المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تحذّر من آثار وتداعيات ظاهرة البطالة على ‏المجتمع، وتؤكّد أنّها من المظاهر السلبيّة وتدعو لمعالجتها...‏‏

30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا تحذّر من آثار وتداعيات ظاهرة البطالة على ‏المجتمع، وتؤكّد أنّها من المظاهر السلبيّة وتدعو لمعالجتها...‏‏ ‏حذّرت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا بشدّة من آثار وتداعيات وسلبيّات ‏البطالة على المجتمع، مبيّنةً أنّ البطالة من المظاهر السلبيّة في ‏‏المجتمع، وكلّما كثر فيه البطالون زادت المشاكل، فهي عبارة عن ‏جرس إنذارٍ اجتماعيّ، فالبطالة خطرةٌ جدّاً، ولابُدّ من معالجتها بالحدّ ‏‏الذي نستطيع اجتماعيّاً معالجتها.‏جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة التي أُقيمت في الصحن ‏الحسينيّ الشريف ‏اليوم الجمعة (12رجب 1439هـ) الموافق لـ(30آذار 2018م) ‏وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزُّه) وهذا نصّها: ‏
‏ إخوتي أخواتي، أحبّ أن أتحدّث حول موضوعٍ أراه مهمّاً ألا وهو موضوع البطالة، ‏طبعاً مفردات البطالة كثيرة، لكن أنا أتكلّم مع ‏مفردة لها مصاديق اجتماعيّة في ‏موردين أساسيّين، ولعلّ البطالة تارةً نريد منها في الحديث أنّ هذا الإنسان بذل أهلُه ‏عليه أموالاً وبلغ ‏مبلغ الرجال وهم ينتظرون خيره -كما نقول- في أن يحصل على ‏وظيفةٍ معيّنة حتّى يُكمل مشروع حياته، لكنّه لم يتوفّق سواءً كان ‏السبب منه أو من ‏غيره سيأتي، فاجتماعيّاً نعبّر عنه هذا عاطل، أو عندما نُحصي البطالة نجعل هذا ممّن ‏يدخلون في رقم عدد ‏البطّالين، فهو لا يملك وظيفةً يعني لا يملك مرتّباً شهريّاً.‏
‏ وتارةً نطلق مصطلح البطالة على شخصٍ آخر، وهو يملك مرتّباً شهريّاً، ولكنّه لا ‏ينتج، يعني ليس له عمل، وأيضاً نقول هذا عاطل ‏عن العمل، ونعبّر عن هذه البطالة ‏‏–بطالة البعض- أنّها بطالة مقنّعة، ولكن واقعاً هي بطالة إذا قسناها مع العمل، ليس ‏لديه عمل ‏وعنده مرتّب لكنّه لا ينتج، أنا أتحدّث عن مسألة اجتماعيّة غير مرتبطة ‏بجهة.‏
الحالةُ الأولى طبعاً حالةٌ خطرة، الإنسان يأمل بعد أن يقطع شوطاً في الدراسة أن ‏يستقرّ بحالةٍ أخرى غير حالة الدراسة، ثمّ لا يجد ‏شيئاً من ذلك فيُصاب بالإحباط، وهذا ‏الإحباط خصوصاً إذا شاركه غيره في الإحباط أي كان له أصدقاء وزملاء مثله، هذه ‏حالة ‏الإحباط ستكون حالةً اجتماعيّة، وهذه الحالة ستولّد حالةً أخرى أخطر؛ لأنّ هذا ‏سيكون فقيراً، وإذا كان فقيراً في بعض الحالات أو إذا ‏لم تكن أيضاً روحه وقدرته ‏بمستوى كبير هذا الفقر سيولّد آثاراً أخرى، وسيكون هذا الفقير طعماً سهلاً لجهاتٍ ‏أخرى.‏
‏ فالبطالة من المظاهر السلبيّة في المجتمع والمجتمع كلّما كثر فيه البطّالون زادت ‏المشاكل، فهي عبارة عن جرس إنذارٍ اجتماعيّ، ‏أتحدّث عن قضيّة اجتماعيّة، مَن ‏المسؤول؟! جهاتٌ أخرى مسؤولة حكوميّة اقتصاديّة سياسيّة هذه مسألةٌ أخرى.‏
والحالة الثانية هو بطّال بلا إنتاج، وهذه أيضاً حالة من الحالات الخطرة، المال هو ‏ليس كلّ شيء ولكنّ المال بالمقدار الضروري ‏يعني بمقدار الكفاية المال ضروري، ‏فهو مقوّمٌ لحياة الإنسان، فإذا كان البطّال من النوع الثاني عنده المال ولكن ليس لديه ‏إنتاج سيشعر ‏بالملل وسيشعر بالتشاؤم، الإنسان الذي يُنتج يكون إنساناً متفائلاً ويكون ‏إنساناً يرى نفسه عنصراً مهمّاً في المجتمع، لاحظوا أنّ أمير ‏المؤمنين(عليه السلام) ‏ذكر هذا الشيء قال: (من تساوى يوماه فهو مغبون)، لاحظوا دقّة العبارة اليوم الأوّل ‏عن اليوم الثاني إذا ‏تساويا فالإنسان أخلاقيّاً في غبن، يُفترض أن يكون اليوم التالي ‏أفضل من اليوم الحالي.‏
فهذه البطالة ستولّد مجتمعاً متشائماً متكاسلاً جزءٌ منه شباب فيه طاقة وفيه همّة سواءً ‏بالبُنى الجسميّة أو البُنى الفكريّة، يرى نفسه ‏عاطلاً، ويرى أنّ الفرص مغلقة أمامه، ‏بالنتيجة هناك آثار سلبيّة ستحدث بسبب هذا، وأنا كما قلت البطالة تولّد حالةً من ‏الفراغ، ‏والفراغ قاتلٌ للإنسان، وهذا الفراغ حتى في الأدعية الإمام السجّاد(عليه ‏السلام) يقول: (إلهي إن قدّرت لي فراغاً فاجعله فراغ سلامة)؛ ‏لأنّ الإنسان الفارغ ‏يكون مشوّشاً تأتيه فكرة يُمنى وفكرةً يُسرى؛ لأنّه غير مستقرّ غير مشغول بشيء، ‏وهذه المسألة تنتج لنا إنساناً ‏فارغاً عقائديّاً وأخلاقيّاً.‏
‏ عمليّاً أنا أتحدّث عن الفراغ بما هو فراغ، ولذلك البطالة خطرةٌ جدّاً فلابُدّ من ‏معالجتها بالحدّ الذي نستطيع اجتماعيّاً أن نحلّ البطالة، ‏أحدٌ يسأل: كيف نحلّ البطالة ‏وبعض الأمور ليست في يدنا؟! صحيح، لكن أنا أقول: إنّ تشخيص المشكلة بداية ‏لحلّها، لابُدّ أن نفهم هل ‏البطالة اجتماعيّاً أمرٌ صعب؟ نعم.. البطالة الاجتماعيّة أمرٌ ‏صعب، لدينا كثيرٌ من المشاكل الاجتماعيّة سببها البطالة وكثير من ‏الانحرافات سببها ‏البطالة وكثير من التصرّفات غير المسؤولة سببها البطالة، البطالة عبارة عن أمر ‏خطير اجتماعيّاً.‏
‏ نسأل الله تعالى التوفيق والتسديد اللهم أرنا في بلدنا كلّ خير، وآخر دعوانا أن الحمد ‏لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمد وآله الطيّبين ‏الطاهرين..‏