المرجعية الدينية العليا.. تحث الفرد والمجتمع على تغيير أوضاعهم وأن انتظار الآخرين للقيام بذلك حالة خاطئة
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعية الدينية العليا..
تحث الفرد والمجتمع على تغيير أوضاعهم وأن انتظار الآخرين للقيام بذلك حالة خاطئة وسلبية...حثت المرجعية الدينية العليا الفرد والمجتمع على تغيير أوضاعهم، مبينةً أن من الخطأ أن نطالب الآخرين بالقيام بالتغيير للفرد والمجتمع. جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم (22 جمادى الأولى) الموافق (9 شباط 2018م) والتي كانت بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) هذا نصها:أيها الاخوة والاخوات نتعرّض في الخطبة الثانية الى منهج التغيير المجتمعي في الإسلام وسننه.. هذا الموضوع الطويل الذي يستغرق عدة خطب، ولكن له أهمية كبيرة في حياتنا كأفراد ومجتمع..
أود أن أبين مقدمة في معنى التغيير المقصود وضرورة هذا التغيير، ثم نذكر محاور متعددة في ذلك..
إن الفرد معرّض في حياته للوقوع في الكثير من الأخطاء والزلل والعثرات والمعاصي او ربما يتبنى مواقف خاطئة ومنهجاً ثقافياً وعقائد غير صحيحة، او تكون لديه ممارسات وسلوكيات خاطئة.. دوام هذا المنحى في حياة هذا الفرد يعرّضه الى مشاكل ومحن، وقد يعرّضه الى التعاسة والشقاء الطويل وقد يؤدي به في النتيجة الى الهلاك في الدنيا والآخرة..
أحياناً تتسع هذه الممارسات الفردية، وتكون لدى هذا المجتمع كثير من الأخطاء والزلّات والعثرات والممارسات والسلوكيات الخاطئة كتبنّي مواقف غير صحيحة أو تبنّيه مناهج خاطئة او الاعتقاد بأفكار وثقافات خاطئة او لديه عادات وتقاليد تهدد أمنه الاجتماعي والمؤسساتي بصورة عامة، سواء كانت هذه المؤسسات مجتمعية خدمية سياسية اقتصادية زراعية، وغيرها من المؤسسات العامة.
والتاريخ مليء بالشواهد على ذلك مما قد يؤدي تراكمها بالنتيجة الى أن يقع المجتمع في حالات من الفوضى والمشاكل ويؤدي الى تعاسة وشقاء لدى افراد كثيرة من المجتمع..
فما هو الموقف هنا؟ -وهو جوهر حديثنا الآن ومحوره- إنّ كثيراً من أفراد المجتمع ينتظرون من الآخرين أن يقوموا بعملية التغيير ونقل الفرد والمجتمع من الحالة السيئة الى الحالة الأحسن وهم لا يحركون ساكناً.. ما هو المطلوب تجاه هذه الحالة؟
والفرد والمجتمع يعيش حالة من الركود والرتابة والنمطية، حالة ثابتة لا تتطور وتتقدم.. مع أن المجتمعات تتقدم وتتطور وتعيش حالات أفضل بمرأى من الأعين.
أراد الله سبحانه وتعالى من الفرد والمجتمع ومؤسساته أن لا يبقوا على هذه الحالة التي ذكرناها من ركود ورتابة ونمطية. ولابد أن تُجرى عملية التغيير فرداً ومجتمعاً، وأن تكون هناك ارادة للتغيير.
إن الارادة السماوية تقول: أيها الانسان أعطيتك عقلاً، واعطيتك قدرة على التفكير والتحليل والابداع وانزلت اليك الكتب السماوية التي تبين لك صلاحك فرداً ومجتمعاً، وأرسلت اليك الانبياء، وأرسلت اليك القادة، وأعطيتك القدرة على التغيير فعليك أن لا تبقى في هذا الحال، وعليك أن تتحرك للتغيير، فالحالة السيئة والراكدة تغيّرها نحو الأفضل.
ويتبادر السؤال هنا: كيف نتحرك نحو التغيير بحيث نحصل على النتائج..؟ هنا علينا أن نرجع الى القرآن والأحاديث الشريفة؛ لكي نستسقي المنهج الصحيح للتغيير.. فهناك كنوز ثمينة وردت في الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي ترشدنا الى ذلك وبينت خطورة البقاء على الحالة السيئة الراكدة.
وهناك حديث يتضمن مجموعة من النظريات الصحيحة التي تلفت نظر الانسان كفرد ومجتمع الى الحالات التي ذكرناها، وضرورة التغيير في حياة الانسان وهو مقسَّم على مقاطع.
فقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام : "من استوى يوماه فهو مغبون, ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط, ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون, ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو الى النقصان, ومن كان الى النقصان فالموت خير له من الحياة".
ومن الجدير بالذكر أن اليوم المقصود به في الحديث ليس اليوم الواحد ومما متعارف به بـ(24 ساعة)، بل المقصود هو المقطع الزمني من حياة الانسان، فيكون المقصود تارة يوماً وتارة اسبوعاً وتارة شهراً وتارة سنة.
إن الغبن هنا يكون في الامرين العلاقة بالله تعالى والحالة المجتمعية التي نعيشها والحالة الصناعية والحالة الزراعية والحالة الطبية والخدمية والاسرية.. فترى المجتمعات تتقدم وتصبح افضل وترى المجتمع الاخر يراوح في مكانه..
على الانسان فردا ومجتمعا أن يقيم حالته باستمرار لينظر في أي تصنيف هو من هذه التصنيفات في هذا الحديث.
يقول الامام عليه السلام : "ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط"، هذه هي الحالة الافضل، فترى هذا المجتمع او الفرد في هذه السنة مثلاً افضل من السنة الماضية او في هذا الشهر افضل من الشهر الماضي وفي جميع الأمور، وأصبح افضل عبادة وسلوكاً وعملاً ومتبنيات.