المرجعية الدينية العليا: من أهم أسباب الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين هو حب الدنيا والطمع والجش
30-12-2018
شبكة الكفيل العالمية
المرجعية الدينية العليا:
من أهم أسباب الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين هو حب الدنيا والطمع والجشع والتوسع في الملكية والنفوذ والسلطة... بينت المرجعية الدينية العليا أن أهم أسباب الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين هو حب الدنيا والطمع والجشع والتوسع في الملكية والنفوذ والسلطة، فلابد أن نتحاشى الظلم؛ لأن عاقبته غير حميدة. جاء ذلك خلال الخطبة الثانية من صلاة الجمعة المباركة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (15جمادى الأولى 1439هـ) الموافق (2شباط 2018م) وكانت بإمامة سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزُّه) وهذا نصُّها:اخوتي واخواتي أعرض على مسامعكم الكريمة الآيتين المباركتين التي ذكرهما الله في سورة غافر، وهما الآية السابعة عشرة والآية الثامنة عشرة، قال الله تعالى: "الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ" كعادة القرآن الكريم أن يتحدث عن أمور ستقع ومن أصدق من الله قيلا، وهذه الامور التي ستقع في الاخرة الى الان لم يحن وقتها بالنسبة لنا ولا نعلم متى ينتهي هذا الاجل الذي ضُرب لنا، إذ لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
عندما يتحدث القرآن الكريم عن هذا المصير، فهناك اكثر من نكتة في هذا الموضوع ويريد ان ينبهنا وان يعظنا، وأن نزداد علماً حتى نزداد عملاً، ويريد منا ان نطلع، وهذا الاطلاع نحصل به على درجة من اليقين والاطمئنان حتى نعمل لذلك.
بعض أهل الورع والتقوى عندما يريدون أن يصفوا أهل البيت (عليهم السلام) يصفونهم وكأنهم في دار الآخرة مع أنهم ليسوا في دار الآخرة –في حياتهم- لكن الشوق لدار الآخرة جعلهم يتحسسون نعيم الجنة، كما هو الحال للإنسان المؤمن عندما يتحسس نعيم الجنة ولفحات جهنم والعياذ بالله، فيعمل لهذه ويبتعد عن هذه.
مسألة الظلم هذه الرذيلة والصفة الذميمة، يدركها العقل ويرى أن الظلم قبيح، لكن قبل ذلك يجب علينا أن نعرف معنى الظلم والظالم، فالظلم سلب حقوق الآخرين، والظالم هو من يقوم بذلك، فللإنسان حقوق كثيرة منها: حق الاعتقاد، وحق العمل، وحق التملك للسكن وغيرها من الحقوق.
ولا شك أن هناك ظالماً وظَلًّاما ومن هو أظلم، فالظلم من الصفات التي تقبل الزيادة والنقيصة أي صيغة التفضيل، كما تقبل صيغة المبالغة، كما يقال هذا انسان طويل وهذا اطول، والـ(اطول) هو صيغة التفضيل، فهذا ظالمٌ وهذا اظلم بل قد يكون ظلّاماً وهذا كثير الظلم يصدر عنه ظلم بعد آخر.
من ابشع حالات التجاوز على الاخرين هي حالة الظلم، فيبقى المظلوم يعيش حالة من الكبت والألم؛ لأن حقه قد سُلِب، ولا يستطيع أن يرجعه، ومن أهم أسباب الظلم والتجاوز على حقوق الآخرين هو حب الدنيا والطمع والجشع والتوسع في الملكية والنفوذ والسلطة، فعند وجود أناس مسخرين لديه يظن أن لا أحد يستطيع ردعه عن ظلمه، فيقوم بظلم الآخرين لا سيما الضعاف.
إن الشريعة الاسلامية والشرائع السماوية وكذلك الأرضية تشير الى الظلم بعبارات سيئة، لتبين مدى قبح هذه الحالة.
يقول القرآن الكريم: "الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ" أي: إن الدنيا ليست دار حساب، فالحساب يكون في يوم الآخرة، وإن الله تعالى بالمرصاد، ثم يقول: "لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" أي إن الله تعالى تبنى الموضوع كإشارة الى عالم الدنيا، وعالم الظلامات.
يأتي هنا التساؤل: لماذا لا ينتقم الله سبحانه وتعالى من الظالم؟ لكن في الواقع هو سريع الحساب، وبمضيّ الايام والليالي وينزل الانسان الى حفرته التي لابد منها، ثم ينفخ في الصور، ونرى بعد لحظات كيف تكون الظلامات وكيف يكون حال المظلوم؟ إذ سينقطع كل شيء في ذلك الموقف، ويكاد بالإنسان أن ينخلع قلبه من شدة الهول.
وقال: "مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ؛ لأن الشفاعة لا تكون لظالم، فهي لا تكون الا لمستحقٍ لها، وقد يحسب الظالم ان ما يفعله من حقه، وقد يتسبب في ذلك الحاشية التي تحيط به، إذ إن لكل ظالم حاشية ترعى مصالحها ومصالح الظالم نفسه، فهو لا يعلم ما سيكون مصير الظالمين خصوصا الذي يظلم الضعاف، وحتى في داخل الأسرة يكون هناك ظالم، وفي العمل وفي الموقع السياسي والاقتصادي وغيرها.
نسأل الله تعالى ان يوفقنا جميعاً إلى ما يحب ويرضى، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.