معهد القرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة يسدل الستار على الدورات القرآنية الصيفية

30-12-2018
احمد صالح ‏
معهد القرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة
يسدل الستار على الدورات القرآنية الصيفية
أحدث القرآن الكريم في الحياة البشرية أعظم انقلاب وتغيير شمل كل مناحي الحياة، وامتد شعاعه إلى أبعد الأصقاع، وأذهل ‏أقوى الأدمغة، واكتسح أعظم الحضارات، وأقام فوق ركامها أنظف حضارة، وأجمل حياة، وأكمل سيادة وسياسة. وقد كان ‏لشيعة أهل البيت عليه السلام اليد الطولى والسهم العظيم في الاهتمام به، والعمل على دراسته وتفسيره، وبيان معانيه ‏ومضامينه، واكتشاف أسراره وآياته وبيناته بهدى من أئمتهم عليهم السلام الذين هم عدل القرآن وأهله الذين أنزل القرآن ‏في بيوتهم، فكتبوا ونشروا وحثوا أيما حث على قراءته وحفظه ونشره وتجويده والاستناد إليه في كل حقول المعرفة.‏
وكان السبب في اهتمام الشيعة بالقرآن في الدرجة الأولى هو أهمية القرآن نفسه وعظمة أمره، ثم الاقتداء بالنبي صلى الله ‏عليه واله وسلم والأئمة من أهل بيته عليهم السلام في ذلك، فمن ينظر إلى الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت عليهم ‏السلام والتي تحدثوا فيها عن القرآن الكريم، يواجه عناية بالغة وكبيرة منهم بهذا الكتاب الإلهي الخالد، ثم من يطلع على ‏بقية أحاديثهم في شتى جوانب الدين، يجدها مليئة بالاستدلالات من القرآن الكريم، مما يكشف عن شدة حرصهم على البقاء ‏إلى جانب القرآن، والانطلاق منه والرجوع إليه، ولم يستثنوا في تعلم وتعليم القرآن الكريم شريحة دون أخرى، إذ حرصوا ‏على أن يستزيد من فضله كل شرائح المجتمع، وهو ما نشاهده اليوم في رحاب المولى أبي الفضل العباسعليه السلام من ‏خلال نافذة معهد القرآن الكريم التابع للعتبة المقدسة الذي أطلق العديد من المشاريع القرآنية، لعل من أهمها الدورات ‏الصيفية التي تقام سنوياً خلال أيام العطلة، إذ تعد خطوة كبيرة من أجل تثقيف عدد غير قليل من الصبية والفتيان.‏
‏ تقدم هذه الدورات للمتعلمين مجموعة من الأوليات في القرآن الكريم المتنوعة من أجل زيادة الوعي القرآني لديهم، وبعد ‏ذلك يتم الاحتفاء بهم بإقامة احتفالية كبيرة داخل الصحن العباس الشريف، حيث احتفل معهد القرآن الكريم التابع لقسم شؤون ‏المعارف الإسلامية والانسانية في العتبة العباسية المقدسة بتخريج أكثر من 18 ألف برعم قرآني، ومن خمس محافظات من ‏الدورات القرآنية الصيفية التي أقامها لهم خلال 45 يوماً، وذلك من الرحاب الطاهرة لصحن أبي الفضل العباس عليه السلام ‏حيث نهلوا فيها من العلوم القرآنية، إضافة لدروس فقهية وعقائدية وتربوية وبإشراف أساتذة قرآنيين أكفاء مختصين.‏
‏ حفل الختام أقيم بحضور المشتركين ومسؤولي المعاهد القرآنية التابعة لمعهد القرآن في العتبة العباسية المقدسة، وعدد من ‏مسؤوليها، فضلاً عن أولياء الأمور وممثلين عن العتبات المقدسة والمزارات الشريفة، ووفود مثلت مؤسسات قرآنية من ‏داخل العراق وخارجه.‏
وبعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم، كانت هنالك كلمة للعتبة العباسية المقدسة ألقاها بالنيابة فضيلة السيد عدنان الموسوي ‏‏(دامت توفيقاته) من قسم الشؤون الدينية، بيّن فيها قائلاً:‏
‏ أنتم بكم الفتح، وأنتم نتاج نهضة سيد الشهداء، وإن المولى أبا الفضل العباسعليه السلام يسقي بجوده طلبة هذا المشروع ‏الكبير، وإن معهد القرآن الكريم قد نضجت ثمار شجرته القرآنية، والآن نحصد هذه الثمار بجيل قرآني واعٍ يعي الكتاب ‏والعترة، كما شكر عوائل الطلبة على ما قدموه من تهيئة وتشجيع أولادهم من خلال الحضور في الدورات المباركة، وقد ‏استثمروا العطلة الصيفية بأفضل استثمار، وسخروا هذا الوقت الثمين؛ لكي ينهلوا من علوم كلام الله سبحانه وتعالى، ‏ويتعلموا تلاوته وحفظه.‏
‏ وأضاف: مما ابتكره الإمام الحسين عليه السلام انه قال: ((من لحق بنا استشهد ومن لم يلحق بنا لم يدرك الفتح))، وحينما ‏نسأل ونقول: سيدي أي فتح هذا، وأنت ذاهب الى الشهادة، وأنت سوف تقتل في سبيل الله تعالى؟ حينما تمر السنون، ونرى ‏هذا النتاج ندرك معنى قول امامنا وسيدنا ابي عبد الله الحسين عليه السلام : ((ومن لم يلحق بنا لم يدرك الفتح)) هذا هو ‏الفتح، هذا هو نتاج من نتاجات النهضة العظيمة التي قادها امامنا وسيدنا ابي عبد الله عليه السلام .‏
مبيناً: إن أبا الفضل العباس عليه السلام الذي هو جندي من جنود الإمام الحسين عليه السلام حينما قطعت كفاه، ودخل ‏السهم في عينه، ودخل السهم في صدره، هذا هو النتاج، ولعله يقول: الحمد لله أن كفي أثمرت الآن، وهو الذي وقف يقول: ‏‏"والله إن قطعتم يميني إني أحامي أبداً عن ديني، وعن إمام صادق اليقين".‏
‏ الدين هو الاسلام، الاسلام هو القرآن، القرآن هو الدستور الالهي الذي انزله الله تعالى على النبي محمد صلى الله عليه واله ‏وسلم ، فهذا ابو الفضل عليه السلام يقدم كفيه وعينه وروحه الشريفة في سبيل أن يبقى الاسلام المتجسد في شخص ابي ‏عبد الله الحسين عليه السلام .‏
وخاطب الموسوي الطلبة بالقول: لابد أن نتوجه بالحمد والشكر الى الله سبحانه وتعالى أن أنعم علينا بهذه النعمة، نعمة ‏القرآن، وفي حضرة حامٍ من حماة القرآن الكريم، وهو أبو الفضل العباس عليه السلام .‏
‏ إننا درسنا القرآن وحفظناه، فلابد أن نعمل بمضمون القرآن، الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء حينما خرج كان ‏يحمل مصحفاً على رأسه، يريد أن يقول: نحن القرآن الناطق، نحن مع القرآن والقرآن معنا، ونحن العاملون بالقرآن الكريم، ‏وأنتم ايها الموالون يجب أن تسيروا على هذا النهج بأن نعمل بمضمون القرآن، لا أن نحفظ القرآن وحسب، فيجب العمل ‏بمضمون القرآن، وبما جاء به من قوانين في اقامة الصلاة، وايتاء الزكاء، وحفظ حقوق الناس، وعدم التجاوز على حقوق ‏الاخرين، وأن نطيع الله تعالى حق طاعته، وأن ننتهي عن معاصيه، فبطاعة الله سبحانه وتجنب معاصيه، نكون عباداً ‏صالحين، وأن نعمل بالقرآن نحفظ، ونعمل بما جاء بهذا الدستور الالهي.‏
أعقبتها كلمة لمدير معهد القرآن فضيلة الشيخ جواد النصراوي، بيّن فيها قائلاً:‏
‏ مشروع الدورات القرآنية الصيفية يقام في كل عام، وفي السنة الثامنة على التوالي؛ بسبب هذا الاهتمام المتزايد الذي ‏أولته العتبة العباسية المقدسة ابتداء بالراعي للنشاطات القرآنية سماحة المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، وجميع ‏مسؤولي العتبة بجميع أقسامها وفروعها، أصبح هذا المشروع ينمو يوماً فآخر، حيث ابتدأ في سنة 2011، بـ(150) طالباً، ‏والآن بعد مرور سبع سنوات على هذا المشروع، أصبح عدد الطلبة اكثر (18,000) طالب متوزعين في خمس محافظات ‏عراقية، منها: كربلاء المقدسة، ومدينة النجف الاشرف، ومدينة بغداد، ومدينة السماوة، ومدينة بابل، بالإضافة الى قضاء ‏الهندية، تلقى الطلاب المشاركون في هذه الدورة طيلة 45 يوماً دروساً في الفقه والعقائد والأخلاق وسيرة النبي وآل بيته ‏عليهم السلام ، اضافة الى حفظ أجزاء من القرآن الكريم مع قراءتها بالشكل الصحيح.‏
مبيناً: أن العتبة العباسية المقدسة قد تكفلت بكل ما من شأنه أن ينجح هذه الدورات من وسائل النقل، وتوفير المنهاج الخاص ‏لتدريس الطلاب والتغذية، وكذلك اعداد أساتذة ومدربين أكفاء تم اعدادهم بشكل جيد من خلال دورات عديدة، ولزيادة ‏الفائدة، تمت اضافة بعض الوسائل الايضاحية التعليمة، والتي استحدثت في هذه السنة، عرضت من خلالها قصص الأنبياء ‏وسير الأئمة عليهم السلام عن طريق الافلام القصيرة ابدى من خلالها الطلبة تفاعلهم الكبير.‏
جاءت بعد ذلك كلمة للطلبة المشاركين ألقاها بالنيابة عنهم وباللغتين العربية والانكليزية الطالب جعفر علي الطفيلي، حيث ‏جاء فيها:‏
‏ إن مشروع الدورات القرآنية الصيفية الذي أقامه معهد القرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة، قد استثمرنا فيه العطلة ‏الصيفية بما يزيدنا بصيرة وهدى، لذلك نشكر سماحة المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد احمد الصافي (دام ‏توفيقه)، ونشكركم جميعاً جزيل الشكر والامتنان، وكل من بذل الجهود لتعليمنا، ولكل خدام العتبة المطهرة والسلام عليكم ‏ورحمة الله وبركاته.‏
‏ وقد تخلل الحفل فواصل انشادية وأخرى شعرية، فضلاً عن القرآنية، ليكون مسك الختام قراءة سورة الحمد المباركة على ‏أرواح الشهداء الأبرار، ونصوص من زيارة المولى أبي الفضل العباسعليه السلام ونشيد العتبة العباسية المقدسة الموسوم ‏بنشيد الاباء.‏