الكُسالى، فيا أيّها الشابُّ لا تكنْ كسولاً، واصحُ ‏قبل الشمس، وستجد قطعاً الحياة أمامك شيئاً آخر.‏
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة المباركة التي أُقيمت في الصحن ‏الحسينيّ الشريف اليوم الجمعة (19 ذي الحجّة 1439هـ) الموافق لـ(31 آب ‏‏2018م)، وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، وهذا نصّها:‏
‏ من الواضح أنّ هناك مستوى من التدنّي في الثقافة عندنا، وأعني بمستوى الثقافة ‏عندنا هي حالة التحضّر، الإنسان عندما يكون مثقّفاً ومتحضّراً يتعاطى مع الأمور ‏بطريقة تحفظ فيها حقّ الطرفين، وهذه القراءة ليست قراءة شخصيّة وإنّما ناشئة من ‏إطلالة على كثيرٍ من مواردنا، حتّى مواطن التعلّم التي عندنا، فالبعض يقول هناك ‏أسباب كثيرة، نعم.. أنا أوافق أنّ هناك أسباباً كثيرة أودت بحالة التعلّم والثقافة أن ‏يهبط مستواها في العراق.‏
‏ تعلمون أنّ هناك نُفرةً بين العلم والجهل، أهلُ المنطق تارةً يقولون عنها: علاقةَ ‏تضادٍّ أو علاقةَ عدم وملكة -باصطلاحاتنا الخاصّة-، لكن بشكلٍ واضح للجميع إنّ ‏هناك نُفرةً، العلم يأبى ويرفض الجهل، والجهلَ يرفض العلم كذلك.‏
لذلك في المناقشة عندما تُناقش جاهلاً سوف يغلبك، تصبح حالة العناد وحالة عدم ‏وجود مشتركات بين الطرفين، الجاهل يغلب العالم في المناقشة؛ لأنّه لا يريد أن ‏يتعلّم، وتارةً جاهلٌ بسيط هو يسأل يقول: نعم.. أنا لا أعلم علّمني أريد أن أتعلّم، هذا ‏سيستفيد وتتحوّل حالة النقاش الى حالةٍ إيجابيّة.‏
‏ كلّما زاد الوعي ضعُف الدّجلُ وضعُفَ الدجّالون، فالدجّال أين يجدُ سوقه؟ الدجّال ‏يجد سوقه عند الجهلة، وتكون سوقه رائجةً في مواطن الجهل.. أنا عندما أذكر أبناءنا ‏وإخواننا وشبابنا حتى الذين هم في ريعان الشباب، عندما أقول هؤلاء الأمل واقعاً ‏نقصد ذلك، لكن والله نتأذّى عندما نرى هذا الشابّ يسهرُ ليلَه على مواقع لا تُسمن ‏ولا تُغني من جوع، ويكون إنساناً كسولاً، أنا أقول له: يا بنيّ الشمسُ لا تشرق إلّا ‏على الكُسالى، فغيرُ الكسول يصحو قبل شروق الشمس، فهو لديه عمل ووراءه بيت ‏أو معمل أو بلد ووراءه أمورٌ كثيرة، لا تتعمّد أن تكون كسولاً.‏
هذه الفتوّة أنت مسؤولٌ عنها، وأنا لا أتكلّم دينيّاً فقط، فالبلد يحتاج هذه الطاقات، ‏والأسرة تحتاج هذه الطاقة، أينما تكون في أيّ محلّ تحتاج هذه الطاقة، وقديماً قيل ‏في أيّام الدراسة الابتدائيّة (العقلُ السليم في الجسم السليم)، إذا كان هذا الجسم عبارة ‏عن حالةٍ من التراخي والهزال فهو خلاف الطبيعة، أنتم -أبناءنا- تتصرّفون خلاف ‏الطبيعة، الليلُ للسكن وللراحة والنهار للعمل فلا تقلبوا الحالة وتجعلوا الليل للسهر، ‏وعلى أيّ شيءٍ تسهر؟! والله ستندم طوال عمرك لأنّك تقول: إنّي قتلت الوقت، وأنا ‏أقول لك: إنّ الوقت قتلك أنت لم تقتل الوقت بل الوقتُ قتلك، أيّ ثقافةٍ ستحصل ‏عليها؟! وأيّ رؤية ستكون عندك؟!‏
الأسرة تريد منك والمجتمع يُريد منك والبلد يُريد منك، فبهذا أنت ستتثقّف بثقافة هجينة ‏وثقافة غير أصيلة وستكون وبالاً، فالتفت الى مصدر ثقافتك، أجملُ شيءٍ عند ‏الإنسان عقلُه فاختر المعلومة التي تنضّج العقل، فكما أنت حريصٌ على الأكل ‏النظيف لابُدّ أن تكون أحرص على الثقافة النظيفة فلا تشوّش عقلك.‏
‏ الشباب اليوم في خطر وهذا الخطرُ خطرٌ ثقافيّ، قد أدخل في بعض المصاديق ‏ربّما إذا أبقانا الله سبحانه وتعالى، فبعض التفاصيل مرعبة بمعنى الكلمة، فعلى ‏الأيادي النظيفة أن تتلقّف هؤلاء الشباب على أن يعوا دورهم ويعوا مسؤوليّاتهم، ‏فالشباب لديهم قدراتٌ كبيرة فليُحسنوا استخدامها بالشكل الجيّد، -أُعيد أبنائي- الشمسُ ‏لا تشرق إلّا على الكُسالى فلا تكن كسولاً، اصحُ قبل الشمس قطعاً ستجد الحياة ‏أمامك بهذه الروحيّة والطمأنينة والقوّة ستكون شيئاً آخر.‏
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُرينا في أبنائنا والجميع كلّ خير، وأن يحفظكم جميعاً ‏ويحفظ متعلّقيكم، ويُبارك بكلّ جهدٍ، اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين ‏والمسلمات الأحياء منهم والأموات، تابع اللهمّ بيننا وبينهم بالخيرات إنّك مجيبُ ‏الدعوات، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين ‏الطاهرين.‏