المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: مقوّمات التشيّع الصحيح والاتّباع الصادق لأهل البيت ..
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا:
مقوّمات التشيّع الصحيح والاتّباع الصادق لأهل البيت عليهم السلام ..
أربعة أمور إن جمعنا بينها تمثّل فينا جوهر التشيّع وصدقه، وصدق الاتّباع لأهل البيت عليهم السلام ، والإخلال بواحد منها يمثّل نقصاً جوهريّاً في حقيقة التشيّع ربّما، مثل حال أركان الصلاة، إن أردت أن تأتي بالصلاة في حقيقتها كما أرادها الله تعالى لابُدّ أن تجمع بين أركانها، الإخلال بواحد منها أو اثنين يمثّل الإخلال بحقيقة وجوهر الصلاة.. الأربعة أمور هي: العقيدة الصحيحة، والعبادات المشروعة، والشعائر المأثورة، والعمل الصالح والأخلاق الحميدة.
جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف هذا اليوم (19رجب 1439هـ) الموافق لـ(6نيسان 2018م) والتي كانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي(دام عزّه) وهذا نصّها:
أيّها الإخوة والأخوات، ما زلنا في بيان مقوّمات التشيّع الصحيح والاتّباع الصادق لأهل البيت عليهم السلام ، وسبق أن تكلّمنا عن بعض هذه الأمور في الخطبة السابقة وها نحن ندخل في الجزء الثاني لأهميّة هذا الموضوع، نجد أيّها الإخوة والأخوات حين التتبّع والتأمّل في الروايات الواردة عن المعصومين خصوصاً عن الإمام الباقر والصادق عليهما السلام الاهتمام الشديد منهم في توعية أتباعهم في بيان حقيقة وجوهر التشيّع، ما هو التشيّع في جوهره وحقيقته؟
الأئمة عليهم السلام من خلال ما يشاهدونه في بعض أتباعهم من عدم وجود وعي دقيق وفهم صحيح لحقيقة وجوهر التشيّع، أو سوء فهم، ما هو التشيّع في حقيقته وفي جوهره؟ وما هو التطبيق في هذا المذهب؟ حتى نصل الى ما يريده أئمّة أهل البيت عليهم السلام أحياناً سوء فهم أحياناً اشتباه أحياناً التباس، وأحياناً سوء تطبيق.
فالأئمّة عليهم السلام وجدوا لو أنّهم تركوا هذه الظاهرة عند شيعتهم في خضمّ التحدّيات الفكرية والحضارية والشعائرية التي يواجهها مذهب أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، لكان يشكّل أمراً خطيراً على هذا المذهب.
من هنا جاءت إرادتهم لتحصين المذهب، وتوعية أتباعهم بحقيقة وجوهر التشيّع، فلم يتركوا الأمر هكذا، بل اهتمّوا اهتماماً شديداً، وفي كثيرٍ من الروايات أئمّة أهل البيت عليهم السلام يبينون ماذا يريدون من شيعتهم وأتباعهم؟
ما هي حقيقة وجوهر التشيّع الذي يمثّل الوعاء العلمي والعملي للقرآن الكريم ولسيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ؟ نحن عندنا محبّ وموال وشيعي، عندنا ثلاثة أمور، نأتي الآن الى بيان هذه المقوّمات الأساسية من خلال هذه الروايات:
الأوّل: هو تطابق العمل مع العقيدة والعلم: البعض تلتبس عليه الأمور ويتصوّر أنّ التشيّع والولاء لأهل البيت في حقيقته وكماله هو مجرّد الاعتقاد بإمامة أهل البيت عليهم السلام ومنزلتهم ومقامهم عند الله تعالى.
البعض يتصوّر أنّه يكفي في إبراز الولاء لأهل البيت عليهم السلام وإظهار المودّة والمحبّة وإظهار الحزن في مناسبات أحزانهم وإظهار الفرح في مناسبات ولاداتهم والإكثار من الزيارات لهم وإقامة المجالس لهم أنّ ذلك يكفي في إظهار قوّة الولاء والتشيّع لأهل البيت عليهم السلام ، نحن نلفت النظر الى هذه النقطة لا يُنكر أنّ هذه الأمور مهمّة ومطلوبة في إبراز حقيقة وجوهر التشيّع، لكنّها لا تمثّل كلّ المذهب في جوهره وحقيقته، ولابدّ من الجمع بين العلم والعقيدة والعمل والشعائر الصحيحة وبقيّة الأمور التي بيّنها الأئمّة عليهم السلام ويمكن هنا أن نتمثّل هذه الأركان ونركّز عليها، أركان ومقوّمات مذهب أهل البيت عليهم السلام ، وهي:
أوّلاً: العقيدة الصحيحة الخالية من الخطأ والاشتباه وسوء الفهم.
ثانياً: العبادات المشروعة التي تتطابق مع الأحكام الشرعيّة المأخوذة من محالّها ومن المرجع الذي يصحّ تقليده.
ثالثاً: الشعائر الموروثة.
رابعاً: العمل الصالح والأخلاق الحميدة.
أربعة أمور إن جمعنا بينها تمثّل فينا جوهر التشيّع وصدقه، وصدق الاتّباع لأهل البيت عليهم السلام ، والإخلال بواحدٍ منها يمثّل نقصاً جوهريّاً في حقيقة التشيّع ربّما، مثل حال أركان الصلاة إن أردت أن تأتي بالصلاة في حقيقتها كما أرادها الله تعالى لابُدّ أن تجمع بين أركانها، الإخلال بواحد منها أو اثنين يمثّل الإخلال بحقيقة وجوهر الصلاة.
الآن نلاحظ من خلال الأحاديث التي وردت عن الأئمّة عليهم السلام وعن الإمام الصادق عليه السلام : "ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وألفاظنا، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه واتّبع آثارنا وعمل بأعمالنا فأولئك شيعتنا"، يعني أنّ الإنسان في اللسان يدّعي الولاء لأهل البيت، وربّما أحياناً في القلب أيضاً، ولكن في أعماله وسيرته وعباداته يختلف في ذلك ولا يطابق ما ورد عن الأئمّة عليهم السلام .
الإمام عليه السلام يقول: شيعتنا هم من كان هناك توافق بين لسانه وقلبه وأيضاً اتّبع أعمالنا وسار وفق أعمالنا وآثارنا، ما يأتي منّا من أوامر بأجمعها يلتزم بها وما جعل منّا من نواهي ينتهي عنها جميعاً أولئك هم شيعتنا.