المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا: نحتاج الى قادةٍ تُتاح لهم الفرصةُ لأداء التغيير...
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا:
نحتاج الى قادةٍ تُتاح لهم الفرصةُ لأداء التغيير... أكّدت المرجعيّةُ الدينيّةُ العُليا أنّ التغيير المجتمعي والسياسيّ والإنساني قد يستغرق عشرات السنين، ويجب عدم اليأس وامتلاك الإرادة ولابُدّ من توفّر القيادات الصالحة القادرة على هذا التغيير. جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف هذا اليوم (6 جمادى الأخرة 1439هـ) الموافق (23 شباط 2018م) والتي كانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزّه) وهذا نصّها: أيّها الإخوة والأخوات.. الإسلام حثّ الإنسان بشدّة فرداً ومجتمعاً على أن يتحرّك للتغير دائماً في كلّ سني حياته.. فلا يصحّ هنا للفرد سواء في علاقته مع الله تعالى أو في أوضاعه الأخرى أن يقف مكتوف الأيدي فرداً ومجتمعاً، أمام الحالة التي يمرّ بها الفرد أو المجتمع، في كلّ شيء يُطلب منه التغيير الدائم، تارةً من السيّئ الى الحَسِن أو من الحسن الى الأحسن فالأحسن.
الإسلام هكذا يقول: لا يصحّ لك أيّها المجتمع، وأيّها الفرد أن تمرّ بأوضاعٍ ووضعٍ سيّئ وغيرُك يتقدّم ويتطوّر ويرتقي وأنت في هذا الوضع، إمّا في وضعٍ سيّئ أو في وضعٍ تُراوح في مكانك، لا تنتظر من الغير أن يأتي التغيير منه.
بيّنّا أنّ انطلاق التغيير إنّما يبدأ من النفس فرداً أو مؤسّسةً أو مجتمعاً، الإسلام يحثّ على التغيير الدائم، لذلك ورد في الحديث الشريف الذي ينبغي أن نأخذه كمبدأ ونظريّة في مسألة كيفيّة تغيير الأحوال: "من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يومَيْه خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يومَيْه شرُّهما فهو ملعون، ومن لم يرَ الزيادة في نفسه فهو الى النقصان، ومن كان الى النقصان فالموت خيرٌ له من الحياة".
الله تعالى يقول للإنسان أنا أعطيتُك عقلاً وإمكانات وقدرات، أنا أريد منك أن تتقدّم وترتقي وتتطوّر.. هل التغيير أمرٌ سهلٌ وبسيط أم يحتاج الى منهج؟! إن لم نتّبع هذا المنهج لا يُمكن أن نتطوّر ونرتقي ونُعالج الأخطاء والإخفاقات والفشل في جميع المجالات، سواءً كان في مجالٍ عباديّ وفي العلاقة مع الله تعالى أو في مجالٍ مجتمعيّ.
قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ.." الله تعالى يقول: أنا أقدر أن أغيّر أحوالكم، لكن أنا كيف أعطيك الثواب؟! أنا وضعت منهجاً في الحياة وقوانين وأسباباً ونتائج، لابُدّ أن تتحرّك أنت وتبادر وأنا أُعينك وأُسهّل لك هذه الأمور وأوصلك الى المُبتغى، ولكن أنت عليك أن تبدأ أنت وتتحرّك والتحرّك من النفس.
في المحور الثاني، لابُدّ أن نرى ما هي متطلّبات التغيير ومقدّماته التي لابُدّ أن نُهيّئها.
كما بيّنتُ إخواني نحن نتحدّث عن مجالَيْن، مرّةً في مجال علاقتي مع الله تعالى أنا عندي زلّات وعثرات وأخطاء لابُدّ أن أغيّرها وأتدارك نفسي، أو أنا أراوح في مكاني لابُدّ أن أرتقي. هنا نحتاج الى مقدّمات فنبدأ:
أوّلاً: إيمان الفرد والمجتمع وقناعتهما بالأخطاء والعثرات:
هذه المشكلة الأولى، إخواني أنا كفرد لابُدّ أن تصبح عندي قناعة أنّني أخطأت وحصلت عندي زلّة أو معصية.. كما في مسألة التوبة، فأولى مراحلها أنّ الإنسان يقول أنا أخطأت، وأنا صدرت منّي معصية وزلّة وعثرة وظلم وتقصير بحقّ نفسي والآخرين ثمّ يبدأ التغيير والعلاج.
ثانياً: الإرادة والعزيمة:
التغيير قد يُواجه إرادة معطِّلة له؛ لأنّ التغيير قد يتصادم مع مصالح الآخرين، ويُحاولون أن يعطلّوا هذا التغيير، وقد يكون لهؤلاء الذين يُعارضون التغيير وتحويل الحال من السيّئ الى الحسن، لديهم قدرات وإمكانات يحاربون هؤلاء الذين يريدون الإصلاح..
ماذا نحتاج هنا؟! نحتاج إرادة وعزيمة وأملاً أنّ هذا التغيير لابُدّ أن يحصل، وقد يستغرق مدّةً طويلة، البعض يضعف ويتراجع.. ولكن الذي يريد أن يغيّر لابُدّ أن تكون له إرادة تطول وتدوم، وعزيمة على الوصول الى الهدف والثقة بالله تعالى والثقة بالنفس. ثمّ بعد ذلك لابُدّ من توفّر القيادات الصالحة والقادرة على التغيير، ولابُدّ من وجود المنهج للتغيير.
بحمد الله تعالى القيادات متوفّرة وكثيراً ما يتأثّر الإنسان بالمنهج الإصلاحي وبقادته أكثر من المنهج، القلّة من الناس هم الذين يتأثّرون بالنظريّة والمنهج والفكر، الأكثر من الناس يحتاجون قادةً يرون فيهم هذا المنهج يُطبّق ويرون فيهم هذه السيرة الحسنة والقدرة على أن يقودوا حركة التغيير الى آخر العُمر.
كلّ واحدٍ لابُدّ أن يشخّص ما هي نسبة الفشل والأخطاء لديه ثمّ بعد ذلك على ضوء هذا التشخيص يبدأ هو بالتغيير ويساعد ويتعاون مع الآخرين ثمّ التحرّك للتغير كلٌّ من موقعه، وحينئذٍ سيكون التغيير عامّاً وشاملاً.