المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: شعبُ العراق متنوّرٌ ومتحضّر وفيه عقولٌ نيّرة وعلى الجميع استثمار ذلك
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: شعبُ العراق متنوّرٌ ومتحضّر وفيه عقولٌ نيّرة وعلى الجميع استثمار ذلك في أن نرتقي بالمجتمع علميّاً...
بيّنت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّ شعبَ العراق شعبٌ متحضّر ومتنوّر ويفهم، وفيه عقولٌ نيّرة، وعلى الجميع أن يستثمروا في أن نرتقي بالمجتمع علميّاً، وأن نرتقي بطبقة الشباب ارتقاءً علميّاً يفهم العلم بواقعيّة. جاء ذلك خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة المباركة التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف اليوم الجمعة (5 ذي الحجة 1439هـ) الموافق لـ(17 آب 2018م)، وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، وهذا نصّها:
إخوتي أخواتي.. التعلّم بالحدّ الأدنى لا شكّ هو من موارد الحصانة وموارد وضوح أو إيضاح الرؤية، أنّ الإنسان إذا كان يتمتّع بثقافةٍ معيّنة بالحدّ الأدنى منها، فهذه الثقافة ستقف حاجزاً بينه وبين ما يقع فيه من خديعةٍ أو ما يقع فيه من خروجه عن الطريق الصحيح، وعادةً ما يتسرّب الخراب لأيّ مجتمعٍ عن طريق الجهل، والجهلُ حالةٌ مقيتة جدّاً في أيّ مجتمع صغيراً كان أو كبيراً، فإذا كان ربّ البيت جاهلاً بما يُدير أسرته، فهذا الجهل لا يصل بالأسرة الى شاطئ الأمان، وكلّما كبُرت هذه المساحة كلّما كانت الآثار أكثر، ولذلك سأفتح المطلب بعض الشيء والكلام كلامٌ اجتماعيّ.
الإنسان من أين يستقي معلوماته؟ من أين يتثقّف؟ من أين يرتقي؟ من أين يتعلّم؟ لابُدّ من وجود مصادر موثوقٍ بها حتّى يتعلّم الإنسان، وهذه المصادر الموثوق بها في كلّ زمانٍ ومكان هي واضحة، نعم.. هي تحتاج الى بعض التعب من الذي يُريد أن يتعلّم ومن الذي يريد أن يتثقّف، لكنّها عادةً غير معدومة.
الإنسان إذا حصّن نفسه بالتعلّم بالحدّ الأدنى، فإنّه سيقف حائلاً أمام انهيار نفسه، والجهل دائماً ما يتدرّع بل يشجّع عليه من لا يُريد خيراً بأحد، أذكر مثالاً بسيطاً، وهذا المثال لا يعني القدح طبعاً، الطبّ من المسائل المهمّة، وطبّ الأبدان مهمّ جدّاً، لكن قد تجد طبيباً يُتعب نفسه مع المريض، الغرض منه حتّى يُعطي ثقافةً طبيّة للمريض، فالمريض إذا تثقّف ثقافةً طبيّة ستقلّ مراجعتُه للطبيب؛ لأنّه سيعتني بصحته، ويتجنب الكثير من ألأشياء الضارة، لكن سنحصل على شخصٍ قلّما يتمرّض، وتارةً طبيب يتأذّى إذا كان المريض يتثقّف طبيّاً، فبقاءُ المريض على جهله بالنسبة له أفضل؛ لأنّه إذا بقي على الجهل من المُمكن أن يستفيد منه لفترةٍ أطول.
طبعاً بعض أبنائنا من جيلنا هذا عندما تتكلّم مع بعضهم ترى فوضى في مخّه وذهنه؛ لأنّه يعتمد على ثقافاتٍ غير معلومٍ منشؤها، تجده يفتح بعض مواقع التواصل، ويأخذ المعلومة، ويعتبرها رأس مالٍ حقيقيّ في يده، وعلى ضوئها يتصرّف وينقل ما فيها الى الآخرين وهذا ليس من الحكمة، أهمّ شيء عند الإنسان عقلُهُ، عَلِمَ الله هذا شيءٌ خاصّ بنا، عندما نتكلّم في الخطبة الأولى أو الثانية لا يفرق إنّما المهمّ هو أصلُ الكلام، الإنسان عندما يُراجع نفسه ويخاف لأنّ أيّ كلمة من الكلمات الإنسان مسؤولٌ عنها يوم القيامة: ((وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ)) في المعنى العام: ((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)).
حرصاً على أبنائنا، هذا العقل الذي عندك أحسِنْ استخدامه في أن يوصلك الى مراحل رقيٍّ كبيرة، كنْ متعلّماً واعرف مصدر المعلومة، لا تكنْ إمّعة تردّدُ ما تقرأ وتنقل ما تسمع.
العراق مجتمعٌ متنوّر ومجتمعٌ أصيلٌ، وثقافةُ شبابنا لابُدّ أن ترتقي، لابُدّ أن نتعلّم علماً حقيقيّاً، الجهلُ مدعاةٌ لنفوذ الكثير من الأمور والناس قد لا تلتفت، اقرؤوا التاريخ جيّداً وسترون أنّ هناك مسائل جمّة نشأت بسبب الجهل، الجهل مرض أخطر من المرض الجسدي، ولذلك عندما تسمع بعض كلام أبنائنا وعندما تلتقي بهم وعندما تسأل وعندما تشاهد بعض أساليب نقل المعلومة واقعاً تُصاب بإحباط، حالةٌ من الجهل أشبه بالتفشّي، وأنا لا أقول إنّ هذه مسؤوليّة أحدٍ بل الكلّ مسؤولٌ عنها، أنا وأنت وأجهزة الإعلام والأسرة وربّ الأسرة، وهي ليست مسألةً سياسيّة بل هي مسألةٌ اجتماعيّة، لكن هذه المسألة الاجتماعيّة عندما تتّسع تكون خطرة، شعبُ العراق شعبٌ متنوّر ومتحضّر ويفهم وفيه عقولٌ نيّرة، وعلى جميع الأفراد والأسر والنساء والآباء الكلّ عليهم أن يستثمروا في أن نرتقي بالمجتمع علميّاً.
علّمنا الله تعالى وإيّاكم ما ينفعنا في الدنيا والآخرة، وحفظكم الله تعالى من كلّ سوء، اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات تابع اللهمّ بيننا وبينهم بالخيرات، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمدٍ وآله الطيّبين الطاهرين.