مشروع معمل البلوك والمقرنص التابع للعتبة العباسية المقدسة خطوة رائدة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي
30-12-2018
احمد صالح
كثيرة هي المجالات التي دخلتها العتبة العباسية المقدسة بمختلف الجوانب، ولعل أكثر ما لاقى صيتاً كبيراً، هو ما تقوم به العتبة العباسية المقدسة من انجازات عمرانية سوف يدونها التاريخ بحروف من ذهب على الصفحات المشرقة لمدينة كربلاء المقدسة التي تفتخر بأهاليها ممن تصدوا لمهمة إعادة اعمار هذه المدينة المقدسة، بعدما عانت من إهمال كبير في مفاصل عدة، وخصوصاً في جانب انشاء المشاريع.
تميزت مشاريع العتبة المقدسة بسرعة إنجازها، واختصار الوقت بكل ما يمكن من طاقات بشرية ومادية متوفرة، فقد عمدت العتبة المقدسة الى أن تكون مشاريعها متكاملة بكل جوانبها، لاسيما في اطار تجهيز المواد الاولية المستخدمة في البناء، فمشروع الخباطة المركزية يعد انموذجا حيا في السعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، ليس هذا فحسب، بل جاءت الخطط والدراسات من اجل السعي نحو تحقيق هذا الهدف بشكل كامل، فكان نتيجته بأن تتولد فكرة انشاء معمل خاص بصناعة البلوك والمقرنص، والذي يعد كمادة ضرورية وأساسية في المشاريع؛ ذلك أن الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة تسعى الى الارتقاء بمشاريعها العمرانية التي أخذت مساحة واسعة، وأصبحت محط رحال الشركات المحلية والأجنبية التي تمتلك مشاريع استثمارية ليس في مدينة كربلاء المقدسة وحسب، بل في عموم محافظات القطر... ولعل السبب في نجاح مشاريع العتبة المقدسة هو العمل وفق آلية منظمة، تستند على اسس علمية.
ومن اجل الوقوف على هذا المشروع المهم، صدى الروضتين تابعته، وكان لها لقاء مع المهندس (ضياء مجيد الصائغ)، رئيس قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة، فتحدث قائلاً:
يعد هذا المشروع من المشاريع المهمة والذي باشرت بإنشائه العتبة العباسية المقدسة، من أجل دعم حملة الاعمار التي تقوم بها العتبة المطهرة، والسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال انشاء المشاريع الخدمية المختلفة.
من جانب آخر، العمل على الارتقاء بصناعة المواد الإنشائية في محافظة كربلاء المقدسة بصورة خاصة، والبلد على وجه العموم. كما أن الدخول في هذا الجانب من الصناعة يكون خطوة نحو زيادة الطاقة الانتاجية للمواد الانشائية، وسدّ حاجة السوق المحلية منها، وبجودة عالية وأسعار تنافسية، فجاءت مبادرة العتبة العباسية المقدسة بإنشاء معمل متكامل بخطوط إنتاجية مختلفة لمادة البلوك الأسمنتي المجوّف.
مؤكداً: يأتي انشاء هذا المعمل ليكون اضافة نوعية في عدة مجالات أهمّها: سد النقص الموجود في إنتاج الطابوق الطيني، وإنتاج نوع من الطابوق الذي يقاوم الملوحة والرطوبة بعد ادخال المنتج عدة مراحل.
وتأتي هذه الخطوة؛ نظرا لارتفاع نسبة الملوحة في التربة، اضافة الى قيام وزارة البيئة بملاحقة اكثر المعامل لآثارها السلبية على البيئة.
ومن الامور التي تهيأت لإنشاء هذا المشروع، هو توفر اهم عوامل نجاح أي مشروع وهي المواد الأولية، حيث ان كل المواد الاولية المطلوبة في انتاج البلوك متوفرة داخل المحافظة.
كل تلك العوامل ادت الى تولد فكرة انشاء هذا المعمل المتطور والمتكامل لإنتاج البلوك والأرصفة بمختلف الأحجام والقياسات، وبتوجيه ودعم مباشر من قبل سماحة السيد الأمين العام للعتبة العباسية المقدسة.
جاءت الخطوة الأولى بتشكيل لجنة مختصة قامت بتحديد مسارين لتنفيذ العمل وهما: التعاقد مع شركات عالمية لها خبرة كبيرة في هذا المجال، بعد ذلك شراء المكائن والمعدات من تلك الشركات، ليبدأ بعدها العمل على تهيئة موقع المشروع. وجاءت المرحلة الأولى برفع الأنقاض، وتهيئة الأرض في موقع الخباطة المركزية، وبعد شراء المعمل ورفع الانقاض وتهيئة الأرض، تم المباشرة بأعمال صب الأسس للمكائن والمسقفات، بالتزامن مع مرحلة انجاز التصاميم النهائية، وإعداد الكشوفات الخاصة بالعمل، لتنتهي أعمال الأسس والهيكل الحديدي للمسقف والذي تبلغ مساحته (1620م2) وبكوادر الموقع.
وفي هذه الفترة، كانت هناك متابعة لسير انتاج المعمل بكافة أجزائه قبل نقله الى موقعه في الخباطة المركزية التابعة للعتبة المقدسة في مراحل الفحص النهائية للإطلاع ميدانياً على مراحل تقدم الانتاج.
ولغرض ترتيب اعمال الشحن الى كربلاء فور انتهاء اعمال التصنيع، تم ايصال اجزاء المعمل فور انتهاء الاعمال المدنية التي تعيق اعمال التنصيب لغرض المباشرة فورا بأعمال التنصيب بعد استقبال الفريق الفني، وتهيئة كافة مستلزمات اقامته. وقد تم تنصيب بعض الأجزاء الرئيسية والحساسة مباشرة من شاحنة النقل الى موقع التنصيب، وانجاز العمل في فترة قياسية.
ومن الجدير بالذكر ان انشاء المعمل واستيراد المكائن كان بفترة قياسية والذي يوعز الى سرعة انجاز المعمل بالكامل في مدة لم تتجاوز السنة الواحدة. والأمر الثاني هو تقليص كلف الأعمال المدنية بفضل الاعتماد على كوادرنا في موقع الخباطة المركزية في تنفيذ العمل، وخاصة المسقف الخاص بالماكنة الرئيسية.
اللقاء الآخر كان مع (المهندس عادل مالك) المشرف على المشروع، ليتحدّث عنه قائلاً:
المعمل ألماني المنشأ، ينتج أنواعاً مختلفة من البلوك، النوع الأول (HBL-5) بوزن (23.300كغم) وبأبعاد (400×200×200ملم) وبتركيب (25ملم) وهذا النوع يُستخدم للبناء الأرضي. أما النوع الثاني (HBL-4) بوزن (15كغم) وبأبعاد (400×150×200ملم) والتركيب (STON). والنوع الثالث (HBL-3) بوزن (17كغم) وبأبعاد (400×150×200ملم) والتركيب (25ملم). والنوع الرابع (HBL-1) بوزن (11كغم) وبأبعاد (400×100×200ملم) والتركيب (25ملم) يُستخدم للتقطيع الداخلي.
وبالإمكان إضافة أنواع أخرى وحسب ما تقتضيه أعمال المنشأ؛ لأنّه يمكن تغيير أي قالب في المعمل، فكلّ قالب خاص بمنتج معين.
وأضاف: يتميّز المنتج بمميّزات فنية وهندسية عالية ومطابقة للمواصفات العالمية، بدءاً من الخلطة الخرسانية المتجانسة الخاصة به من خلال نسبة خلط المواد (الأسمنت والحصى والرمل)، والتي تتمّ وفقاً لمعايير متبعة في هذا المجال، وباستخدام أحدث التقنيات البرمجية المستخدمة في هذا المجال.
ومن هذه المميزات، أنّ قوة الانضغاط المسلّطة عليه والتي يتحمّلها تتراوح بين (8 و9 نت/المتر المربع) على اعتبار الانضغاط الطبيعي هو (7 نت)، وقوة انضغاط أخرى بمعدل (5,7 نت/المتر المربع) والانضغاط الطبيعي هو (5 نت/المتر المربع) وهذا حسب نوع المنتج.
كذلك يتميّز بقوة تماسك عالية، ودقة مقاسات متناهية، كذلك باستطاعة المعمل الإيفاء بالعقود الكبيرة وبوقتٍ مثالي، فضلاً عن قدرة المعمل على إيصال المنتجات إلى مواقع العمل من حيث النقل والتحميل، كذلك إمكانية تجهيز دوائر الدولة والقطاع الخاص بالكميات المطلوبة ذات النوعية الجيدة، والخاضعة للفحوصات المختبرية.
وأوضح: لغرض السيطرة ومتابعة الفحوصات المختبرية، قمنا بإنشاء مختبر موقعي لفحص المواد المنتجة يشرف عليه كادرٌ متخصص، والذي أثبت كفاءة المنتج وفقاً لمقاييس الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية.
وتابع المهندس عادل قائلاً: باعتبار ان الصيت الذي اخذته العتبة العباسية المقدسة في جل مشاريعها المختلفة والتي اثبتت جودة كبيرة وفائدة اكبر ألقت بظلالها على ارض الواقع، ففي هذا المعمل ينتج كل انواع البلوك المستخدم.
ومن اجل التوسع اكثر، تم وضع دراسة وخطط من قبل الكوادر العاملة لتكون هنالك انواع اخرى من مادة البلوك التي تمتاز بجودتها، حيث انتج المعمل نوعا جديدا غير متوفر في السوق المحلية من البلوك، والذي يمتاز بخفته وسهولة استخدامه، وهذا النوع لا يختلف من حيث المكونات والشكل عن البلوك الاعتيادي، فهو بنفس الاشكال والأحجام، ولكنه يختلف في وزنه، رغم كونه ذا جودة كبيرة، فالمادة المستخدمة فيه صنعت خصيصا لهذا الغرض، وهي ألمانية المنشأ وتسمى بمادة (اليكة) وهي مادة طينية تستخدم في صناعة البلوك، ولكنها تدخل مجموعة من المختبرات الكيمائية، وايضا افران بدرجات حرارة معينة، لتخرج بشكلها النهائي الذي يشبه الحصى الناعم المستخدم في صناعة البلوك العادي.
وجاءت تسميتها نسبة الى المصنع الموجود في ألمانيا، وهذه المادة يتم تصنيعها ايضا في الجمهورية الاسلامية الايرانية، فكان لنا ان نطلع على المصنع الذي ينتج هذه المادة، وأيضا مادة البلوك التي تدخل في صناعته، وقد وضعت الخطط والدراسات من اجل استحداث هكذا معمل في موقع الخباطة المركزية.