العتبة العباسية المقدسة تطلق فعاليات مهرجان أمير المؤمنين‏ في مدينة كاركل الهنديّة

30-12-2018
مصطفى الباوي ‏
العتبة العباسية المقدسة
تطلق فعاليات مهرجان أمير المؤمنين عليه السلام الثقافيّ ‏
في مدينة كاركل الهنديّة
بأجواءٍ إيمانيةٍ مِلؤُها الخير والرحمة والبركات، عابقةً ومملوءةً بمحبّة أئمّة أهل البيتعليهم السلام وتزامناً مع ذكرى الولادة العطرة ‏لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام وتحت شعار: (أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عليه السلام أَوَّلُ العَابِدِينَ وَأَزْهَدُ الزّاهِدِين)، أطلقت ‏العتبةُ العبّاسية المقدّسة وللسنة السادسة على التوالي صباح يوم الخميس (18 رجب 1439هـ) الموافق لـ(5 نيسان 2018م) فعاليّات ‏مهرجان أمير المؤمنين عليه السلام الثقافيّ السنويّ في مدينة كاركل الهنديّة وبمشاركة العتبتين الحسينيّة والعسكريّة المقدّستين، ‏وذلك في الحوزة العلميّة الاثني عشريّة في المدينة المذكورة واستمرت فعالياته لثلاثة أيام.‏
استُهِلَّ حفلُ الافتتاح برفع رايات القباب الطاهرة لمرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العبّاس والإمامين العسكريّينعليهم السلام ‏وذلك في مدخل الحوزة، انتقل بعدها الحضور لباحتها الوسطى من أجل البدء بفقرات المهرجان التي شهدت تمثيلاً لشخصيّات علمائيّة ‏وحوزويّة ودينيّة وأكاديميّة من داخل المدينة وخارجها، وقد غصّت بها جنبات الحوزة.‏
وبعد تلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم تلاها قارئ العتبة العبّاسية المقدّسة ليث العبيدي، كانت هناك كلمةٌ للعتبات المقدّسة في العراق ألقاها ‏بالنيابة رئيس وفد العتبة العبّاسية المقدّسة السيد عقيل عبد الحسين الياسري، وممّا جاء فيها:‏
‏ إنّ الإمام عليّاًعليه السلام خيمتُنا التي جمعتنا معكم على الرغم من بعد المسافات واختلاف الألسن والمشارب والمذاهب، ولكن ما ‏يجمعنا ويوحّدنا هو المحبّة والإنسانية والاحتكام الى العقل.‏
وأضاف: بدايةً أنقل لحضراتكم تحيّات وسلام المتولّيين الشرعيّين للعتبتين المقدّستين الحسينيّة والعبّاسية سماحة الشيخ عبد المهدي ‏الكربلائي وسماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّهما)، وسلام وتحتيّات السادة أمناء العتبات المقدّسة في العراق وكلّ الخدّام الذين ‏تشرّفوا بخدمة المراقد الطاهرة لأهل بيت العترةعليهم السلام ، وإنّه لشرفٌ عظيم أن نلتقي بأخوة أحبّة كرام في بلاد الهند، هذه البلاد ‏العريقة في التاريخ الكبيرة في أمجادها وحضاراتها الموغلة في القدم.‏
مضيفاً: إذ آن لنا موعدٌ ولقاء سنويّ ومنذ ست سنوات خلت، نلتقي بهم في رحاب عليّعليه السلام ويجمعنا معهم ذكرى مولده الطاهر، ‏إذ شرّفهم الله (جلّ وعلا) بأن يحتضنوا هذا المهرجان المبارك الذي سعت لإقامته الأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة وبمساهمةٍ ‏فاعلة من باقي العتبات المقدّسة في العراق.‏
وبيّن الياسري: هذا المهرجان الذي يسلّط الضوء على شخصيّة عجزت العقول والأقلام عن معرفة سرّها، كيف لا وقد قال في حقّه ‏رسول الرحمة محمد ‏J‏: (يا عليّ لا يعرف الله إلّا أنا وأنت، ولا يعرفني إلّا الله وأنت، ولا يعرفك إلّا الله وأنا) فما حالنا نحن المقصّرون ‏وأنّى لنا الوصول الى حقيقة كنه معرفته عليه السلام ، ولكن من باب النافلة نغوص في بحره اللجّي علّنا نحظى بقبوله ورضاه.‏
وتابع: لا يخفى عليكم أنّ هذا المهرجان يُقام في جمهورية الهند للمرّة السادسة على التوالي، إذ عُقد في عامَي (2013م) و (2014م) ‏في مدينة لكناو، وفي (2015م) في مدينة حيدر آباد، وفي (2016م) في مدينة بنغلور، وفي (2017م) في مدينة كلكتا، وقد وقع ‏الاختيار في هذا العام على مدينتكم مدينة كاركل، ليُقام محفلنا هذا الداعي الى بثّ روح المحبّة والوئام والتعايش الأخويّ والودّي مع ‏الآخرين، والمبنيّ على التفاهم وتقبّل الآخر واحترام الآراء ونبذ العنف والكراهية.‏
هذا وقد تقدّم الياسري بالشكر نيابةً عن الأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة لجميع أهالي مدينة كاركل على حسن الاستقبال وحفاوة ‏الترحيب، وتقديمهم المساعدات اللازمة لإقامة المهرجان وسعيهم للحصول على الموافقات الرسميّة لإقامته.‏
مبيّناً: ولا أنسى من ساندنا وساعدنا وقدّم لنا يد العون في تواصل هذا المهرجان، والشكر الى العتبات المقدّسة لمساهمتهم ومشاركتهم ‏الفاعلة والى اللجنة التحضيريّة للمهرجان وجميع منتسبي العتبات المقدّسة، لحرصهم على التواصل والاستمرار بإقامة المهرجان، ‏ومن هنا ومن هذه البلاد البعيدة ندعو الباري (جلّ وعلا) أن يحفظ جمهورية الهند وجميع البلدان المُحبّة للسلام ويديم نعمة الأمان ‏عليها.‏
جاءت بعدها كلمةُ الجهة المستضيفة للمهرجان التي ألقاها بالنيابة عنهم الشيخ ناضر مهدي محمّدي التي بيّن فيها:‏
‏ اليوم بيننا ضيوف أعزّاء علينا قدموا من بلد عزيز هو العراق مثّلوا عتباته المقدّسة، فهذا اليوم له خصوصيّة خاصّة غير كل يوم، ‏أنّنا نتشرّف بخدمة خدّام عتبات مقدّسة لأئمّة أهل البيتعليهم السلام وإنّ بلدتنا قد نوّرت بمقدمهم وهذا كلّه من بركات وفضل الأئمّة ‏عليهم السلام ، ونسأل الله تعالى أن نوفَّق لخدمتهم وإنجاح هذه الفعاليّة التي توسّمت باسم أمير المؤمنين عليعليه السلام .‏
‏ وهذا المهرجان نعتبره رسالة منه الينا فهو الذي أرسلكم الينا، وهذه لحظات تاريخيّة لن تُمحى من ذاكرتنا ودُوّنت بأحرف من نور ‏في سجلّ تاريخ هذه المدينة، فشكراً للعتبة العبّاسية المقدّسة على مواصلتها إقامة هذا المهرجان في الهند.‏
وأضاف: كلّ الترحيب بوفود العتبات المقدّسة في العراق لحضورهم في هذه المدينة، الكثير منّا قد زار عتبات العراق المقدّسة، ولكن ‏هنالك الكثير من أهالي هذه المدينة لم يُكتب لهم التشرّف بزيارة عتبات كربلاء وباقي المراقد المشرّفة، واليوم خَدَمَة تلك المراقد ‏الطاهرة يأتون الى مدينتنا كاركل لأجل الوصول الى المحبّين لأهل البيتعليهم السلام في هذا المكان، للتبرّك بما تمّ عرضه من ‏تبريكات العتبات المقدّسة وجعلهم يعيشون الأجواء الروحانيّة لمراقد أهل البيتعليهم السلام ".‏
مضيفاً: نحن أهالي هذه المدينة سنكون على أكبر قدرٍ من المسؤوليّة تجاه ضيوفنا الأعزّاء لتأدية الواجب على أكمل وجه خلال هذا ‏المهرجان المبارك، وأودّ ان أتقدّم بالشكر الجزيل لخَدَمَة العتبات المقدّسة لاختيارهم مدينتنا لإقامة هذا المهرجان، وإنّه لشرف كبير لنا ‏ولهذه المدينة، وأتقدّم بالشكر الجزيل لأهالي مدينة كاركل على تعاونهم الكبير وتواصلهم المميّز وحضورهم الفعّال لهذا المهرجان، ‏حيث أنّهم عندما سمعوا أنّ وفود العتبات المقدّسة سوف يحلّون ضيوفاً عليهم هبّوا لاستقبالهم وحضورهم المكثّف من أجل إنجاح هذا ‏المهرجان المبارك، كما أحثّهم بتكثيف حضورهم لكي ينهلوا من بركاته. ‏
أعقبت هذه الكلمة كلمةٌ أخرى لأهل السنّة في مدينة كاركل ألقاها نيابةً عنهم الشيخ تسليم عارف حيثّ بيّن فيها قائلاً:‏
‏ إنّ الإمام عليّاًعليه السلام المثل الأعلى للناس في الإيمان والجهاد وصدق العزيمة، بعد شخصيّة الرسول الكريم محمدJ‏ ونحن نفتخر ‏بتواجد وفود مثّلت العتبات المقدّسة في العراق.‏
وأضاف: كما أنّ الإمام عليّاًعليه السلام للإنسانيّة جمعاء فإنّ كلّ من يمتّ له بصلة هو كذلك، وما تواجد وفود مثّلت عتبات ذراريه ‏إلّا دليل على ذلك، فهو ضرب للمسلمين أروع المناهج الإسلاميّة من خلال سلوكه العلميّ الذي ترجمه على أرض الواقع.‏
‏ ثمّ استعرض الشيخ عارف بعض الأحاديث التي تدلّ على منزلة الإمام علي وأهل بيتهعليهم السلام ، حيث قال: كان رسول اللهJ‏ نائماً ‏في بيت عليعليه السلام ، فاستيقظ الإمام الحسن من نومه وطلب الماء. فقامت فاطمةB‏ وكانت في بيتهم شاة غير حلوب، فحلبتها ‏الزهراء، فاستيقظ الحسين بعد ذلك وطلب الحليب أيضاً. فقال رسول اللهJ‏: من طلب أوّلاً يشرب أوّلاً. ثم قال لفاطمة: أنا وأنت وهذان ‏الطفلان وهذا النائم (علي) نحشر سويّةً يوم القيامة ونسكن سويّةً في الجنّة. ورُوي عن رسول الله: يا عليّ لا يحبّك إلّا مؤمن ولا ‏يبغضك إلّا منافق. ورُوي أيضاً: علامات المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتُمن خان.‏
وفي الختام فأنا من أهل السنّة والجماعة وإنّي أشكر الضيوف والحاضرين والعلماء على دعوتهم الكريمة لنا التي تشرّفنا بالحضور ‏اليها.‏
بعد ذلك كانت هناك كلمة لأهالي مدينة لهله دار التي تتبع لها مدينة كاركل ألقاها بالنيابة عن أهل المدينة رئيس مجلس علمائها الشيخ ‏نضير أحمد شريف وممّا جاء فيها:‏
‏ إنّ العتبات المقدّسة لها جهد نابض باليقين يُضاف إلى سلسلة جهود الخير لإشاعة فكر وأهداف أهل البيتعليهم السلام ، وتُحاول بكلّ ‏إمكانيّاتها أن يصل شعاعُ فكرها لكافّة البقاع ولا يقتصر على العراق والعراقيّين وأنّ العتبات المقدّسة لها جهد نابض باليقين يُضاف ‏إلى سلسلة جهود الخير لإشاعة فكر وأهداف أهل البيتعليهم السلام ، وتُحاول بكلّ إمكانيّاتها أن يصل شعاعُ فكرها لكافّة البقاع ولا ‏يقتصر على العراق والعراقيّين فحسب، وإنّ تواجد خدّامها اليوم بيننا لهو مصداقٌ لما نقول، فقد جعلونا نستنشق نفحاتها الروحيّة ‏والقدسيّة فقصرت لنا المسافات وتحمّلت عناء ومشقّة السفر في سبيل تحقيق هذا الهدف المنشود، فشكراً للعتبة العبّاسية المقدّسة على ‏هذا النفس الولائيّ والشعور بالمسؤوليّة تجاه محبّي وأتباع أهل البيتعليهم السلام .‏
وأضاف: بنى الله تعالى بيته للناس في مكّة وهذا البيت هو الكعبة المشرّفة هدىً ورحمة للعالمين، ونحن نسمّي الكعبة بيت الله مع أنّه ‏لا يحتاج الى بيت. فإنّه تعالى منزّه عن الجسمانيّة، بل نحن من يحتاج للبيت يحمينا من الحرّ والبرد فهو سبحانه وتعالى غير محدود ‏ولا يحتاج الى مكان، إذن لماذا تُسمّى بـ(بيت الله). حياة كلّ طائفة من الناس تحتاج الى عملٍ ورونقُ العمل في الجماعة، ولابُدّ لتلك ‏الجماعة من مركز فجعل الله الكعبة مركزاً للناس، فكلّ مسلمٍ يصلّي اليها. وذلك المركز يحتاج الى حماية ومن يحميها لابُدّ أن تكون ‏لديه صلاحيّة الحماية. ‏
وتابع الشيخ شريف: فاختار الله عليّاً وجعل ولادته فيها لكي يعرف الناس أنّ عليّاً وأولاده هم حماة هذا المركز وهذا الدين، وكما قال ‏رسول اللهJ‏: (مَثَلُ عليٍّ فيكم في هذه الأمّة كمثل كعبةٍ مستورة، النظرُ اليها عبادة، وَالْحَجُّ إِلَيْهَا فَرِيضَةٌ).‏
واختتم: نشكر الضيوف الذين جاءونا وشرّفونا بأن تكتحل أعيننا برؤية رايات العتبات المقدّسة الحسينيّة والعبّاسية والعسكريّة في ‏ربوع مناطقنا.‏
كما كانت هناك كلمة لرئيس جمعيّة الإمام صاحب الزمان(عجّل الله فرجه الشريف) الشيخ صادق بلاغي حيثّ تحدّث فيها قائلاً:‏
‏ تشكر هيئة صاحب الزمان شيخ لكل من تشرفنا بقدومه من العتبات المقدسة وانه لشرف كبير لنا ان نشارك بإحدى فعاليات مهرجان ‏يعقد باسم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام . ‏
لتُختتم الكلمات بكلمةٍ للطائفة الصوفيّة في المدينة ألقاها نيابةً عنهم الشيخ محمد باقر شاه، التي أكّد من خلالها:‏
‏ إنّ الإمام عليّاًعليه السلام هو للإنسانيّة جمعاء، فكما الله تعالى اختار نبيّه محمداً ‏J‏ للبشريّة فإنّ أمير المؤمنين وباعتباره وصيّه فإنّه ‏للبشريّة جمعاء أيضاً، ومكمّل لرسالة الدين المحمديّ، فكان عليه السلام عنواناً للعدالة الإنسانيّة، وأصبحت مقولته الشهيرة في وصيّته ‏لمالك الأشتر: (إنّ الخلق صنفان إمّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ في الخلق) نهجاً ومسلكاً وطريق نجاةٍ لكلّ من يريد الخلاص ونبذ الفرقة ‏التي تنهش جسد البشريّة.‏
‏ هذا وقد تخلّل الحفل إلقاء قصائد شعريّة لرواديد حسينيّين فضلاً عن إقامة صلاة جماعة موحّدة بإمامة السيد إبراهيم فاضل من العتبة ‏الحسينيّة المقدّسة وتوزيع وجبة غذاء تبرّكية باسم أمير المؤمنينعليه السلام لأهالي المدينة وضيوفهم، كما تمّ تكريم وفود العتبات ‏المقدّسة من قبل الجهة الحاضنة لفعاليّات المهرجان -حوزة الأئمّة الاثني عشريّة-.‏


بقلم رئيس التحرير

علـي حسين الخبـاز

...