أقامت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة حفلها القرآني السنوي الثالث لطلبة الجامعات والمعاهد العراقية

30-12-2018
علاء سعدون
ضمن مشروع فتية الكفيل الوطني أقامت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة حفلها القرآني السنوي الثالث لطلبة الجامعات والمعاهد العراقية

سعياً منها لنشر ثقافة القرآن الكريم، وتمسكاً بكتاب الله وعترة النبي الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم ، أقامت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة - للسنة الثالثة على التوالي، وضمن مشروع فتية الكفيل الوطني، وبالتعاون مع معهد القرآن الكريم - المحفل القرآني السنوي في الصحن العباسي الشريف، والذي شهد حضوراً كبيراً ومنوعاً من طلبة الجامعات والمعاهد العراقية، وبعض الأساتذة ومسؤولي العتبة المقدسة، والسيد محافظ كربلاء المقدسة، وبمشاركة نخبة من قراء العتبات المقدسة الدوليين.
استهل المحفل المبارك بتلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوت القارئ الدولي السيد (حيدر جلوخان)، أعقبتها كلمة الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة والتي ألقاها فضيلة السيد (مضر القزويني) مبتدئاً بقول الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم : (... إذا التبست عليكم الأمور كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع، وصادق مصدق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو أوضح دليل إلى خير سبيل) (بحار الأنوار: ج74/ ص177).
مبيناً: إننا نعيش في عصر أحوج ما نكون فيه إلى التمسك بالقرآن الكريم ومنابعه الصافية، وأن ننهل من معينه المتدفق، فهو كتاب هداية ورشاد، خصوصاً مع ما نعيشه من فتن ومصائب، فالكفر قد جند كل أساليبه الخبيثة، واستنفر كل طاقاته، وأبدع في أحاديث يصطاد من خلالها البسطاء، وبعض من لم ينتم إلى مدرسة القرآن الكريم أي مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، فبهذين النورين نصل إلى السعادة والحياة الطيبة، شريطة أن نطبق تلك المبادئ السامية بشكل عملي على أرض الواقع، وأن نجسدها فعلاً وسلوكاً.
مضيفاً: إن أمير المؤمنين عليه السلام وفي وصيته الأخيرة للمسلمين يقول: (الله الله في القرآن، فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم) (بحار الأنوار: ج42/ ص249). إذن، فأمير المؤمنين يؤكد على ضرورة العمل بكتاب الله العزيز، فمن المعيب على الإنسان أن يحفظ أو يقرأ القرآن ولا يطبقه ويعمل به، بل هذا الأمر من المصائب، فنرى البعض يقرأ القرآن وهو أبعد ما يكون عنه في العمل والسلوك.
موضحاً: إن القرآن الكريم أرسى كل القيم الإنسانية العالية، فهو يدعو إلى احترام الآخرين وصون حقوقهم، وكذلك يدعو إلى الوحدة والتماسك والمحبة والصلاح، أما من يعمل بخلاف ذلك فهو ممن وصفهم الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم : (ربّ تال القرآن والقرآن يلعنه) (بحار الأنوار: ج89/ ص184).
ويحدثنا التاريخ عن أمثالهم، فالحجاج (لعنه الله) كان يحفظ القرآن، ولكنه فعل ما فعل من جرائم بحق الإسلام والمسلمين، ومن أمثاله كثيرون لازالوا موجودين في زماننا الحاضر، فرسولنا الكريم وأهل بيته الطاهرون عليهم السلام يريدون لنا أن نعمل بالقرآن ونطبقه مع حفظه وتلاوته، فالقرآن شافع لحملته يوم القيامة، وتقبل شفاعته، و(ماحل مصدق): أي المدافع عن صاحبه يوم القيامة، وقد جاء في الحديث عن ابن مسعود (رضي الله عنه): (إن هذا القرآن شافع مشفَّع وماحِلٌ مصدَّق) جعله يمحل بصاحبه إذا لم يتبع ما فيه: أي يسعى به إلى الله تعالى، وقيل: معناه وخصم مجادل مصدق... فالذي يجعل القرآن نوراً وهادياً له سيوصله إلى الجنة، ومن يفعل العكس ولا يعمل بنور هذا الكتاب الهادي، فأن مصيره إلى النار.
والواجب علينا أن نقرأ القرآن قراءة واعية، وأن نعلم أننا المخاطبون به، فالتدبر بآية واحدة من شأنه أن يغير حياتك. إن القرآن الكريم كتاب ينبض بالحياة، وينسجم مع كل عصر، فهو ليس لزمان أو مكان واحد، بل لجميع العصور والدهور، وهذا ما بينه أبو عبد الله عليه السلام عندما سأله رجل: ما بال القرآن لا يزداد عند النشر والدراسة إلا غضاضة؟ فقال عليه السلام : (لأن الله لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة) (مسند الإمام الرضا عليه السلام : ج2/ ص22).
وهذا الشيء يشعر به قارئ القرآن وحافظه، فواجبنا أن نتعاهد كتاب الله تلاوة وتدبراً وتطبيقاً، فمن يفعل ذلك يكون من خيار الناس الذين يتعلمون القرآن ويعلمونه... وسيرة أهل البيت عليهم السلام تحثنا على ذلك، فالإمام الحسين عليه السلام في ليلة شهادته كان يرتل القرآن مع أصحابه وأهل بيته الكرام عليهم السلام ، فهم قد عرفوا القرآن، وضحوا بأرواحهم الغالية من أجله ومن أجل أن تطبيق قيمه ومبادئه السامية.
ثم أعقبت كلمة السيد (مضر القزويني) تلاوات عطرة بحناجر خدمة العتبات المقدسة ومن قرائهم الدوليين: (أحمد النجفي من العتبة العلوية المقدسة، وأسامة الكربلائي من العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، والقارئ رافع العامري من العتبة الكاظمية المقدسة) مسافرين بالحضور إلى فضاء المعرفة الحقة، وكلمات الباري العذبة، مع ما رسموه من مشاهد قرآنية نيرة بأدائهم المتميز.

صدى الروضتين حضرت الحفل، وأجرت بعض اللقاءات للوقوف على مزيد من التفاصيل، فكان أولها مع فضيلة الشيخ (جواد النصراوي) مدير معهد القرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة، فتحدث قائلاً :
إن الهدف من إقامة المحفل في هذ الوقت هو لتطبيق حديث النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم : (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي)؛ لأن الحسين عليه السلام مع القرآن والقرآن معه، وفي بعض الروايات التي نقلها لنا المؤرخون، أن الحسين عليه السلام كان يقرأ القرآن ورأسه على الرمح، فهناك تلازم موجود وترابط بين الإمام الحسين عليه السلام والقرآن الكريم.
بالإضافة إلى أن معهد القران الكريم في العتبة العباسية المقدسة يسعى دوماً إلى نشر ثقافة القرآن بين الأوساط والشرائح المختلفة في المجتمع، وكجزء مهم من المجتمع، كان من الضروري أن نستهدف شريحة الطلبة، فكان هذا الحفل السنوي هو نتاج الجهد الذي نبذله، ولله الحمد، ببركة أنفاس المولى أبي الفضل العباس عليه السلام وفي رحابه المقدس.
الأستاذ (عمر العلا الكفائي) مسؤول وحدة التنسيق والنشاطات القرآنية التابعة لقسم العلاقات العامة في العتبة العباسية المقدسة:
كما تشهدون اليوم وضمن مشروع فتية الكفيل الوطني تقيم الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة الحفل القرآني السنوي الثالث لطلبة الجامعات والمعاهد العراقية وكذلك المدارس، ولله الحمد كان الحضور والتفاعل مميزاً ومن عدة جامعات: (الكوفة، القادسية، كلية الدراسات الإنسانية للعتبة العباسية المقدسة...)، وبمشاركة نخبة من القراء الدوليين من عتباتنا المقدسة. وبهذا المحفل والأنشطة القرآنية الأخرى نهدف إلى نشر ثقافة القرآن الكريم في الأوساط الطلابية المختلفة التي تعتبر من أهم شرائح المجتمع.
مضيفاً: إن المحفل كان فيه مجموعة مشاركات أخرى إضافة لتلاوة القرآن الكريم، والتي منها كلمة قيمة لفضيلة السيد (مضر القزويني)، وبعض الموشحات الحسينية التي ختم بها المحفل.
الطالب (محمد أحمد) من جامعة الكوفة - كلية الطب:
عودتنا العتبات المقدسة وعلى الخصوص عتبات كربلاء على الكثير من الفعاليات والأنشطة الثقافية والدينية والمهمة، والتي منها ما نحضره اليوم وهو المحفل السنوي لتلاوة القرآن الكريم، ونحن سعداء جداً بهذه الاستضافة، ونشكر كل القائمين عليه من شعبة العلاقات الجامعية وغيرهم... وإن ما يزيد هذا المحفل بركة وتميزاً إنه في صحن المولى أبي الفضل العباس عليه السلام ، فلذا نسأل الله تعالى دوام هذه الأنشطة والمحافل المباركة، وأن يوفق العاملين عليها.
تختتم هذه البرامج والفعاليات المباركة، وتفتتح أخرى وأخرى... ببركة ونفحات المولى أبي الفضل العباس عليه السلام ، مستمدة الألق والتميز من هذه الرياض المقدسة أدام الله بقاءها وعطاءها.