المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: تؤكد على ضرورة إصلاح المنظومة الأخلاقية في المجتمع..
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا:
تؤكد على ضرورة إصلاح المنظومة الأخلاقية في المجتمع..
أكدت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أن هناك مجموعة من التصرّفات بدأت تدبّ في المجتمع دبيباً في بعض الحالات يكون بطيئاً، ونُفاجأ بأنّها أصبحت حالة اجتماعيّة، ولعلّ المنظومة الأخلاقيّة التي نريد أن نبيّنها هي منظومة تستعمل اصطلاح العيب. جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف اليوم الجمعة (16رجب 1439هـ) الموافق لـ(13نيسان 2018م) وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزُّه) وهذا نصّها:
إخوتي أخواتي، أودّ أن أعرض على مسامعكم الكريمة الأمر التالي:
الشعوب من حقّها أن تتفاخر بما عندها من موارد تستوجب الفخر، ولا شكّ أنّها تتفاوت في ذلك بمقتضى البيئة، النشأة، التربية.. وهذا البلد الكريم فيه أخلاق عديدة، فيه شجاعة وقد جرّبت في الفترة الأخيرة، وفيه كرم وقد جرّب في الفترة الأخيرة أيضاً، بالإضافة الى مواسم عاشوراء، وأيضاً فيه حميّة وفيه جود وفيه ما فيه من صفاتٍ حميدة جدّاً، لكن هناك مجموعة من التصرّفات بدأت تدبّ في المجتمع دبيباً في بعض الحالات يكون بطيئاً ونُفاجأ بأنّها أصبحت حالة اجتماعيّة، ولعلّ المنظومة الأخلاقيّة التي نريد أن نبيّنها هي منظومة تستعمل اصطلاح العيب، -لاحظوا- تارةً نتعامل مع مجتمع متديّن يسأل دائماً: هل هذا جائز أو حرام؟ فعندما يُجاب أنّ هذا حرام يجتنب، وعندما يُقال له إنّ هذا جائز فهو يمتلك الصلاحية في أن يفعل أو لا يفعل، وإذا كان المجتمع لا يلتفت الى قضيّة التديّن، أيضاً لابدّ من وجود مُصطلحات توقفه عن ارتكاب بعض الأفعال، ومن جملة هذه المصطلحات أنّ هذا الفعل عيب، والمقصود من العيب أنّ العُرف لا يقبل به، فإن كان العُرف لا يقبل به فإنّه سيجتنبه؛ لأنّه إذا فعل أمراً فيه عيب سيفتح عليه باباً والآخر أيضاً سيفتح عليه باباً ولا يرعوي، فهذا الفرد يحفظ الهيبة العُرفيّة من العيب فيُحافظ على نفسه ويحافظ على عائلته ويُحافظ على عوائل الناس، لكن عندما نفقد الجانب الشرعيّ في بعض الحالات، أنّ شخصاً لا يلتزم –مثلاً-، وبعض الحالات العرفيّة أيضاً أنّ الشخص لا يتقيّد بهذا العُرف، ماذا ستكون النتيجة؟ النتيجة ستكون أنّ هناك منظومة أخلاقيّة تبدأ بالتدنّي، وإذا بدأت المنظومة الأخلاقيّة بالتدنّي سنستحسن الخطأ.
سأذكر مثالاً: ما معنى الرشوة؟ هذه الرشوة لها موضوع شرعيّ واضح، أنّ الإنسان المؤمن المتديّن يسأل: يجوز أن آخذ الرشوة، فالفقيه يُجيبه بأن لا يجوز أن تأخذها وإن كان لديك عمل تؤدّيه فلا يحقّ لك أن تقبل الرشوة ولا أن تُرشى، وتارةً نأتي الى مجتمع يتكلّم بالرشوة باعتبارها أمراً معيباً، لماذا؟ يقول: الرشوة بمعناها المعيب عبارة عن هزّ لكرامة هذا الإنسان، أي أنّ هذا الإنسان عندما يقبل الرشوة ليست له كرامة، والشخص الذي يُعطي الرشوة أيضاً يقال له: إنّك ستشجّع الناس على التفسّخ الأخلاقي -في منظومة العيب أتكلّم وليس في منظومة الحلال والحرام-، فإنّ هذه المنظومة الأخلاقيّة وهذه المفردة إذا استحسنّاها بدأنا نستحسن الرشوة، ستنهار المنظومات الأخلاقيّة فيما بعدها، لاحظوا أنّه باب واحد، لكن هذا التي تهون عليه نفسه في أن يقبل الرشوة، ستهون عليه نفسه في أن يكذب، في أن يستعرض أعراض الناس، في أن لا يحترم الشارع وهيبة الشارع..!
مثلاً سأذكر مفردة أخرى، -لاحظوا- الآن الشوارع، العُقلاء، العُرف، المنظومة الأخلاقيّة، لماذا وُضعت الشوارع؟ حتّى يسلكها الناس، سواءً كانت شوارع السابلة أو السيّارات، هذه الشوارع قطعاً تحتاج الى آداب، عندما نسلك الشارع نحتاج الى أدب؛ لأنّنا لسنا الوحيدين في هذا الشارع، وإنّي عندما أتصرّف في الشارع أعكس التربية التي أنا تربّيت عليها، فعندما لا أكترث وفلان لا يكترث ماذا سيحصل؟ سيحصل أنّ هذه المنظومة الأخلاقيّة تبدأ بالانهيار، ثمّ تتفشّى هذه الحالة الى عموم المجتمع.
الأسر الكريمة كانت تتعاطى المودّة والمحبّة فيما بينها، وكان ربّ الأسرة يوصي أولاده بالجار خيراً ويوصي الجار بأهله أيضاً خيراً إذا سافر، هذه المنظومة الأخلاقيّة مبنيّة على مودّة ومحبّة وبراءة، الآن هذه المنظومة الأخلاقيّة بدأت تنهار، طفلٌ لا يبلغ الحلم يتجاوز على رجلٍ كبير ولا أحد يردّه..! سائق في الشارع يقطع الطريق ويتحدّث لا أحد يردّه..! أنا أتحدّث ليس على مستوى مؤسّسات دولة، أنا أتحدّث عن مجتمع مبنيّ على قضيّة، وأسس كريمة، وشجاعة.. لذا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإيّاكم من المتحلّين بالأخلاق الحسنة.. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين.